كنا نتوقع من المدرب البلجيكي إيريك غيريتس أن يتحلى بقليل من المروءة وبشيء من الواقعية ويطلع علينا في أعقاب الخروج المبكر من نهائيات كأس أفريقيا للأمم بذلك الشكل المذل ، بتصريح واضح وصريح يعلن فيه عن طواعية واختيار قراره الشجاع بإنهاء مشواره رفقة منتخبنا الوطني الذي سميت عناصره ظلما وعدوانا أسودا أطلسية . كنا ننتظر منه أن يزف للشعب المغربي من هناك من ليبروفيل بشرى فك ارتباطه الحميمي وبطريقة ودية بجامعة علي الفاسي الفهري التي يبدو أن أعضاءها قد ابتلعوا ألسنتهم جميعا هذه الأيام ، وأضربوا عن الكلام والتعليق لا ندري لماذا ، ولكن ربما غضبا من الهجمة الشرسة للصحافة الوطنية المكتوبة والمسموعة ووسائل الإعلام المغربية غير الرسمية عليهم ، وحملتهم كامل المسؤولية مناصفة مع المدرب الكبير صاحب المواصفات العالمية الذي هللوا لقدومه ذات مساء ، وحملوه على أكتافهم فوق عمارية فاسية مباشرة بعد توقيعه لعقد يلتزم فيه بتحقيق نتائج غير مسبوقة في تاريخ كرة القدم المغربية حدها الأدنى المرور إلى الدور الثاني من بطولة دورة الغابون وغينيا الاستوائية لعام 2012 . أو ربما احتجاجا على خروج المغاربة عن بكرة أبيهم بشيبهم وشبابهم بنسائهم وأطفالهم إلى الشارع من أجل المطالبة برأس غيريتس ورحيله ، وعلى مبالغتهم في التعبير عن تذمرهم واستيائهم من إقصاء منتخب بلادهم الذي يبقى إقصاءً عادياً في نهاية المطاف ، وأنه ليس نهاية العالم على كل حال ، والخير ما زال لقدام واللي بغا يربح أو يتوج بالألقاب العام والزمان طويل ، والله يهدي هذا الشعب علينا وصافي . كنا ننتظر من السيد غيريتس أن يتصرف وفق الأصول ومنطق الأشياء والأمور احتراما لمشاعر الأغلبية الساحقة من المغاربة على الأقل ، وتقديرا للظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المغرب ، لأنه لا ينبغي فصل الجانب الرياضي عن السياق السوسيو- اقتصادي لأي بلد كيفما كانت قوته الاقتصادية وكيفما كان مستوى عيش سكانه . لكنه مع الأسف طلع حرامي ومصاص دماء من الطراز المحترف ، وأعطى الانطباع بأنه كائن بشري جشع لا يقنع ولا يشبع ، وبأنه شخص براغماتي أناني لا تهمه في هذه الدنيا إلا مصالحه الشخصية ولا يهمه سوى مصير ومستقبل حسابه البنكي الذي تضخم حد الانفجار وامتلأ بالتحويلات المالية التي تضخ فيه نهاية كل شهر من أموال الشعب المغربي ، عمومية كانت هذه الأموال أم من صناديق شركات ومؤسسات خاصة ، المهم أنها تصله شهريا وبالتمام والكمال بموجب عقد لتدريب منتخب وطني لبلد فقير اسمه المغرب . استمعوا مرة أخرى لتصريح السيد غيريتس في نهاية رحلة فريقنا الوطني إلى الغابون : قال غيريتس في هذا التصريح بأنه لن يهرب . أسيدي غير اهرب شكون شدك ، الله يلعن اللي تبعك وحاسبك على شي فرنك ولا حزرك باش تبقى في المنصب ديالك . وقال أيضا بأنه ليس خائفا من المواجهة ( الله يعطينا وجهك نصورو به تا حنا غير خمسة مليون فبلجيكا مع شي فرقة مسالية ديالكم بحال هادي ديالنا ) مضيفا في نفس اللقاء الصحفي بأنه سيعود للمغرب للجلوس مع المسؤولين عن الجامعة المغربية لكرة القدم على الطاولة ليقدم لهم تقريرا مفصلا عما جرى ويشرح لهم الموقف . أي موقف ؟ أسيدي ما عندك ما تشرح ليهم ولا لينا ، كلشي واضح وباين . أسباب الخسارة المزدوجة أمام كل من تونس والغابون فهمها واستوعبها الصغير قبل الكبير ، الخروج المبكر من المنافسات الإفريقية معروفة ، من كان السبب في كل هذا ( الفاعل ) معروف وليس مجهول الهوية ، الضحية ( المفعول به ) حالتها تشفي غليل الأعداء ، أما حجم الضرر الكبير والفادح فهو بادي على وجه كل مغربي ومكتوب بالبنط العريض على عنوان بيت كل مغربية . ولذلك وحتى لا تتعقد الأمور أكثر ولكي لا يتعمق الجرح أكثر ، ما على السيد علي الفاسي الفهري ، في هذه الظروف العصيبة التي تمر منها البلاد ، سوى تنظيم حفل وداع - على حسابنا ماشي مشكل بحال ديما - على شرف صديقه مسيو غيريتس ، ويخطب عليه بمناسبة هذا الحفل بالكلمة التالية بالفرنساوي طبعا : مسيو غيريتس .. أصالة عن أنفسنا نحن أعضاء الجامعة المغربية لكرة القدم ونيابة عن كل الفاشلين والمهزومين في العالم وباسم الشعب المغربي المكافح الجريح باسم كل مجنون وكل مهووس بكرة القدم على أرض هذا الوطن المشرعة أبوابه على مصراعيها للنصابين والسحرة والدجالين وبائعي الأوهام لشعبنا نعتذر لك عن عدم إمكانية السماح لك بالاستمرار في الضحك على ذقوننا لن نسمح لك مجددا باستغلالنا واستغبائنا لن نسمح لك ولا لأحد غيرك من اليوم فصاعدا بحرق أعصابنا وحلق رؤوسنا بلا ماء فما عاد في الجسم متسع لطعنات الخناجر وما عاد في القلب مكان لمزيد من الجراح نشكرك جزيل الشكر على العمل الجبار الذي قمت به لغير مصلحتنا طيلة خمسة عشر شهرا وبضعة أيام مرت علينا نحن الموقعين الواقعين أسفله كأنها البرق ومرت على شعبنا الذي أنهكناه وظلمناه كأنها جبال من السنين بصحتك وراحتك كل تلك الملايير التي منحناها لك بكل الإعجاب والحب والتقدير وصرفناها لك من جيوب المغاربة ومن قوت يومهم غصبا عنهم اسمح لينا بزاف أمسيو غيريتس ما سخينا بك صراحة ولا بتلك البزيزيلة التي رضعنا منها جميعا في جنح الظلام .. كل هذه المدة التي كنا نتمنى أن تطول أكثر وتدوم ولكن الله غالب ما عندنا ما نديرو لك هذا جهدنا عليك أنت اللي خرجت على راسك وخرجتي علينا معك وحنا كاملين خرجنا على المغاربة الله يغفر لينا ويسمح لينا منهم وصافي باي باي مسيو غيريتس تهلا لينا في الكلب غادي نتوحشوه بزاف . [email protected]