لم يكن أبو الطيب المتنبي في هذا البيت الشعري من قصيدة له يقول فيه: «بذا قضت الأيام ما بين أهلها ***مصائب قوم عند قوم فوائد» يصوغ حكمة؛ بل كان يؤكد حقيقة تاريخية عرفها البشر عبر العصور؛ تلك هي حقيقة المستفيدين من المصائب التي تنزل بالأرض والناس. وأشهر العبارات المتداولة لوصف هؤلاء الانتهازيين هي: "تجار الحروب"، "أثرياء الحروب"، "تجار الأزمات" و"تجار الانتخابات"...، أولئك الذين يستفيدون إلى أقصى مدى، من مصائب المواطنين وكوارثهم. ويزيد خطرهم ويتعاظم، إذا كانوا جزءاً من القيادة السياسية في أي وطن من الأوطان، فهم من ذلك الموقف المتحكم، يعرفون كيف يُطيلون أمد الأزمات ويجعلون من مصائبها المرعبة وسيلة للإثراء، وإطالة زمن النفوذ. وبما أن العالم اليوم يتعرض لأخطر جائحة تعرفها البشرية في تاريخها المعاصر، فإن هناك بعض الجهات ونقصد بها تحديدا "تجار الأزمات" التي تسعى جاهدة إلى استغلال هذه الظرفية من أجل الاستفادة القصوى من هذه الأزمة، فتسارع بالتدخل تحت مسميات مختلفة، وإنْ كان المسمى الأوضح هو إيجاد موطئ قدم للنفوذ، ولجني أرباح طائلة الشيء الذي تحوّل إلى جشع مقيت. ويتوقف خطر تجار الأزمات أو على الأصح تجار المصائب عند رفع الأسعار واحتكار المواد الضرورية والغذائية منها خاصة، أو عند البحث عن النفوذ السياسي والاقتصادي أو فرض سلطتهم. وعموما، فتجار الأزمات هم كل الذين يستغلون مصائب الآخرين بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للاستفادة ماديا أو معنويا من مآسيهم أو لتحقيق مكاسب سريعة شأن ذلك شأن بعض السياسيين في التعامل مع الأزمات. إن ما يحدث اليوم في المغرب يعتبر بحق نموذجا بارزا لحالة بعض تجار الأزمات الذين يسعون إلى الاستفادة من مصائب كورونا، وسيكون من الصعب بعد ما "وقعت الفأس في الرأس" أن نتخلص من آثار هذه التصرفات اللامسؤولة بسهولة. ويبدو أن حالة الطوارئ الصحية والأزمة التي خلفها انتشار فيروس كورونا على جميع الأصعدة داخل المغرب كانت فرصة لظهور بعض مستغلي الأزمات الذين يسعون في غفلة من الجميع إلى بيع جلد الدب قبل اصطياده في سباق محموم حول الظفر بأكبر الغنائم رفقة بعض الانتهازيين الذين يتوفرون على خبرة كبيرة في تحين الفرص. وسنحاول من خلال هذه المقالة عرض بعض مظاهر استغلال أزمة كورونا من طرف الحكومة وبعض السياسيين والمنتخبين ورجال الأعمال من أجل تحقيق بعض الأهداف؛ وذلك بالتطرق إلى المحاور التالية: - الترويج لكمامات ولمواد تطهير غير مطابقة للمواصفات الطبية. بداية من شهر أبريل للسنة الجارية، فرضت السلطات المغربية ارتداء الكمامات الواقية على كل المسموح لهم بالتنقل خلال حالة الطوارئ الصحية، في إجراء جديد لمحاصرة الفيروس. وشددت على أن وضع الكمامة "واجب وإجباري، وكل مخالف يتعرض لعقوبة حبسيه من شهر إلى ثلاثة أشهر وغرامة تراوح بين 300 و1300 درهم أو بإحدى العقوبتين".. إثر ذلك القرار شهد سوق بيع الكمامات بالجملة ارتفاعا غير مسبوق في أسعار العلبة الواحدة، كما استغل التجار انتشار الأخبار حول فيروس كورونا عبر العالم، حيث ظهرت ممارسات سلبية؛ أبرزها الترويج لكمامات تفتقر إلى معايير الجودة الطبية المطلوبة، بل وصفها البعض بأنها "كمامات