بعد شهور من العزل المنزلي القسري، يسارع أوروبيون بلهفة إلى تحضير حقائب سفرهم ومستلزمات حمامات الشمس لقضاء عطلة صيف ما بعد كورونا. ومع رفع القيود، وفي وقت يبدو قطاع السياحة في وضع صعب، وضع الاتحاد الأوروبي خططا لإعادة فتح حدوده الداخلية يوم الاثنين. لكن حتى مع السماح بالسفر ضمن معظم دول الاتحاد الأوروبي، يتوقع أن يقضي كثير من الأوروبيين عطلاتهم داخل بلدانهم هذا العام. وتبقى الصورة العامة لما يتوقعه المصطافون الباحثون عن الشمس أو البحر أو التجارب الثقافية، متشابكة انطلاقا من إسبانيا وإيطاليا مرورا بفرنساوبريطانيا واليونان. إجازة في الوطن؟ في فرنسا، الوجهة السياحية الأولى في العالم، ستعتمد الحكومة على بقاء الفرنسيين في البلاد لقضاء عطلاتهم من أجل المساهمة في إعادة إنعاش قطاع السياحة المحوري. ولتوصيل الرسالة وتذكير الفرنسيين بما هو متاح داخل البلاد، تستعد السلطات لإطلاق حملة تحت عنوان "سأزور فرنسا هذا الصيف". ويبدو أن كثيرين استجابوا بالفعل للنداء. ووفقا لرئيس جمعية "إنتربريز دو فوايّاج" الفرنسية، التي تمثل قطاعات صناعة السفر، فإن 20 في المئة فقط من الحجوزات الصيفية في وكالات السفر حتى الآن مخصصة للرحلات إلى الخارج، مقارنة ب66 بالمائة في المعتاد. ومع ما يزيد قليلاً عن 90 مليون زائر من الخارج العام الماضي، استأنفت فرنسا السفر دون فرض حجر صحي مع بلدان الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الاثنين. لكن السلطات تؤكد أنها ستطبق مبدأ المعاملة بالمثل إذا فرضت دول أخرى شروط الحجر الصحي على المواطنين الفرنسيين. وبدأت باريس، المدينة الأكثر زيارة في أوروبا، في العودة تدريجياً إلى الحياة مع فتح شرفات المقاهي مرة أخرى. كما سيُعاد فتح برج إيفل في ال 25 من الشهر الجاري بقيود على عدد الزوار الذين سيكون لزاما عليهم في البداية صعود النصب عبر السلالم فحسب، من بين قيود أخرى. وسيكون من الممكن مشاهدة لوحة موناليزا والأعمال الفنية الأخرى مجددا في متحف اللوفر اعتبارا من 6 يوليو. الألمان إلى إسبانيا وستظل حدود إسبانيا مغلقة يوم الاثنين بينما تمر بالمراحل النهائية لإنهاء بعض أكثر إجراءات الإغلاق صرامة في العالم، على الرغم من أنه سيتم السماح للسياح الألمان بزيارة جزر البليار كجزء من مشروع تجريبي. لذلك، ولبضعة أسابيع أخرى، سيكون بإمكان الإسبان الاستفراد بالمواقع السياحية في بلدهم. لكن اعتبارا من 1 يوليو، سيعاد فتح أماكن الجذب السياحي المشهورة، مثل كنيسة "ساغرادا فاميليا" في برشلونة وقصر الحمراء في غرناطة، للزوار الأجانب. وحددت السلطات في مدريد هذا الموعد لفتح حدودها واستئناف السياحة الدولية، وكذلك إنهاء الحجر الصحي للوافدين. ونظرا لأن السياحة تمثل 12 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، فمن الصعب تصور موسم صيفي في إسبانيا بدون زوار أجانب. وشددت السلطات على أن الكمامات ستظل إلزامية في الأماكن العامة والمغلقة إلى حين القضاء على الفيروس. ووسط كل ذلك، حصلت الحياة الليلية الصاخبة في إيبيزا على دعم واضح. وسيُسمح لجزر البليار الإسبانية، التي تضم مايوركا ومينوركا، باستقبال ما يقرب من 11000 سائح ألماني خلال النصف الثاني من الشهر الجاري، في إطار المشروع التجريبي. وقالت سلطات المنطقة إنه سيتم قياس درجة حرارة المسافرين لدى وصولهم بموجب البرنامج، الذي سيطبق وفقا ل"إرشادات صحية صارمة". مرحبا بكم في الحجْر! ولا تهتم بريطانيا بخطوة إعادة فتح السياحة يوم الاثنين؛ إذ إنها لم تغلق حدودها في المقام الأول. ومع ذلك، فرضت الحجر الصحي لمدة 14 يوما على جميع الوافدين من الخارج، بمن في ذلك الرعايا البريطانيون، لتجنب إصابات