عاد الملك إلى أكادير بعد فترة قصيرة من زيارته إليها، عاهل البلاد تعود منذ تواليه لزمام أمور المملكة أن يقضي الجزء الأكبر من وقته بمدينة الإنبعاث، المدينة التي سحرت من قبله والده رحمة الله عليه الرجل المحنك الذي استطاع أن يمسك بزمام أمور الدولة والعباد رغم مكائد المتربصين ومزالق المنتفعين. ملوك وشخصيات ورؤوساء دول أوربية لم يستطيعوا هم أيضا مقاومة سحر هذه المدينة العجيبة، حيث بادر أغلبهم إلى تشيد قصور واقتناء فيلات وشقق فاخرة داخل وحدات سكنية مطلة على البحر أو بالمقربة من محميات طبيعية. الكل هنا يحب أن يستمتع بجمال وطبيعة المنطقة التي لا يمكن لأحد أن يتجاهلها في كل الظروف والأحوال، توافد ملوك وشخصيات العالم على المدينة مفخرة لكل أبناء المنطقة، الشخصيات التي تحدثنا عنها تظل مرابطة بمقرات إقامتها وحتى وإن قدر لها وإن خرجت في جولة سريعة لتفقد أحوال المدينة فإنها تسلك طريقا واحدا عبر شريطها السياحي في اتجاه المنتجع السياحي مارينا. إذ سرعان ما تعود إلى المكان الذي جاءت منه عبر طائرة خاصة تكون مرابطة بالمطار إما المتواجد "ببنسركاو" أو الأخر المسمى مطار المسيرة. أما البعض الأخر من الشخصيات يظل مرابطا بإقامته المطلة على البحر، وإن أراد أحدهم الخروج في نزهة فإن ذلك سيكون بطبيعة الحال بواسطة يخوتهم الخاصة يستمتعون من خلاله بالمناظر الخلابة المنتشرة على طول سواحل المنطقة. قبل أن يحل الملك بأكادير كانت كل القطاعات والمصالح المدنية والعسكرية متحركة على غير العادة، الأزقة نظيفة والوحدات الأمنية منتشرة، لكن ليس بكل المدينة بالطبع بل في المنطقة التي تعود الملك وخدامه المرور منها. "" المتسولون والعاهرات و"الشمكارا" تم تجميعهم من تلك المناطق وتم تفريغهم في مناطق داخلية بعيدا عن الأعين، "العام راه زين" و"المدينة فوق فگيك" كل شيء جميل بالمدينة يا جلالة الملك، الشعب مسرور وأوضاعه مستقرة وكلهم يهتفون بحياتك يا مولاي!!. والي أكادير بدوره شوهد وهو يقود سيارته في تلك الليلة التي تزامنت مع تاريخ حلول جلالته بالمدينة "بوجو سوداء" وفي يده "سيجار" من النوع الرفيع، وهاتفه النقال في يده الأخرى كان يتجول في الشريط السياحي، صادفت لحظة مروره من أمام مقهى لومران" مع توقيت مرور أطفال "مشمكرين" بالمحاذاة منها وروائح السليسيون تنبعث من ملابسهم الرثة، واحد منهم كان جسمه النحيف يهتز "كيڤبري" كأي هاتف محمول حينما تلج عليه مكالمة هاتفية أو رسالة قصيرة، لقد لاحقتهم الأمراض وأجهز الداء على كثير من معالم ملامحهم، أصبحوا مجرد أجساد متحركة لا تعرف إلى أين الوجهة ولا إلى أين سيحملهم المصير. رجال البوليس لمحوا والي المدينة داخل سيارته الفخمة واحد منهم مسكين "بغي يبين راسو" ركض في اتجاه "طفلي الشوارع" وتبعه زميله بالبذلة المدنية، شمكار واحد لمزال ما كيڤبري علق" أما "الشمكار ليكايڤبري تشد "مسكين ديشارجا ليه الباتري وخواو ركابيه"، الوالي علق بطوموبلتو الشمكار دارها برجليه" غير أن الفرق البسيط بينهما هو أن الوالي يعرف وجهته، غير أن "الشمكار" "مسكين معارف راسو من رجليه"!! "صاحبو ليكيڤبري مهني عليه عرف فين غادي يلقاه ولفوا مساكن وحفظوا البروگرام". "الناس لسكانين فحي"بوتشكات" مزال كيتذكروا جارهم الحاج "لحسن كنان" الله يرحموا ويوسع عليه"، الرجل مسكين اشتد عليه الحال فتوجه إلى مستشفى الحسن الثاني بأكادير "باش يعتقوه"، "سعا الناس ديال الصبيطار مدوهاش فيه ضارو فيه هو ومراتو وگالوا ليه ما غدي نديوها فيكم حتى يدوز الملك ويمشي". لو عرف الملك ما وقع للمواطن المسكين في اللحظة التي كان بها بالمستشفى لقامت الدنيا ولم تقعد!! لما لا وقد ترك المواطن المسكين لوحده وهو يستغيث، وكيف أن زوجته حاولت إنقاذه من خلال سعيها الحثيث لإخراجه لتلقي الإسعافات الضرورية بأحد المصحات الخاصة، بعد أن فقدت الأمل في موظفي مستشفى الحسن الثاني بأكادير، غير أن رجال الأمن منعوها من الخروج حتى يغادر الموكب الملكي المستشفى!! وكم من الجرائم ترتكب بشكل يومي في حق المغاربة باسم جلالة الملك!!