تضع دراسة جديدة ما عاشه مثليون ومثليات مغاربة خلال الآونة الأخيرة، "على وقع العديد من جرائم الكراهية تجاه أفراد مجتمعهم"، ضمن "واقع الكراهية والقمع بالمغرب"، مسجّلة أنّ القانون الجنائي "يغذي يوميا حجم الكراهية والعنف الموجّه لمجتمعنا المختلف جندريا وجنسيا"، وأنّ "كل التحوّلات التي شهدها المغرب منذ سنة 2011 لم تُسهِم في أيّ تغيرات قانونية أو مجتمعية، قد تخدم مصالح الفئات الهشّة والأكثر عرضة للعنف والكراهية"، بل سجّلت "تراجعات مستمرّة في مجال حقوق الإنسان، وحماية المدافعين والمدافعات عنها بالمغرب". واستهدفت دراسة "جمعية أقليّات" المغربية، حول "احتياجات الأشخاص ذوي التنوّع الجنسي والجَندري بالمغرب"، 400 مثلي ومثلية، وغطّت بالبحث 248 شخصا، من مراكش، والرباط، وأكادير، وطنجة، على مدى أزيد من ستة أشهر؛ وسجّلت "حجم المعاناة السياسية، والتجريم القانوني لحريات الأفراد واختياراتهم في المغرب، ومدى حاجيات "مجتمع الميم عين" بالمغرب للتّغييرات القانونية والسياسية، للتمتّع بجميع حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية بشكل تامّ يضمن المساواة بين الجميع". كما سجّلت "أقليات" أن صعوبات دراستها زادت بسبب "حساسية الفئة المعنية، والقانون، وعدم الاعتراف بقانونية المنظَّمات المشتغلة في هذا المجال"، وعبّرت عن أملها في أن تكون هذه الدراسة "بادرة لفتح نقاش وطني، ضمن إرادة سياسية واضحة للدولة المغربية، من أجل النّهوض بحقوق هذه الفئة، ومحاربة التّمييز والكراهية تُجاهَها". وذكرت الدراسة أنّ المتفاعلين معها بشكل عام يقولون إنّ بيئتهم الاجتماعية معادية بشكل عامّ، ولا يقول إلا أربعة في المائة منهم إنّهم يستفيدون من حقوقهم الكاملة، وتضيف: "تعرّض للاعتقال أو التوقيف أكثر من 29 في المائة من العينة المستجوَبة، أكثرهم بتهمة المثلية الجنسية، فيما يتمّ توقيف حالات أخرى لأسباب من قبيل التعبير الجندري "غير الذّكوري"، والدفاع عن النّفس في حالة اعتداء، وتحقيقات الهوية". ولم يستفد من الدعم القانوني، وفق المصدر ذاته، إلا "خمسة عشر في المائة من العينة المستجوبة، فيما أنفق سبعة وأربعون في المائة شخصيا التكاليف القانونية، واستعان تسعة وعشرون في المائة بالأقارب من عائلة أو أصدقاء؛ في حين استفاد سبعة عشر في المائة فقط من الدّعم القانوني المجّانيّ من طرف جمعية أو محام". وتذكر الدراسة أنّ أزيد من ثلاثة وستين في المائة من المثليين المستَجوَبين يقولون إنّهم تعرّضوا لتعذيب ما خلال اعتقالهم، وتسجّل أنّ المثليات والعابرات جنسيا هنّ "الأكثر عرضة للظّاهرة بمعدلات تتراوح بين 75 و77 في المائة"؛ ثم تضيف مفصّلة: "يؤكّد نصف الأشخاص أنّهم عنّفوا نفسيا أو معنويا، بالسّبّ، أو الابتزاز العاطفي، أو "الحكرة" والتّخويف أثناء التّحقيق، في حين أعلن ثلثهم تعرّضهم للعنف الجسدي والتّعذيب". ويذكر المصدر ذاته أنّ ذوي التعبيرات الجندرية غير النّمطيّة يتعرّضون مرّتَين أكثر للتّوقيف والتّفتيش الجسدي بدون سبب، وتذكر أنّ أربعة وثلاثين في المائة ممّن شملتهم الدّراسة "تعرّضوا للتّحرّش من طرف السّلطات". كما تورد الدّراسة أنّ سبعين في المائة من المستَجوَبين أكّدوا تعرّضهم للعنف الجسدي أو المعنوي في فضاءات خاصّة وعمومية، مسجِّلَة وجود اختلاف في فضاء العنف بين الفئات، فستّون في المائة من المثليات عشن العنف في الفضاء الخاصّ بنسبة 60 في المائة، فيما عاشته العابرات جنسيا في الفضاء العمومي بنسبة 86 في المائة، ولم تتقدّم إلا 14 عشر في المائة منهنّ بشكاية؛ لأسباب من بينها "الخوف من الاعتقال، أو إدراك أنّ القانون غير عادل، أو عدم الثقة في الشّرطة، أو العلاقة مع المعتدي والخوف من الانتقام أو الفضيحة أو العار". وتطرّقت هذه الدراسة أيضا إلى الأمراض الجنسية في صفوف المثليين والمثليات، ومشاكل ولوجهم إلى المجال الطبي بسبب التكلفة، والسلوك التمييزي، أو حتى العدائي من قِبَل عاملين في المجال الطبي؛ كما يصرّح أزيد من نصف مُستَجوَبيها بأنّهم "لا يشاركون في أيّ نوع من المنظّمات"، فيما أعلن عشرون في المائة منهم انتماءهم إلى جمعية، وستة عشر في المائة انتماءهم إلى أحزاب سياسية، وستة في المائة عن انتماء ثقافي، وستة في المائة عن انتماء إلى منظّمة تناضل من أجل حقوق التنوّع الجنسي، وواحد في المائة عن عملهم مع منظّمات مدافعة عن حقوق الإنسان. ويرد في دراسة "أقليات" عن "احتياجات الأشخاص ذوي التنوّع الجنسي والجَندري بالمغرب" أنّ أزيد من 86 في المائة من الفئات المستجوبَة تعبر عن "أوّليّة" الحاجة إلى إلغاء "الفصل 489" من القانون الجنائي الذي يجرّم المثلية. يُذكَر أنّ شهر أبريل الماضي شهد انتشار مقاطع مسرّبة من تطبيق للتعارف بين المثليين، في موقعَي التواصل الاجتماعي "إنستغرام" و"فيسبوك"، تُشَهّر بمثليّين مغاربة، وتُفصِحُ عن هوياتهم، وهو ما جلب استنكار حقوقيين وجمعيات حقوقية محلية، ودولية. وتجدر الإشارة إلى أنّ "المادة 489" من مجموعة القانون الجنائي المغربي تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كلّ من "ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ مع شخص من جنسه". وينص دستور البلاد في "فصله 22" على عدم جواز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، وعدم جواز معاملة الغير تحت أي ذريعة معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطّة بالكرامة الإنسانية. كما يحظر "الفصل 23" من "دستور 2011" كلّ تحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف.