أجواء وظروف مختلفة عن العادة يحل فيها شهر الصيام هذه السنة بالمغرب أملتها حالة الطوارئ الصحية وتدابير الحجر الصحي المتعلقة بجائحة كورونا، وهو ما أثر على مجموعة من السلوكيات والمظاهر الاحتفالية التي كانت تطبع استقبال المسلمين لهذه المناسبة الدينية؛ غير أن الأهم هو غياب التفاصيل بقوة في شهر يتسم بشعائر دينية وطقوس اجتماعية خاصة. حضر الصيام وغاب القيام لا يختلف اثنان على اختلاف أجواء استقبال شهر رمضان هذا العام بالمغرب وباقي بلدان المغرب الإسلامي، وحتى وإن تباينت تأثيرات الجائحة فإنها توحدت في الإسهام في اختفاء بعض من طقوس الشهر المبارك التي كانت تضفي "حلاوة" على الشهر الفضيل. لن يكون بمقدور المصلين حضور صلاة التراويح بالمساجد والساحات العمومية بعدما كان هذا الطقس الرمضاني لا يخلو منه أي حي يضم بين أحضانه مسجدا يلم الجموع لهذا الغرض، إلى جانب هذا حظرت جائحة كورونا التجمعات العائلية وعددا من الأعراف والعادات وتبادل الزيارات التي كانت لها رمزية ودلالات تاريخية ودينية واجتماعية تجمع الصائمين بحلول موعدي الإمساك والإفطار حول موائد الرحمان. النفار وموائد الرحمان مورث آخر سيغيب عن حواري وأزقة المدن في ليالي رمضان في زمن الجائحة، ويتعلق الأمر هنا ب"النفار" والطبال"؛ ذاك التراث الإيقاعي الذي يضفي الجمالية التقليديّة لليالي شهر الصيام والقيام، وستغيب معهما الألفة التي نسجاها طيلة عقود بمعية السكان، شأنها موائد الرحمان التي كانت تخصص للفئات الهشة وعابري السبيل. الأنشطة الرياضية والمقاهي "الحديث عن شهر رمضان في ظل وباء كورونا وفترة الحجر الصحي يدفعننا إلى العودة إلى حدث ومناسبة راسخة في ذاكرة الأسر، على امتداد العقود الماضية، وهي الطقوس والأجواء التي تتكرر كل سنة منذ ألف وأربعمائة وواحد وأربعين سنة لكن بطعم مختلف وظروف متباينة"، يقول إلياس المرابط المقاول الذاتي الشاب. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، بسبب الفيروس المستجد عادات وشعائر كثيرة تغيب عن هذه المناسبة التي لا يزال المغاربة يستعدون لها بكثير من الاحترام والإعداد القبلي والمستمر يسارع فيها المواطنون إلى الإكثار من الأعمال الخيرية والتضامنية والتصدق وغير ذلك. وزاد: "لقد شكل شهر رمضان على مدى سنوات، إلى جانب كل ما سبق ذكره، فرصة للإقبال على أنشطة موازية كالجري والمشي أو تمرينات عضلية داخل قاعة مجهزة ومعدة لهذا الغرض؛ غير أن هذا الأمر لن يكون ممكنا هذا العام، وستغيب دوريات كرة القدم المصغرة المستقطب الأول للممارسين والمتابعين من الصائمين، كوسيلة للاستمتاع بالرياضة وتزجية الوقت خلال هذا الشهر الفضيل".