جديدة بوباء "كوفيد-19" في البلد الذي سجل أعلى حصيلة وفيات في أوروبا بناء على الأرقام المعلنة. ومن المرجح أن تضر هذه الخطوة بالسياحة من الخارج، حيث من غير المحتمل أن يتدفق السياح الأجانب إلى نقاط الجذب السياحي المشهورة بينما يُطلب منهم عزل أنفسهم لمدة أسبوعين. ومن ناحية أخرى، ذكرت الحكومة البريطانية أنها تتطلع إلى إنشاء "جسور جوية" مع دول سجّلت عددا منخفضا من الإصابات بالفيروس. وتنشد الخطوة اتفاقات ثنائية مع دول بعينها بحيث تلتف على متطلبات الحجر الصحي. وحتى من دون هذا الإجراء المثير للجدل، يظل السفر إلى بريطانيا سيفا ذا حدين، حيث ما تزال حجوزات الفنادق غير مطروحة ما لم تكن لأسباب تتعلق بالأعمال التجارية، بينما ما تزال المطاعم والمواقع السياحية مغلقة كذلك. عطلة في روما مرحبا بكم في إيطاليا! كانت الجملة الأكثر ترددا على اللسان في البلد الأوروبي الأكثر تضررا جراء الفيروس. وبعد ثلاثة أشهر من العزل، أعادت إيطاليا فتح حدودها في الثالث من يونيو في سعيها لطي الصفحة وإعادة إحياء قطاع السياحة الرئيسي. وفي الواقع، تمت إعادة فتح العديد من المواقع والمعالم التاريخية الشهيرة عالميا منذ مايو، بما في ذلك كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان وكولوسيوم روما. لكن تماما كما هو الحال مع مراكب فينيسيا، بقيت المعالم السياحية هادئة في الوقت الحالي، حيث لم يزرها إلا حفنة من السياح الإيطاليين في الغالب. وفي وقت تشكل فيه السياحة 13 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي، تحرص السلطات على تسويق العلامة التجارية الإيطالية. ومع ذلك، بالكاد يمكن ملاحظة السياح الأجانب وهم يحملون بأيديهم المثلجات الإيطالية التقليدية على طول شوارع روما، وهو المشهد الذي لم تكن لتخطئه العين حتى الماضي القريب. ووافقت النمساوسويسرا قبل أيام على فتح حدودهما مع شمال إيطاليا، وهي خطوة تحمل مغزى كبيرا بسبب ممر برينر في جبال الألب على الحدود النمساوية الإيطالية، المحور الرئيسي لحركة المرور بين شمال وجنوب أوروبا، خاصة بالنسبة للسياح الألمان. إغلاق الموائد المفتوحة واعتبارا من الاثنين، سواء كنت في زيارة إليها من ألمانيا أو سويسرا أو ألبانيا، فإن الأكروبوليس والمياه الفيروزية للجزر اليونانية عادت إلى جدول الرحلة. وتخطط اليونان لإعادة فتح حدودها أمام غالبية السياح الأوروبيين، بالإضافة إلى أولئك القادمين من أجزاء أخرى معينة من العالم، بما في ذلك أستراليا واليابان ونيوزيلندا. مع ذلك، فإن أي شخص من منطقة تضررت بشدة من الفيروس سيضطر إلى الخضوع لاختبارات إلزامية وقضاء ليلته الأولى على الأراضي اليونانية في فندق محدد. ويشمل الإجراء القادمين من منطقة باريسومدريد و لومبارديا في شمال إيطاليا، من بين أماكن أخرى. وستتم إعادة فتح المطارين الرئيسيين في اليونان، مطار أثينا ومطار تسالونيكي، أمام القادمين من 29 دولة اعتبارا من الاثنين، وهو بداية الموسم السياحي. وبالنسبة لأولئك الذين سيتوجهون إلى شواطئ كورفو أو كريت على سبيل المثال، سيكون من الواجب حجز رحلة الطيران الداخلية أو القارب. كما ستتم إعادة فتح الروابط البحرية مع إيطاليا والحدود البرية مع البلقان يوم الاثنين. وعلى طول البلاد، سيتمكن السياح من الوصول إلى جميع مناطق الجذب السياحي في اليونان، بما في ذلك المواقع الأثرية والمتاحف، لكن في ظل نظام لترتيب عدد الزوار عند المدخل. وفي حين إن دور السينما في الهواء الطلق والملاهي الليلية والحانات مفتوحة بالفعل، وبينما يتوجب الحفاظ على المسافة الآمنة بين المظلات والمناشف الشاطئية، يبقى هناك جانب سلبي واحد؛ الموائد المفتوحة في الفنادق خارج النقاش.