صعّبت الأزمة الوبائية على الرُحل مأمورية العيش في المناطق الجبلية للمملكة، بعدما كانوا يعتمدون على تجارة الماشية في الأسواق قصد كسْب قوتهم، ليجدوا أنفسهم يُكابدون قسوة الحياة في ظل غياب أي مورد مالي مستقر، نتيجة تداعيات انتشار الوباء الذي حتّم على السلطات إغلاق الأسواق الأسبوعية في جبال الأطلس. ويعيش عشرات الرحل في الجنوب الشرقي واقعاً مريراً بفعل "أزمة كورونا" التي تشحن حواسهم بأسوأ الاحتمالات، حيث يعتمدون على المساعدات الإنسانية في تدبير أمورهم المعيشية، مُدركين أن ما سيأتي سيكون أصعب على أسرهم، مستجمعين أعصابهم لمواجهة ما قد تحمله لهم الأيام. لذلك، عمدت مجموعة من الفعاليات المدنية في جهة درعة تافيلالت، بتنسيق مع السلطات المحلية، إلى تقديم يد العون لهذه الفئة المجتمعية التي وقعت فريسة لهواجس القلق، عبر تزويدها ببعض الحاجيات الأساسية لضمان معيشها اليومي، بعدما انقطع مورد رزقها بسبب حالة "الطوارئ". ويتعلق الأمر ببعض الرحل الذين تقطعت بهم السبل في الحدود الترابية بين إقليمي ميدلت وتنغير، وفق ما كشف عنه محمد حبابو، فاعل جمعوي بمنطقة إملشيل، الذي أبرز أن التقديرات الأولية لزيارة ميدانية أجراها لهؤلاء الرحل تشير إلى وجود قرابة 80 خيمة. وأوضح حبابو، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هؤلاء الرحل ليسوا تابعين لإقليم ميدلت، وإنما أتوا من الرشيدية وتنغير بسبب نشاط الترحال"، وأضاف: "نعمل على تجميع المساعدات الغذائية وإيصالها إلى الخيام، بفعل انعدام مورد الرزق لديهم في ظل الأوضاع الصحية الراهنة". وشدد المتحدث على أن "إغلاق الأسواق الأسبوعية في المنطقة حتّم على الرحل البقاء في خيامهم، ما دفعهم إلى الطواف على بعض الدواوير من أجل بيع الأغنام، لكن لا أحد يرغب في شرائها تخوفا من إطالة أمد الأزمة الوبائية، ومن ثمة يحرصون على عدم إنفاق أموالهم". أحد الرحل في المنطقة قال في شريط فيديو وثّقه المتحدث لهسبريس: "لا أتوفر على أي درهم في جيبي، فبعد إغلاق الأسواق التي نبيع فيها ماشيتنا، ونشتري من خلالها مستلزماتنا، فقدنا أهم مورد رزق كنّا نعتمد عليه في ضمان معيشنا اليومي، الأمر الذي أزّم وضعيتنا في الجبال".