من وضع أكاليل ورود تكريما لذكرى الضحايا، إلى خطب ويوم عطلة في العاصمة الألمانية، تحيي أوروبا والولايات المتحدة، الجمعة، بدون احتفالات كبيرة بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية في الثامن من ماي 1945. عادة، لا تحيي ألمانيا ذكرى استسلام النظام النازي للحلفاء في مثل هذا اليوم؛ لكن هذه المرة، قررت مدينة برلين أن يكون هذا اليوم الذي شهد هزيمة ألمانيا لكن أيضا التحرير من التيار القومي الاشتراكي ومعسكرات الاعتقال، يوم عطلة. وفي خطاب في الذكرى، أكد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أن هزيمة النازية قبل 75 عاما تشكل "يوم امتنان" لألمانيا، داعيا الأسرة الدولية إلى استخلاص العبر والتوجه إلى "مزيد من التعاون" في مواجهة وباء كوفيد-19. وقال شتاينماير: "اليوم نحن الألمان يسمح لنا بالقول: يوم التحرير هو يوم امتنان". وقال: "علينا ألا نقبل بأن يتبدد نظام السلم" الذي أقيم منذ 1945 "أمام أعيننا"، مضيفا: "نريد تعاونا أكبر وليس أقل (...) في العالم بما في ذلك لمكافحة الوباء". وكان الرئيس الألماني قرّر تنظيم مراسم رسمية كبيرة دعي إليها 1600 شخص؛ لكنها ألغيت بسبب الوباء. ولم يحصل احتفال ضخم في هذه الذكرى سوى مرة واحدة في ألمانيا في 1995. وبدلا من ذلك، قام شتاينماير والمستشارة أنغيلا ميركل بوضع إكليلي ورد على نصب ضحايا الحرب والهولوكوست (محرقة اليهود في الحرب العالمية الثانية) التي قتل خلالها ستة ملايين يهودي. وستقتصر المبادرة على العاصمة الألمانية، وقد أثارت جدلا. وشكك وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، الخميس، في مسألة جعل هذه الذكرى يوم عطلة وطنية سنويا في جميع أنحاء ألمانيا. وقال لقناة "تسي دي إف" التلفزيونية: "هذه ليست بالنسبة لي قضية أساسية". وأضاف: "المهم هو أن يُفهم هذا اليوم في ألمانيا على أنه يوم تحرير، يومٌ يمكننا بالفعل الاحتفال به"، وليس الشعور بالأسف خلاله. يمين قومي لكن اليمين القومي، الممثل بحزب "البديل من أجل ألمانيا"، لا يرى الأمور بهذا الشكل، وقد دان الاحتفالات. وقال ألكسندر غولاند، أحد قياديه الرئيسيين، إن الثامن من ماي يبقى ذكرى "هزيمة مطلقة" للبلاد وخسارة أراض في الشرق وموت آلاف المواطنين الألمان في قصف من الحلفاء. وأضاف أن ألمانيا فقدت في ذلك اليوم "استقلالها" في "رسم مستقبلها". وتشهد ألمانيا ارتفاعا في نسبة معاداة السامية، بينما يشكك اليمين القومي باستمرار في واجب الذاكرة. وقال يوزف شوستر، رئيس الطائفة اليهودية الوطنية، إن "الألمان ممثلون كضحايا خصوصا" في يوم الثامن من ماي. وأضاف باستياء "أجد أنه تقليل تاريخي لا مسؤول من خطورة جرائم النازية". خطاب للملكة في الدول الأخرى، أجبرت إجراءات العزل السلطات على تقليص الاحتفالات إلى أدنى حد، بمراسم تبث عبر الإنترنيت. وسيضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عند الساعة 15.30 ت غ إكليل ورود أمام نصب الحرب العالمية الثانية في واشنطن؛ بينما تنظم وزارة الدفاع الأمريكية من جهتها "يوما لانتصار أوروبا" افتراضيا، مع برنامج مباشر يبث على موقعها وشبكات التواصل الاجتماعي. وقال مارك اسبر، وزير الدفاع الأمريكي: "مع أننا نواجه تحديات مهمة مع كوفيد-19، التزامنا بإحياء ذكرى شجاعة وتضحيات محاربينا القدامى خلال الحرب العالمية الثانية، لن يتغير". والمراسم محدودة في فرنسا أيضا حيث يترأس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس مراسم مختصرة جدا في قصر الإليزيه بحضور كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين؛ لكن بدون جمهور. وسيضع ماركون إكليل ورود أمام تمثال الجنرال ديغول في باريس، ثم أمام قبر الجندي المجهول. وكان يفترض أن يتوجه ماكرون إلى موسكو، حيث يتجلى بوضوح تأثير الوباء على الاحتفالات. فهذه السنة لن يقام العرض العسكري الكبير في الساحة الحمراء. ولم تبق السلطات سوى على الشق الجوي من الاحتفالات، وسيحصل السبت في "يوم النصر" الذي تحتفل به موسكو في التاسع من ماي. وسيخاطب الرئيس فلاديمير بوتين الروس الذين ينتظرون خصوصا قرارات ما بعد 11 ماي، عندما ترفع إجراءات العزل التي فرضت قبل أكثر من شهر لمنع انتشار الفيروس. في لندن، ستتوجه ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية عبر قناة "بي بي سي" بخطاب إلى البريطانيين، في الساعة 20,00 ت غ؛ وهو "الوقت الذي تحدث فيه والدها الملك جورج السادس عبر الإذاعة في 1945"، حسب بيان للحكومة. ويبدأ إحياء الذكرى في المملكة المتحدة، عند الساعة العاشرة بتوقيت غرينتش، بلحظة تأمل وطنية ودقيقتي صمت. وبسبب الوباء، ألغيت الاحتفالات في الشوارع وتجمعات المحاربين القدامى، ودعت الحكومة السكان إلى الاحتفال في بيوتهم عبر اقتراح أفكار لألعاب أو وصفات أطباق. وشبه بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، وباء كوفيد-19 بالحرب العالمية الثانية، وذلك في رسالة وجهها إلى المحاربين القدامى. وكتب: "في هذه الذكرى، نخوض معركة جديدة ضد فيروس كورونا المستجد، الذي يتطلب منا روح جهود وطنية جسدتموها قبل 75 عاما". وبعدما أشار إلى إلغاء الاحتفالات وإجراءات التباعد الاجتماعي، قال جونسون: "اسمحوا لنا، أيها المواطنون الفخورون، بأن نكون أول من يعبر لكم عن امتناننا وشكرنا من أعماق قلوبنا، ونقسم بأننا سنتذكركم دائما". في براغ، سيتوجه المسؤولون السياسيون الواحد تلو الآخر بفارق عشر دقائق إلى قبر الجندي المجهول، لوضع أكاليل من الورود.