أثار إنشاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي وتكليف محمد شفيق مصباح، العقيد في المخابرات، لإدارتها ردود أفعال واسعة بالجارة الشرقية، خصوصا أن الخطوة تهدف إلى "انتزاع السيطرة على السياسة الخارجية من الجيش وخدمات المخابرات"؛ وهي الجهات التي ظلت تتحكم في الملفات الدبلوماسية الخارجية، ومن بينها ملف الصحراء المغربية، بقبضة من حديد منذ عقود. وتهدف الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، التي وضعها تبون تحت وصايته، إلى وضع إستراتيجية جديدة للبلاد لإيجاد موطئ قدم في القارة الإفريقية ومنطقة الساحل الإفريقي تحديداً، وذلك بعد بروز دور المغرب في هذه المناطق بشكل قوي في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد عودة المملكة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي. وكشفت صحيفة "آتالايار" الإسبانية أن الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي تسعى إلى تحقيق غرضين؛ أولهما "انتزاع السيطرة على السياسة الخارجية من الجيش وخدمات المخابرات"، وثانيهما "تهيئة الظروف بحيث يصبح ملف الصحراء والأزمة السياسية الإستراتيجية التي تعاني منها المنطقة المغاربية مرة أخرى من صلاحيات رئاسة الجمهورية". وأكد المنبر الإسباني، وفقا لمصادره، أن أهم "المشاكل الرئيسية التي تواجهها الجزائر، والمرتبطة بسياستها الخارجية، هي بلا شك تلك المتعلقة بنزاع الصحراء من ناحيته الجيوسياسية والعسكرية، لاسيما في المنطقة العسكرية البحتة، والتي تشمل الدفاع عن الحدود ونشر القوات والتوازنات العسكرية في المنطقة، بشكل رئيسي بين الجزائر والمغرب". وأضاف المصدر ذاته أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "لا يملك سلطة التدخل، على الأقل في الوقت الحالي، في هذه الملفات والقضايا، على الرغم من كونه القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع". ويبدو أن الرئيس الجزائري، من خلال إنشاء وكالة التعاون الدولي لسحب السلطة الحقيقية من العسكر في القضايا الدبلوماسية، سيخوض مغامرة غير محسومة العواقب بالنظر إلى قبضة العسكر على السلطة الفعلية. ومن بين المهام الرئيسية لهذه الوكالة الدولية، وفق المصادر ذاتها، أن تقدم بشكل دوري إلى رئاسة الجمهورية الجزائرية تقارير سياسية وإستراتيجية مفصلة عن نزاع الصحراء المغربية وسيناريوهاته المستقبلية. وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن تنصيب تبون لعقيد سابق في المخابرات، وهو محمد شفيق مصباح لوضعه على رأس وكالة التعاون الخارجية، جاء لأن الرجل لا تزال لديه علاقات متشعبة في الجيش وفي المخابرات الجزائرية، وبالتالي الاستفادة من محيط علاقاته. وكان الرئيس الجزائري أعلن عن إنشاء وكالة التعاون الدولي خلال مشاركته في قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا في 9 فبراير الماضي. وأبرزت صحيفة "آتالايار" الإسبانية أن الجزائر "أهدرت رأس المال المتراكم لمدة ثلاثين سنة، في القارة الإفريقية". يشار إلى أن تبون كان، قبل وبعد وصوله إلى السلطة، قد هاجم المغرب في مناسبات متتالية، كما جدد مواقف بلاده العدائية تجاه المملكة المغربية، معتبرا نزاع الصحراء المغربية مسألة "تصفية استعمار في القارة الإفريقية".