أنهى المغاربة عشرين يوماً كاملاً من الحَجر الصحي، الذي فرضته السلطات منذ العشرين من مارس المنصرم كإجراء لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد الذي عادل عدد المصابين به في المملكة، إلى حدود اليوم السبت، 1545 حالة مؤكدة. وحتى قبل تطبيق حالة الطوارئ الصحية، لزم أغلب المغاربة بيوتهم للعمل عن بُعد ابتداءً من الاثنين 16 مارس المنقضي، وفي نفس التاريخ جرى تعليق الدراسة بجميع الفصول والأقسام في المملكة حتى إشعار آخر. وكان من الصعب على المغاربة، على غرار باقي الناس في دول العالم، التكيف مع إجراء الحجر الصحي الذي قيَّد بشكل كبير حُرية المواطنين في التنقل خارج المنزل أو لقاء الأصدقاء، وجعلهم يلزمون المنازل مُضطرين. وإذا كانت فئة من المواطنين لم يشملهم إجراء الحَجر الصحي نظراً لاشتغالهم في مجالات وقطاعات حيوية لا يمكن أن تتوقف، مثل الصحة والأمن والتجارة والتوزيع والتحويل، فإن فئة عريضة من المغاربة كانت تقوم بعملها عن بُعد، سواء في القطاعين العام أو الخاص. أما فئة أخرى، فكانت مضطرةً للمكوث في المنازل دون عمل أي شيء، وباتوا يقضون ساعات اليوم بين النوم ومشاهدة الأفلام والمسلسلات وتتبع مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الفئة هي التي تواجه أكثر الملل والقلق والضجر جراء تتبعها بشكل كبير لمستجدات فيروس كورونا وخصوصاً الشائعات المنتشرة حوله. وقد بادر عدد من خُبراء علم النفس والأطباء إلى توجيه النصح والإرشاد إلى المغاربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتعامل مع إجراء الحَجر الصحي بالتأكيد على ضرورة تنويع الأنشطة طيلة اليوم، من خلال مُطالعة الكتب ومشاهدة الأفلام ذات الأفكار الإيجابية والقيام بحركات رياضية والمشاركة في مهام المطبخ والحفاظ على التواصل مع الأصدقاء والعائلة. وكان طبيعياً أن يتابع المغاربة، طيلة هذه الفترة، بصغيرهم وكبيرهم، أرقام الإصابات بمرض "كوفيد-19" بشكل يومي، وكانوا يُعبرون عن قلقهم إزاء وتيرة الوفيات التي ما زالت مرتفعة، وهو أمر سبق لوزارة الصحة أن ربطته بإصابة المرضى بأمراض مزمنة تكون عاملاً حاسماً في وفاتهم. ووفق إحصائيات منصة هسبريس الخاصة ب"كوفيد-19"، فإن نسبة الوفيات بسبب كورونا تصل إلى 7,18 في المائة، أما المتعافون فهُم في حدود 9,45 في المائة، وقد لوحظ أن وتيرة الشفاء ماضية في الارتفاع خلال الأسبوع الجاري بعد اعتماد دواء "الكلوروكين" للعلاج. وبالإضافة إلى الوفيات، فإن التساؤل حول العودة إلى الوضع الطبيعي يؤرق بال المغاربة، فهم يتساءلون حول ما إذا كانوا سيعودون إلى الحياة العادية كما قبل كورونا بحلول الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً أن أول أيام شهر الصيام رمضان يُصادف ال25 من شهر أبريل الجاري. ومن المقرر، وفق قانون المرسوم رقم 2.20.293 بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني، أن ينتهي الحَجر الصحي في 20 أبريل الجاري؛ لكن من المُرجح أن يجرى التمديد إلى حين السيطرة على الوباء. وتعني السيطرة على الوباء الوصول إلى صفر حالة جديدة، إضافة إلى تماثل غالبية المصابين للشفاء واستبعاد كل الحالات المشتبهة ضمن المخالطين .. آنذاك يمكن اتخاذ قرار إنهاء الحجر الصحي تدريجياً، كما تُوصي به مُنظمة الصحة العالمية. ولن يسود الاطمئنان في المغرب، كما في العالم، حتى يتم التوصل إلى لقاح لهذا الفيروس. وحسب إحصائيات ل"تحالف ابتكارات التأهب للوباء" (CEPI) فهناك تجارب ل78 لقاحاً عبر العالم؛ خمسة منها دخلت مرحلة التجارب السريرية". وتكمن أهمية اللقاح في الوقاية من الإصابة والحد بشكل فعال من انتشار الفيروس بشكل كبير؛ لكن ذلك لا يعني الاستغناء عن التدابير الوقائية الضرورية، من تفادي المصافحات والحرص على غسل اليدين باستمرار إلى جانب تجنب التجمعات الحاشدة.