قاتلة" وغير صالحة للاستعمال، وهكذا تم توقيف أشخاص يشتبه في صناعتهم مثل هذه الكمامات، وأشخاص يتاجرون في كمامات مغشوشة في هذه الظرفية. أضف إلى ذلك اتخذ "تجار الأزمات" جائحة "كورونا" مطية لكسب الأموال، معرضين الأطر الطبية والمواطنين للخطر، حيث أقدمت عصابة على بيع 15 ألفا من الكمامات المزورة والمغشوشة لأطباء وممرضين. وقبل أيام أسفرت عمليات أمنية لمكافحة ترويج البضائع ومواد التطهير غير المطابقة للمواصفات الطبية، وبينها كمامات، عن توقيف عدد من الأشخاص ووجهت الشرطة القضائية إلى5 أشخاص منهم، جرى توقيفهم في 9 أبريل، تهم تزييف كمامات واقية والنصب والاحتيال وتحضير وبيع أشياء مضرة بالصحة العامة. كما أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني، منتصف الشهر الماضي، توقيف مالك محل للخياطة بمدينة مكناس للاشتباه في تورطه في صناعة وترويج كمامات واقية تفتقر لمعايير الجودة الطبية، لترويجها بشكل غير قانوني في الأسواق المحلية. إزاء ذلك، قامت السلطات المختصة ببلورة معايير وطنية اشتغلت عليها كافة الوزارات المعنية، لضمان جودة الكمامات المطروحة في الأسواق، ومن بين المعايير المعتمدة نذكر: صناعة الكمامات بمادة صالحة لبشرة الإنسان ولا تشكل خطر الإصابة بأمراض جلدية، ويجب تجنب صنعها بثوب منسوج على اعتبار أنه قد يسرب الميكروبات، وضرورة استيفاء الثوب المعايير المعتمدة لصنع الكمامة بطريقة علمية وتقنية دقيقة تقي من تسرب الفيروسات. - مظاهر حملات انتخابية سابقة لأوانها لم يميز “تجار الانتخابات” بين الظروف العادية ولا الاستثنائية، وشرعوا في توزيع قفة كورونا على زبنائهم الانتخابيين، بالاستعانة بلوائح انتخابية، تم إخراجها من الأرشيف. والمؤسف أن الجهات المختصة لم تحرك ساكنا، في مواجهة الباحثين عن أصوات انتخابية وقت الشدة. وتتجلى مظاهر هذه الحملات الانتخابية السابقة لأوانها التي تقوم بها بعض الكائنات الانتهازية وتجار الانتخابات تحت غطاء جمعيات خيرية، في ما وصفه بعض رواد المواقع الاجتماعية بحرب "القفة"، والتي اندلعت رحاها بين كبار المنتخبين والسياسيين، ضمنهم برلمانيون ورؤساء جماعات ومستشارون جماعيون في العديد من الأقاليم والمدن. ويحاول كل طرف إحراز أهداف في شباك الطرف الآخر، وإحكام السيطرة على دوائر انتخابية بعينها، بهدف توزيع المساعدات الغذائية، بناء على قاعدة انتخابية مألوفة لديهم، حتى تبقى محصنة، وينال جزاءها الانتخابي. والمؤسف أن بعض "تجار الانتخابات" الذين يريدون الظهور بمظاهر المساعد الاجتماعي أو فاعل الخير في هذه الظروف الاستثنائية التي تمر منها البلاد والعباد يسقطون في انتقائية توزيع المساعدات، وهي انتقائية متعمدة، لخدمة أجندتهم الانتخابية، خصوصا أن الاستحقاقات الانتخابية باتت على الأبواب وذلك بمنح الأسبقية بخصوص توزيع "القفة" لزبناء انتخابيين للحزب الذي يترشحون باسمه، وتكليف جمعيات كثيرة ومتنوعة بالقيام بالمهمة نفسها؛ وهو ما يجعلهم يحافظون على كتلتهم الانتخابية "الوفية" التي تحصل على "خروف العيد"، والأدوات المدرسية وقفة رمضان، لتنضاف إليها قفف كورونا. وهكذا تحول العديد من المنتخبين والبرلمانيين إلى "محسنين فوق العادة وسفراء النوايا الحسنة" في