أعادت السلطات المغربية ما مجموعه 200 مواطن من العالقين بمليلية المحتلّة، عصر اليوم الجمعة، عبر معبر بني أنصار، بعد حوالي شهرين من مكوثهم في المدينة غداة إغلاق المعابر الحدودية في إطار تدابير منع تسلّل فيروس كورونا المستجدّ إلى البلاد. وتكونت عملية العودة، التي أشرفت عليها وزارة الدّاخلية، من مرحلتين لنقل حوالي 500 مغربي عالق، شملت المرحلة الأولى نقل 200 شخص؛ فيما سيتمّ التكلف بالبقية وفق الإجراءات المعمول بها في المرحلة الثانية خلال الأيام القليلة المقبلة. واستنفرت وزارة الدّاخلية كافّة أجهزتها لتأمين عبور العالقين في إطار إجراءات وقائية مشدّدة على خلفية ما تعرفه الظّرفية الحساسة من انتشار الوباء، مع مراعاة شروط السّلامة والتدابير الصحية. وانتقلت الدفعة الأولى من العالقين على متن 8 حافلات، من المنتظر أن تتوجه مباشرة إلى فنادق بمدينة السعيدية لقضاء مدّة حوالي أسبوعين قبل العودة إلى عائلاتهم؛ فيما تستعد السلطات تسجيل أسماء عالقين آخرين في انتظار إجلاء الجميع. وعبّر العالقون الذين قضوا شهرين داخل مدينة مليلية عن فرحتهم بترديد النّشيد الوطني وإطلاق الزّغاريد، بعد أن تنفّسوا صعداء الخلاص من المعاناة التي كبّدتهم شقاء قضاء فترة طويلة في الخيام قبل أن تنقلهم السلطات الإسبانية إلى قاعة "بلاصا دي تورو" بالمدينة في وقت لاحق. "عشنا معاناةً حقيقةً، وأحسسنا طيلة هذه المدّة بأننا بدون هوية ولا وطن"، يقول زيد الناصري، أحد العالقين بالمدينة الذي كان قادما من هولندا في رحلة العودة إلى عائلته بالنّاظور قبل أن يجد المعابر الحدودية بين مليلية والناظور مغلقةً في وجهه. وتابع المتحدّث، في تصريح أدلى بها هاتفيا لهسبريس، قائلا: "لحظة العودة تشكّل أحد أهمّ الأحداث السعيدة في حياتي"، مردفًا: "لقد شعرت بمرارة قضاء فترة حجز كأنني داخل أسوار السجن، على بُعد مسافة قصيرة عن عائلتي بالنّاظور دون أن أستطيع اللحاق بها". وقال والدُ شابّ عالق بالمدينة امتنع عن التصريح باسمه إنّ عائلته انتظرت طويلا هذه اللحظة منذ شهرين، مشيرًا إلى أن الجميع كابد مشاعر الخوف والقلق على المصير المجهول الذي واجه ابنه داخل المدينة في ظلّ هذه الظروف الصعبة المترتبة عن تداعيات انتشار وباء كورونا المستجدّ. وعبّر المتحدث عن امتنانه للسلطات المغربية التي أشرفت على هذه العملية، مؤكّدًا أنّها خطوة إيجابية ستلحق أخيرًا المواطنين المغاربة العالقين بأفراد عائلاتهم. وكان العالقون قد دخلوا في أشكال احتجاجية عديدة في عدد من الأماكن العمومية بالمدينة المحتلّة، معبّرين عن حجم معاناتهم، ومطالبين السلطات المغربية بالإسراع لإيجاد حلّ عاجل للعودة إلى ديارهم. وجدير بالذكر أن ملفّ إعادة المواطنين المغاربةِ العالقين بكلّ من مليلية وسبتة المحتلتين كان قد استأثر باهتمام فعاليات سياسية وحقوقية طالبت في أكثر من مناسبة الحكومة بالعمل على حلّ الملفّ الذي استغرق شهرين كاملين.