يخلد المجلس الوطني لحقوق الإنسان اليوم الجمعة 8 ماي الذكرى الثلاثين لإحداث المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالمغرب. ويقول المجلس، في بلاغ بالمناسبة، إنّ هذه المؤسسة بصمت، "من خلال المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (1990-2011) والمجلس الوطني لحقوق الإنسان (2011-2018)، الذي أعيد تنظيمه بموجب القانون رقم 76.15 في فبراير 2018، التحولات الحقوقية التي شهدتها بلادنا، سواء في جوانبها التشريعية أو المؤسساتية والقانونية والمجتمعية". ويضيف المجلس الوطني لحقوق الإنسان: "خلال مسار امتد طيلة 30 سنة، كان المجلس حاضرا في المحطات والتطورات الكبرى، يلعب أدواره باستقلالية، يمد جسرا بين الدولة والمجتمع في قضايا حقوق الإنسان، وآلية لملاءَمة التشريعات الوطنية مع القانون الدولي لحقوق الإنسان في كونيتها وعدم قابليتها للتجزئة". ويذكر المصدر نفسه أنّ مسار المؤسسة خلال هذه العقود الثلاثة طبعته محطات كبرى عديدة، أبرزها "مرحلة البناء المؤسساتي، وإرساء دعائم الديمقراطية ودولة الحق والقانون، ثم دينامية قراءة صفحة الماضي والإنصاف والمصالحة، وصولا إلى دسترة حقوق الإنسان، وتعزيز البعد الجهوي للعمل الحقوقي، والنهوض بالتربية على المواطنة وحقوق الإنسان". ويقول المجلس إنّه "في ظل تزايد الطلب على قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، اعتمد منذ سنة 2019 مقاربة تقوم على ثلاثة ركائز أساسية تهم الوقاية من الانتهاكات وحماية ضحايا حقوق الإنسان والنهوض بها وتعزيز ثقافتها، ليفتح بذلك أفقا حقوقيا جديدا، من خلال صياغة رؤية جديدة، تربط ما بين التفكير والتشاور والفعل الحقوقي، لتقديم إجابات جماعية مغربية للتحولات التي يعرفها فضاء الحريات، ضمن التنوع الثقافي والهوياتي لبلدنا وحماية حرية كل فرد". وقالت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إنّ يوم 8 ماي 2020 يوافق ذكرى مرور ثلاثين سنة من تاريخ المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وثلاثين سنة من مسار بصم فيه المجلس التحوّلات الحقوقية المؤسّساتية، والقانونية، والتّشريعية، والمجتمعية، ومسار حقوق الإنسان في البلاد. وتقدّمت بوعياش، في رسالة مصوّرة بمناسبة هذه الذكرى، بتحية خالصة ل"كلّ الرؤساء والأعضاء، الذين ساهموا خلال هذه الفترة في أن يعرف المغرب هذه التحوّلات الحقوقية". وأضافت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المجلس سبق أن برمج احتفاءات بهذه الذكرى، ثم استدركت قائلة: "لكن نحن اليوم في ظروف صعبة هي ظروف الجائحة، وحالة الطوارئ الصحية، فأجّلنا جميع الأنشطة الوطنية والدولية، وكان من بينها ما يقرأ المسار الحقوقي للمجلس". وترى المسؤولة الحقوقية أنّ المجلس خلق "ظروفا متاحة للانخراط الطّوعي والإراديّ للمملكة المغربية في منظومة حقوق الإنسان، وخلق مسارا عرف تفاعلا غير مسبوق بين الإرادة العليا للبلد وبين الحركة الحقوقية والديمقراطية، في الانكباب وإثارة مواضيع حقوق الإنسان التي كانت تؤرق المجتمع المغربي"، من ثمارها "إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة، وإطلاق سراح المعتقًلين السياسيين آنذاك، وعودة المنفيين، وإطلاق حالات الاختفاء القسري آنذاك"، في مرحلة أسّست هذا النموذج المغربي للانكباب على قضاياه في مجال حقوق الإنسان. وتستحضر أمينة بوعياش في كلمتها تحديات الفترة الحالية من تاريخ المغرب، مثل: كيف سنتمكن من الوقاية من الانتهاكات؟ وكيف يمكن حماية ضحايا الانتهاكات؟ وكيف سنتمكّن من النهوض بثقافة حقوق الإنسان؟ وكيف يمكن أن نعمل على عدم تجزئة كلّ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والسياسية والمدنية، وما بين النقاشات والمسارات الوطنية وما بين المرجعيات الدولية؟ ثم زادت مثيرة تحديا جديدا هو "تغيرات فضاء الحريات، وكون الفضاء الرقمي فضاء حاضنا لهذه الحريات اليوم". تجدر الإشارة إلى أن المجلس كان قد سطر، وفق بلاغ له، برنامج أنشطة يمتد طيلة هذه السنة من أجل تخليد هذه الذكرى وقراءة هذا المسار الحقوقي بشكل جماعي مع جميع الفاعلين وشركاء، تحت شعار "1990-2020: مسار متواصل لفعلية الحقوق"؛ وقد أعطيت انطلاقته الرسمية خلال مشاركة المؤسسة في الدورة 26 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء (6-16 فبراير 2020)، قبل أن يعلن المجلس تأجيل أنشطته الوطنية والدولية بعد إعلان "حالة الطوارئ الصحية".