في خضمّ تزايد الإشكاليات الاجتماعية التي يطرحها الزواج المختلط، يتجه القضاء المغربي نحو تشديد التعاطي مع الطلبات المتعلقة بهذا النوع من الزواج، حماية للمواطنات والمواطنين المغاربة الراغبين في الارتباط بأزواج أجانب، والأطفال الناتجين عن هذه الزيجات. محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، وجّه مذكرة إلى كل من المحامي العام الأول لدى محكمة النقض والوكلاء العامين ووكلاء الملك وقضاة النيابة العامة بجميع محاكم المملكة، أكد فيها ضرورة "التعامل بالحذر اللازم واليقظة المطلوبة" مع مختلف الطلبات المتعلقة بالزواج المختلط. وطلب رئيس النيابة العامة من المسؤولين القضائيين المذكورين السهر على مواكبة مختلف الملفات المتعلقة بالزواج المختلط؛ وستصير الوثائق التي يتقدم بها الأطراف غير المغاربة في ملفات الزواج المختلط، وفق ما جاء في مذكرة رئيس النيابة العامة، خاضعة لدراسة متفحصة من لدن الجهات القضائية المعنية. الدراسة المتفحصة ستشمل أيضا الوكالات المسلّمة لغرض إبرام الزواج المختلط، حيث ستخضع للتأكد من صحتها، ومن هويات أصحابها وأهليتهم لإبرام عقد الزواج، طبقا لما تنص عليه مدونة الأسرة المغربية. الإجراءات الجديدة التي وضعتها رئاسة النيابة العامة لا تنحصر فقط في إخضاع الوثائق المتعلقة بالزواج المختلط للفحص الدقيق، بل إنها ستشمل أيضا المعلومات الشخصية المتعلقة بالشخص الأجنبي الراغب في الزواج، بما في ذلك ديانتهم. وطلب رئيس النيابة العامة من الوكلاء العامين ووكلاء الملك وقضاة النيابة العامة أن يحرصوا على "جمع المعلومات بكل دقة حول جنسية الشخص الأجنبي الراغب في الزواج وديانته، ومهنته، ودخْله، ووضعيته العائلية والقانونية، لوضعها رهن إشارة القضاء من أجل اعتباره لحظة اتخاذ القرار القضائي". ولا يُعرف ما إن كان البحث المتعلق بديانة الشخص الأجنبي الراغب في الزواج المختلط سيقتصر فقط على الذكور، باعتبار أن مدوّنة الأسرة تمنع زواج المرأة المغربية من غير المسلم إلا بعد اعتناقه للإسلام، أم ستشمل الإناث أيضا، في حال ما إذا كان مغربي يريد الزواج بامرأة من غير "أهل الكتاب"، التي يجيز الإسلام للمسلم الزواج بها. الأبحاث التي سيجريها المسؤولون القضائيون المكلفون بالتثبت من صحة الوثائق المقدمة لإبرام الزواج المختلط ومن المعلومات المتعلقة بالأجانب لن تكون حبيسة مكاتب القضاة، بل ستواكبها أبحاث ميدانية بواسطة مصالح الشرطة القضائية، وتوسيع دائرة البحث كلما اقتضى الأمر كذلك، وفق ما جاء في مذكرة رئاسة النيابة العامة. ويُتوخى من الأبحاث، التي ستتم من خلال تكثيف التعاون مع مختلف المصالح الإدارية ذات الصلة، إنجاز أبحاث "تعكس الصورة الحقيقية للوضعية القانونية لطالبي الزواج المختلط، من أجل اتخاذ القرارات المناسبة". ونبه رئيس النيابة العامة إلى أن الزواج المختلط أصبح يطرح مجموعة من الإشكاليات الاجتماعية؛ من قبيل تعذر التأكد من استقرار المرأة المغربية التي تلتحق بزوجها الأجنبي خارج أرض الوطن، أو بسبب ما تتطلبه بعض الإجراءات الإدارية في دول الاستقبال، أو لأسباب قد تمس المصلحة الفضلى للأطفال ثمرة هذا النوع من الزواج.