في تصريحات خطيرة يرتقب أن تصب الزيت على النار في العلاقات المغربية الجزائرية، خرج الناطق الرسمي باسم الرئاسة الجزائرية، اليوم الثلاثاء، باتهامات مثيرة في حق القنصل المغربي بمدينة وهران والذي جرى ترحيله إلى المملكة المغربية. وقال محند أوسعيد بلعيد، الوزير المستشار للاتصال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الجزائرية، إن بلاده طالبت فعلاً بترحيل القنصل المغربي أحرضان بوطاهر، بعد الجدل الذي أثير حول تصريحه وصف فيه الجزائر ب "البلد العدو". العداء الجزائري تجاه المملكة لم يقف عند هذا الحد؛ بل اتهم الناطق الرسمي باسم الجمهورية الجزائرية، في ندوة صحافية اليوم، القنصل المغربي في وهران بكونه "ضابط مخابرات". وقال محند أوسعيد بلعيد: "طلبنا بسحبه لأنه تجاوز حدود اللياقة، وأعراف الدبلوماسية.. وهذا تصرف لم يكن مستغرباً إذا علمنا أنه ضابط مخابرات عين كقنصل في وهران لأسباب أخرى، وهذه صفحة طويت في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين". وفي وقت تخوض فيه وكالة الأنباء الجزائرية حرباً يومية ضد مصالح المملكة، اعتبر الناطق الرسمي باسم الرئيس الجزائري أن بلاده "لا تريد أن تدخل في حملات إعلامية ضد الجزائر ومصدرها بلد شقيق المغرب". وبخصوص تدهور العلاقات بين الجزائروفرنسا، علق الوزير المستشار للاتصال الناطق باسم رئاسة الجمهورية شماعة الفشل على المغرب دون أن يذكره بالاسم، وقال إن "هناك لوبيات فرنسية معروفة وذات مصالح مرتبطة بأطراف موجودين في المنطقة تكن حقدا للجزائر". وأضاف المستشار الرئاسي أن هذه "اللوبيات لم تهضم استقلال الجزائر، وكلما ظهرت علاقة أحسن في الأفق ظهرت هذه اللوبيات للتشويش على كل خطوة بناءة". وتوترت العلاقات بين الجزائروفرنسا بشكل غير مسبوق منذ وصول الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى السلطة، حيث استدعت الجزائر سفيرها في باريس، احتجاجا على بث قناة تلفزيونية عمومية فرنسية فيلم وثائقي حول الحركة الاحتجاجية ضد النظام في الجزائر. وعلى إثر تداعيات هذه الأزمة، أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اتصالا هاتفيا مع نظيره الجزائري عبد المجيد تبون. ويرى الموساوي العجلاوي، أستاذ بمركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن تصريحات الناطق باسم الرئاسة تدخل في إطار توظيف ورقة المغرب لتسوية الخلافات الداخلية بالجزائر. وأضاف العجلاوي أن "الجزائر تريد استغلال عودة القنصل المغربي على أساس أنها انتصار دبلوماسي وحماية أمنية للجزائر من عدو مغربي، وهذا توظيف سياسي للمف لتوجيه الرأي العام الداخلي لا أقل ولا أكثر". ويشرح الخبير المغربي، في تصريح لهسبريس، أن الجزائر تبحث اليوم عن نصر دبلوماسي بعد انهزامها أمام الدبلوماسية المغربية في ملف الصحراء؛ ما يشكل غيظا بالنسبة إلى الدولة الجزائرية. وأكد العجلاوي أن "النواة الصلبة المعادية للمغرب هي التي تخرج اليوم بتصريحات تصعيدية ضد المغرب؛ ومنهم المستشار أوسعيد بلعيد". وبخصوص العلاقات الجزائرية الفرنسية وربطها بالمغرب، أوضح العجلاوي أن المكالمة الهاتفية بين ماكرون وتبون لم تكن حول الوضع الليبي كما تم الإعلان عن ذلك، بل مرتبطة بأن الرئيس الفرنسي أخبر نظيره الجزائري بمقتل الجزائري عبد المالك دروكدال الذي اتهمته أطراف فرنسية سابقة بأنه تحت حماية المخابرات الجزائرية مع إياد أكغالي، الذي يقود إحدى الجماعات الإرهابية الرئيسية الناشطة في الساحل". وأشار المتحدث إلى أن مقتل الجزائري عبد المالك دروكدال، زعيم تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، على يد قوات فرنسية على الحدود مع الجزائر فيه أكثر من رسالة، خصوصا أنه يجري الحديث عن اعتقال أحد مرافقيه، أي أن فرنسا اليوم ربما تملك معلومات مثيرة حول حوله". وخلص الخبير في العلاقات الإفريقية والشؤون الدبلوماسية إلى أن الوضع في الجزائر غير مطمئن، ويمكن لأي مسؤول جزائري أن يجد نفسه غدا في السجن أو المنفى، خصوصا أنه منذ وفاة القايد صالح والتغييرات مستمرة والملفات تخرج إلى الوجود، سواء في الداخل أو الخارج؛ وهو ما يفسر الحرص الجزائري على توظيف ورقة المغرب في كل مناسبة.