يرى محللون أن تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة وانتشار فيروس كورونا المستجد قد يؤديان إلى استئناف المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة بين إسرائيل وحركة حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى. وقال مسؤول قريب من ملف مفاوضات الأسرى في حماس فضّل عدم الكشف عن اسمه: "لا تقدم حقيقيا حتى الآن، هناك خطوات تحققت في الأسابيع الأخيرة". وتحتجز حماس أربعة إسرائيليين؛ بينهم جنديان يعتقد أنهما قتلا خلال حرب 2014 التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، وهما أورون شاؤول وهادار غولدن. وتعتقل إسرائيل نحو خمسة آلاف فلسطيني، بينهم 700 مريض و200 طفل و38 امرأة، وفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية. وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أن المفاوضات تجري بين الجانبين اللذين خاضا ثلاثة حروب منذ العام 2007، بوساطة ألمانية وروسية ومصرية أيضا. وأفادت حماس بإن إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة، أكد، في اتصال هاتفي، الشهر الماضي، مع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي، أنها "مصممة على الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في إطار التبادل الذي يمكن إنجازه إذا استجابت إسرائيل لمتطلبات هذا الأمر". وفي عام 2011، أطلقت إسرائيل سراح أكثر من ألف فلسطيني مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط، الذي بقي أسيرا لدى حماس لخمس سنوات. وسبق تنفيذ الصفقة إفراج إسرائيل عن عشرين امرأة فلسطينية مقابل شريط فيديو أرسلته حماس عبر وسطاء، يؤكد أن شاليط كان على قيد الحياة. أزمة الوباء يقول المسؤول المقرب من حماس إن العديد من الوسطاء "تواصلوا مع الحركة بهدف دفع المفاوضات لإنجاز صفقة تبادل بعد مبادرة الحركة الإنسانية" التي أطلقها يحيى السنوار، رئيس حماس في قطاع غزة، الشهر الماضي. وفي مبادرته، يطالب السنوار، الذي كان معتقلا سابقا لدى إسرائيل، بالإفراج عن كل الأسيرات والأطفال والمرضى من السجون الإسرائيلية مقابل إعطاء معلومات حول ما إذا كان الجنديان أحياء أم أموات. وأعلن السنوار، في مقابلة بثتها فضائية الأقصى التابعة لحماس في وقت سابق، أنه "يمكننا أن نقدم تنازلًا جزئيا في موضوع الجنود الأسرى، مقابل إفراج الاحتلال عن الأسرى كبار السن والمرضى، كمبادرة إنسانية في ظل أزمة كورونا". وسجلت إسرائيل أكثر من 16 ألف إصابة بالوباء، بينها 248 وفاة. في حين أحصت الأراضي الفلسطينية 355 إصابة، بينها 20 في قطاع غزة المحاصر وحالتي وفاة في الضفة الغربيةالمحتلة. وقال مصدر في حماس: "إذا تم التوافق بشأن هذه الخطوة يمكن إرسال تسجيل صوتي أو فيديو، مثلما حصل في صفقة شاليط". من جهته أورد كوبي مايكل، الباحث المتخصص في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في معهد الدراسات الإسرائيلية التابع لمعهد دراسات الأمن القومي، أن إسرائيل فسرت مبادرة السنوار بأنه يشير إلى رغبة جديدة للتوصل إلى صفقة تبادل. وأشار مصدر قريب من حماس إلى "تقدم أكبر من أي فترة سابقة يمكن البناء عليه، وإذا التزم الاحتلال بمبادرة السنوار يمكن أن تتم خطوة عملية أولى بأقرب وقت ممكن". ورأى مايكل أن كلا الجانبين "يبديان جدية في المفاوضات" بشأن صفقة التبادل، وأنهما "على استعداد لتقديم تنازلات". ويضيف: "أعتقد أنه في ظل الظروف الحالية لأزمة (الوباء)، نحن أقرب من ذي قبل". من جهة ثانية، تزيد صفقة نتانياهو-غانتس لتشكيل حكومة وحدة في إسرائيل من احتمال تسريع المحادثات بين الجانبين. وسيؤدي بنيامين نتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في 13 ماي الجاري، اليمين الدستورية لتشكيل الحكومة المقبلة وشغل المنصب لمدة 18 شهرا يخلفه فيه بعدها لنفس المدة خصمه السابق رئيس الكنيست بيني غانتس. وسيشغل نفتالي بينيت، اليميني المتشدد الذي طالما عارض المفاوضات مع حماس، حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة. وقال مايكل: "قد يكون من الأسهل التوصل إلى اتفاق إذا تم تشكيل حكومة جديدة بسبب تشكيل الحكومة الأمنية". امتيازات وتسهيلات تقول مصادر فلسطينية إن إسرائيل عرضت على الوسطاء إدخال تسهيلات إلى قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، مقابل معلومات حول حياة الجنديين. وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على القطاع منذ 13 عاما. ويؤكد حمزة أبو شنب، المحلل السياسي المتخصص بشؤون حركة حماس، أن لدى إسرائيل "عقبة كبيرة وهي أنها لا تملك معلومات حقيقية حول غولدن وشاؤول". ويضيف أن "نتانياهو خائف من دفع ثمن كبير" في الصفقة؛ لكن "نتانياهو وغانتس مجبران على حل معضلة الأسرى، لأنهما كانا مسؤولين خلال حرب 2014". وأثارت صفقة شاليط جدلا بين الإسرائيليين، إذ يعتقد كثر منهم أنه تم دفع ثمن باهظ. "اتفاقية أطول" يقول المسؤول القريب من ملف مفاوضات الأسرى في حماس إنه وعلى الرغم من إنجاز خطوات إلا أن المفاوضات "ما زالت بعيدة". ويضيف "هناك خطوة يمكن البناء عليها لكنها بحاجة إلى تحرك من إسرائيل لإتمام الصفقة". وحسب مصدر من حماس قريب من المفاوضات، فإن العرض الإسرائيلي حتى الآن يشمل الإفراج عن عشرات المعتقلين بتهم بسيطة، لكن حماس تطالب بالمزيد، فهي تريد الحرية للمعتقلين الذي يقضون أحكاما لفترات أطول. ويقول أبو شنب إن مبادرة السنوار أظهرت "مرونة" متزايدة لدى حماس تجاه إسرائيل. بينما يرى مايكل أن إسرائيل تأمل في أن يؤدي تبادل الأسرى إلى هدنة تضمن الهدوء على "حدود القطاع". ويضيف: "إذا توصل الجانبان إلى مثل هذا الاتفاق، فسيكونان قادرين في النهاية على التوصل إلى اتفاقية أمنية أطول تستمر لبضع سنوات".