زمن كورونا، مستغلين في ذلك الظروف الاستثنائية، للانخراط في حملة انتخابية سابقة لأوانها. وخلال اجتماع لجنة الداخلية بمجلس النواب لدراسة مشروع مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية، دعا وزير الداخلية «أصحاب النوايا الحسنة «إلى التنسيق مع العمال والولاة لإيصال المساعدات إلى الناس الذين يستحقون ذلك، ولتفادي مخاطر انتشار العدوى التي قد تنتج عن عشوائية التوزيع. ويبدو أن بعض المنتخبين يُفكرون بمنطق انتخابي في عملية توزيع المساعدات، إذ انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لبرلمانيين ومنتخبين يوزعون المواد الغذائية على الأسر المعوزة دون حتى اتخاذ الإجراءات الاحتياطية الوقائية التي دعت إليها السلطات الصحية؛ وهو ما من شأنه أن يُشكل خطراً عليهم وعلى قاطني المنازل التي يطرقونها لتوزيع المساعدات. والواقع أنه لا يحق أن يقوم رؤساء جماعات أو برلمانيون بتوزيع القفة على الناس في هذه الظرفية التي تمر منها البلاد؛ بل يجب أن تتكلف السلطات المحلية والإقليمية بتوزيع المساعدات المرتبطة بتبعات "كورونا" لتفادي وقوع مشاكل أو استغلال سياسي للأزمة الحالية، ويجب تدبير هذه المساعدات بطريقة عقلانية لأن هناك ارتجالا وسوء تدبير ومحسوبية في عمليات توزيع القفة الموجهة إلى الدعم، واستغلالها كحملة انتخابية سابقة لأوانها. ويكفي الرجوع إلى مواقع التواصل الاجتماعي، للتأكد من طبيعة هذه الحملات الانتخابية السابقة لأوانها، التي انطلقت تحت يافطة العمل الإحساني والخيري، إذ يتضح أن بعض تجار الانتخابات يفكرون بمنطق انتخابي في عملية توزيع المساعدات، وليس بمنطق إنساني أو إحساني. وقد نددت هذه المواقع بعملية إقصاء المعوزين والأرامل والمطلقات من المساعدات الغذائية ومنحها لميسورين بخلفية انتخابية. كما اتهموا رؤساء جماعات باستغلال معاناة المواطنين والظروف الصعبة التي يمرون منها لأغراض سياسوية ضيقة، حيث قام عدد كبير من الناشطين على هذه المواقع بشن حملات غير مسبوقة ضد محاولة بعض الرؤساء لاستغلال الحملة الوطنية للتعقيم ضد فيروس كورونا المستجد وتحويلها إلى حملة انتخابية سابقة لأوانها، واستغلال مآسي المواطنين البسطاء لتحقيق أهداف انتخابوية سياسوية محضة. - استغلال وباء كورونا لتضييق الخناق أكثر على الحريات العامة يقول ميشيل فوكو في كتابه "المراقبة والعقاب":» إن المدينة المنكوبة التي يصيبها وباء الطاعون هي النموذج الأمثل الذي تحلم به السلطة لتوسيع هيمنتها. وإذا كان أهل الحقوق والقانون يحلمون بالحالة الطبيعية والمنطقية لاحترام القانون، فإن أهل السلطة يحلمون بقدوم وباء الطاعون لفرض السيطرة التامة على الناس. « ويضيف المفكر الاقتصادي الأمريكي الشهير ميلتون فريدمان في السياق ذاته بأنه: «لا شيء يدوم أكثر من الإجراءات الحكومية المؤقت «.. في عبارة أخرى، فإن معظم التدابير، التي تتخذها الدول كإجراءات مرحلية في أوقات الكوارث والطوارئ والأزمات الكبرى، تتحول إلى إجراءات دائمة، بعد أن تكون الشعوب قد تعودت عليها بسبب الظروف، التي فرضتها. واعتبر عالم الأنثروبولوجيا يوفال نوح هراري، في افتتاحية نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز"، أن "الوباء يمكن أن يمثل نقطة تحول"؛ لأن "استخدام أدوات المراقبة الضخمة يعرض المواطنين لمزيد من السيطرة". وفي هذا السياق، الذي ينتشر فيه فيروس كوفيد-19 في سائر دول العالم كالنار في الهشيم، وفي الوقت الذي تسعى الحكومات جاهدة في جميع أنحاء العالم إلى إيجاد الحلول الكمينة بالخروج من هذه الأزمة، نجد بعض الأنظمة العربية وللأسف الشديد تسعى إلى استغلال هذا الوباء لتضييق الخناق أكثر على الحريات العامة والفردية.. وهكذا، استغلت الحكومة المغربية ظروف الحجر الصحي لتمرير مشروع قانون 22.20 يتعلق بالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح؛ وهو قانون بالرجوع إلى مقتضياته يكمم الأفواه، ويقضي على المكتسبات الحقوقية، ويناقض الدستور والمواثيق التي وقعت عليها المملكة المغربية. وكانت الحكومة المغربية صادقت في 19 مارس الماضي على نسخة أولية من مشروع القانون (22.20)، الذي أصبح يعرف في مواقع التواصل الاجتماعي المغربية بمشروع قانون "تكميم الأفواه"، مع الأخذ بعين الاعتبار الملاحظات المثارة في شأنه بعد دراستها من طرف اللجنة التقنية ثم اللجنة الوزارية المحدثتين لهذا الغرض. ويركز المشروع على مسألة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح للدعوة إلى مقاطعة منتوجات أو بضائع أو خدمات وطنية أو التحريض على ذلك. وجاء بعقوبات قاسية ضد المخالفين، تتراوح بين الحبس والغرامة، أو بإحدى العقوبتين. ويعاقب كل من دعا إلى مقاطعة منتوجات أو بضائع أو خدمات، أو قام بالتحريض علانية على ذلك، عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو شبكات البث المفتوح، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 5000 إلى 50000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط. والعقوبة نفسها تطبق ضد كل من قام عمدا بحمل العموم أو تحريضهم على سحب الأموال من مؤسسات الائتمان أو الهيئات المعتبرة في حكمها، كما يعاقَب كل من بث محتوى إلكترونيا يتضمن خبرا زائفا من شأنه التشكيك في جودة وسلامة بعض المنتوجات والبضائع وتقديمها على أنها تشكل تهديدا وخطرا على الصحة العامة والأمن البيئي، بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 2000 إلى 20 ألف درهم. ويعود مشروع القانون المذكور بذاكرة المغاربة إلى سنة 2018، حيث شنوا حملات مقاطعة ضد شركات وطنية بسبب غلاء أسعار موادها، تجاوبت معها شرائح كبيرة من المغاربة مما عرض هذه المؤسسات لخسائر اقتصادية معتبرة. ولم تنشر الحكومة نص القانون المثير للجدل، إلا أن عدداً من المؤثرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف المستقلة تناولوا مسودته. ولم ينف أي مصدر رسمي ما نسب إلى القانون وسط اتهامات لوزراء معارضين للقانون بتسريب بنوده، وأشعلت قضية تسريب هذا المشروع بعد أيام قليلة من المصادقة عليه في قراءة أولى نار الانتقاد ضد وزير العدل، صاحب المسودة الأولى للمشروع التي تم تسريبها؛ بل استهدف حتى حزبه الاتحاد الاشتراكي، بحكم أن هذا التنظيم السياسي اليساري، قدم الكثير نضاليا وسياسيا منذ عقود، بيد أن شعبيته تراجعت قبل سنوات، حيث دفع الثمن غاليا لمشاركته فيما عرف بحكومة التناوب سنة 1998 