تناقلت جميع وسائل الإعلام العالمية أخيرا خبر استقالة الإيطالي فابيو كابيلو مدرب المنتخب الإنجليزي لكرة القدم، لما قال إنه "سوء فهم" حصل نتيجة انتقاده الاتحاد الإنجليزي للكرة الذي قام بتجريد شارة عميد الفريق من المدافع الدولي جون تيري، باعتبار أن المسائل التي تتعلق بالأخلاق تدخل ضمن اختصاصاته، في إشارة إلى ما التهم التي وجهت لتيري، ومفادها أنه وجه عبارات عنصرية للاعب فرديناند مدافع فريق كوينز بارك رينجرز. استقال كابيلو، إذن، من تدريب منتخب إنجلترا بنجومه الكبار، لأنه يحمل بين ثناياه ذرة كرامة وعزة وأنَفة، حيث لم يستسغ أن يتم تجاوزه في قرار من القرارات العادية التي قد يتخذها جهاز مسؤول عن كرة القدم في بلد ما، أما البلجيكي غيريتس مدرب أسود الأطلس "وا حسرتاه" فهو لا يكترث بأي شيء، لا بهزائم ولا بإقصاء، ولا بأحاسيس شعب بأكمله، فلا كرامة، ولا أنفة، ولا عزة نفس.. وبالرغم من الغضب العارم الذي اجتاح ملايين المغاربة بسبب الهزائم النكراء التي تلقاها في بداية كأس إفريقيا للأمم 2012، فإن غيريتس قرر دون أن يرف له جفن ولا أن تتحرك فيه نخوة قيد أنملة، بأن يبقى ويخلد في منصبه إلى حين، من أجل استكمال مهامه المنوطة به، ولعل أهمها استدرار ما أمكنه من حليب الأموال التي تنهمر من ثدي الدولة، وتخرج من أصلاب دافعي الضرائب الذي اغتال غيريتس نفسه أحلامهم برؤية منتخب قوي ومنافس، يشرف البلاد والعباد.. وهكذا، كابيلو استقال بشَرَف، وغيريتس باقٍ بقَرَف، حيث احتمى بما قال "جهات عليا" ترغب في استمراره في منصبه الذي يُدر عليه الملايين التي لا قِبل لأي مدرب بها، سواء من قبل وربما من بعد..وهنا المصيبة أضحت مصيبتين، والكارثة كارثتين؛ فرفْضُ الرحيل ضد مشاعر الشعب المغربي هو إهانة له ودس لكرامته التي لا يملك غيرها، ثم الاختباء وراء الملك لتبرير بقائه إهانة أكبر للشعب، وأكثر ألما...وماذا بعد؟.. قد يقول قائل إن غيريتس لا يمكنه منطقيا أن يغادر سفينة المنتخب الوطني لأن إقصائيات كأس العالم 2014 على الأبواب، ولا يمكنه أن يرحل لأن ذلك هو نوع من الانتحار الكروي لمنتخب شاب بات يتلمس أولى خطوات الدُّربة والتميز.. لكن هذا القول مردود عليه أيضا، ومن طرف "كابيلو" نفسه، فقد استقال الرجل مرفوع الرأس قبل أربعة أشهر من تنظيم كأس أوروبا للأمم 2012 التي ستُقام في صيف هذا العام، ولم يقل أحد في إنجلترا، مهد الكرة المستديرة، بأن كابيلو قام بانتحار، ولا أحد ذرف الدموع..فقط نحن..من نفعل..؟.. ولماذا نذهب بعيدا إلى ما وراء البحار لنستعرض حالة كابيلو مع الإنجليز؟.. فها هو مدرب المنتخب السنغالي استقال قبل أيام لأنه لم يحقق النتائج المرجوة في كأس إفريقيا، وخرج مقصيا من الدور الأول، تماما مثله مثل المنتخب الوطني..فلماذا لا يفعلها غيريتس بدوره، فيريحنا ويريح نفسه..؟.. متى ترحل يا غيريتس؟..