يسود نقاش كبير في صفوف قضاة المملكة حول العطلة السنوية القضائية لهذه السنة، تزامنا مع تداعيات انتشار فيروس كورونا، بين من يرى تعليقها ومن يرى أحقية الحصول عليها. ويتداول عدد من القضاة في ما بينهم، وكذا بمواقع التواصل الاجتماعي وعبر الصفحات الرسمية الخاصة ببعض التنظيمات المهنية القضائية، مسألة العطلة القضائية السنوية، حيث ذهبت بعض الأصوات إلى تعليقها، بينما يرفض آخرون ذلك ويتمسكون بها. ودعا بعض القضاة التنظيمات التي ينتمون إليها إلى مراسلة المسؤولين القضائيين باعتبارهم الجهة المختصة لتعليق العطلة القضائية لهذه السنة، وذلك لتعويض هذه المدة التي شهدت فيها المحاكم شبه توقف بسبب جائحة كورونا، وما ارتبط بها من حالة الطوارئ الصحية. ولفت بعض القضاة الداعين إلى تعليق هذه العطلة القضائية إلى أنه رغم اشتغالهم في هذه الظرفية إلا أن وتيرة العمل ليست بالشكل الطبيعي؛ ناهيك عن كون المردودية ضعيفة، وهو ما يستوجب منهم التضحية لفائدة الوطن والمواطن. مقابل ذلك، فإن عددا كبيرا من القضاة يرفضون هذا المقترح، ويعلنون تشبثهم بالعطلة السنوية، إذ ذهب بعضهم إلى كون وكلاء الملك ونوابهم بمختلف محاكم المملكة، إلى جانب قضاة التحقيق والتلبس والجنايات، لم يتوقفوا عن العمل. وشدد القضاة الغاضبون من هذا المطلب على أن من يرغب في التنازل عن العطلة السنوية لا يجب أن يلزم به الآخرين، مؤكدين أنهم يمارسون مهامهم بشكل عاد وليسوا بمنازلهم يمارسون الحجر الصحي. وكتب أحد القضاة تعليقا على هذا الأمر: "ألا تكفي مدة الحجر الصحي لنضيف إليها مدة العطلة السنوية؟ حتما سنصبح كلنا مرضى نفسيين نحن وأبناؤنا"؛ فيما كتبت إحدى القاضيات: "العطلة السنوية ليست حقا للقاضي بقدر ما هي حق لأسرته وأبنائه". من جهته، أكد القاضي أنس سعدون، في تعليق له على الطلب المذكور، أن "العطلة القضائية لا ترتبط فقط بالقضاة، وإنما بمكونات أخرى للعدالة، من محامين وعدول وكتابة ضبط ونساخ ومفوضين غيرهم"، مضيفا أنه "إذا تم اتخاذ قرار موحد على مستوى الوظيفة العمومية سيطبق تلقائيا في المحاكم". وعبر مصدر من داخل نادي قضاة المغرب، رفض ذكر اسمه، عن كون "أغلبية القضاة، إن لم نقل جلهم، الذين يتمسكون بعطلتهم السنوية يستندون إلى مسوغات معقولة، ذلك أن الكثير منهم مازالوا يشتغلون، وبوتيرة ربما أكثر في هذه الظروف، كقضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الهيئات التي تبت في قضايا المعتقلين، وقضاة القضايا الاستعجالية؛ لذلك فالرخصة السنوية هي حق لهم ولأبنائهم وذويهم". وأضاف عضو النادي، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية: "حتى القضاة الذين علقت جلساتهم فهم ليسوا في راحة من أمرهم، بل يعيشون ما يعيشه المجتمع المغربي من اضطراب في سير حياتهم، ومن خوف على أنفسهم من أن يصابوا بهذا الوباء الخطير، أضف إلى ذلك أن الكثير منهم يقومون بدراسة ملفاتهم ويؤخرونها إلى جلسات بعينها ولو في المكتب".