برئاسة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي. ووجد حزب المهدي بنبركة نفسه وحيدا أمام سيل من الانتقادات حتى من الحزب الرئيسي في الحكومة وحليفه فيها "العدالة والتنمية"، الذي تجاوز مبدأ التضامن الحكومي كما تفرضه مثل هذه اللحظات السياسية، وحاول الظهور بأنه أكثر دفاعا عن الحريات وحقوق الإنسان، إذ شددت أمانته العامة على أن أي تشريع يجب أن يراعي ضمان ممارسة الحقوق والحريات الأساسية، في نطاق المسؤولية، ومن ضمنها حرية الفكر والرأي والتعبير بكل أشكالها، ورفضها لأي مقتضيات تشريعية تتعارض مع ممارسة هذه الحريات المقررة والمكفولة دستوريا. وفي مواجهة ذلك، توالت ردود الأفعال الشعبية والمؤسساتية المنددة به والرافضة له جملةً وتفصيلاً، واعتبر الكثيرون أن المشروع يهدف إلى "حماية مصالح الشركات على حساب الحريات". وندّدت نقابة الصحافة المغربية ب"أحد أكثر القوانين التي عرفها المغرب خطورة في مجال الحريات والنشر، رافضةً الاستغلال السيئ لأزمة المجتمع من أجل الإجهاز على مكتسباته في مجال حرية الرأي والتعبير والتضييق عليها من خلال قانون يعود بالبلاد إلى الوراء". ونظم مئات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات عبروا من خلالها عن رفضهم الصارخ ما وصفوه ب"قانون الكمامة"، ودشن بعضهم عريضة لجمع توقيعات رافضة لمشروع هذا القانون. وطالبت هذه الجهات الحكومة ب"السحب الفوري لما سمي بمشروع قانون 22.20، على اعتبار أنه يتضمن موادا تمس في العمق بالحق في التعبير والرأي، واعتبرت أن محاولة تمرير مثل هذا القانون في هذا الوقت من شأنه التشويش على الوحدة والتعبئة الوطنيتين في ظل الظروف الاستثنائية التي تجتازها البلاد وهي تواجه جائحة فيروس كورونا المستجد. ومع الرفض الهائل لهذا المشروع، لم يكن أمام الحكومة المغربية سوى تأجيل أشغال اللجنة الوزارية بشأن مشروع القانون، وأرجعت ذلك إلى الظروف الخاصة التي تجتازها البلاد في ظل حالة الطوارئ الصحية، إلى حين انتهاء هذه الفترة. ودعا وزير العدل في الوقت نفسه إلى إجراء مشاورات مع كافة الهيئات المعنية، حتى تكون الصياغة النهائية لهذا المشروع مستوفية للمبادئ الدستورية ومعززة للمكاسب الحقوقية بالبلاد، كرد منه على الاتهامات التي طاولته بضرب المكتسبات الحقوقية عبر هكذا مشروع، واستغلال انشغال المغاربة بمحاربة وباء كورونا لتمريره. وتأسيسا على ما ورد ذكره، نتوجه إلى كل تجار الأزمات وكل الانتهازيين بهذا البيت الشعري لأبي الطيب المتنبي وهو عبارة عن تحذير مبطن قد يلتقط إشارته كل من يهمه الأمر: ومن يجعل الضرغام للصيد بازه تصيده الضرغام فيما تصيدا. وفي الأخير، يمكن القول بأن الانتهازية والتجارة في مصائب ومآسي المواطنين هي وباء العصر الحالي؛ وهي في الواقع أخطر من وباء كوفيد 19، فهنالك مثل إيطالي يقول: "ذاك من يتملق إليك أكثر حتى مما ترغب؛ إما سيقوم بخدعك أو يتمنى أن يفعل" وفي السياق ذاته يقول نجيب محفوظ في روايته ليالي ألف ليلة: "فساد العلماء من الغفلة وفساد الأمراء من الظلم وفساد الفقراء من النفاق". * باحث بسلك الدكتوراه، مختبر البحث في الحكامة والتنمية المستدامة، جامعة الحسن الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية -سطات