ورقة أخرى بيد المسؤولين الجهويين لإثبات القدرة التدبيرية، رمتها سياقات كورونا في ملعب "المنطقة الأولى" التي استفادت من ظروف تخفيف استثنائية، وضعت كل مسؤولياتها بيد السلطات الجهوية، إلى حين اتضاح الصورة مجددا. ووضعت الخطة الجديدة جهات المغرب في أكبر تحد تدبيري منذ انطلاق ورش "الجهوية المتقدمة"، فهي المنوط بها اليوم تقدير الخطر ومحاصرة الوباء محليا. لكن رغم ذلك تبقى الخطوة محط انتقادات بسبب تغييبها للهيئات المنتخبة. وأقرت حكومة سعد الدين العثماني مسؤولية الولاة والعمال في تخفيف إجراءات الطوارئ، وذلك ضمن مشروع مرسوم 2.20.406، الذي صودق عليه الثلاثاء ضمن مجلس لها. ونص مشروع المرسوم على أنه يجوز لولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، كل في نطاق اختصاصه الترابي، أن يتخذوا في ضوء المعطيات نفسها كل تدبير من هذا القبيل على مستوى عمالة أو إقليم أو جماعة أو أكثر. وبالنسبة لكريم عايش، أستاذ باحث في العلوم السياسية، فالظرفية الحالية شكلت محكا حقيقيا أمام كل المتدخلين للاشتغال كل من موقعه للقيام بواجبه والتحلي بالمسؤولية الضرورية، لتحقيق الأهداف المرجوة، وهي محاربة الوباء والتحكم في الوضع. وأوضح عايش أنه كان لزاما على الحكومة إشراك السلطة المحلية، وهي الآلية التدبيرية المباشرة في تعاملها مع المواطنين، وقد نزلت بمختلف رتبها إلى الشارع وفق مقاربة القرب، وقامت بإشراك فعاليات المجتمع المدني مسخرة كل الطاقات المتوفرة للتوعية. وبإعلان حالة الطوارئ الصحية صار جليا حسب المصرح لجريدة هسبريس الإلكترونية أن الجائحة ستكون حقل اختبار حقيقي للمفهوم الجديد للسلطة، ولهامش الاشتغال المهم الذي تمنحه المقاربة الجهوية والإقليمية. ويتوقع الأستاذ الباحث بروز عراقيل تعيق عمل السلطات المحلية للسيطرة على الوباء في إطار الجهة، ثم الولايات والأقاليم، ومنها شساعة المساحة الجغرافية، وتعدد المنافذ البرية لكل مدينة وإقليم، ثم تنوع واختلاف مكونات كل جهة وعدم انسجام أنماط عيشها. "إضافة إلى صعوبة التحكم في المدن الكبرى جغرافيا واجتماعيا بسبب عدم انضباط الساكنة ومخالفتها القواعد الوقائية"، يقول عايش، مضيفا: "سبق أن طرح المجال الإداري لكل إقليم مشاكل في ما يرتبط بالرخص الاستثنائية ورخص العمل".