بدأت "الحركة الوطنية لتحرير أزواد"، قبل أكثر من أسبوع، حربا على الجيش المالي ل "تحرير" الأقاليم الشمالية من الأراضي المالية التي يشكل الطوارق الغالبية الساحقة من سكانها، وكان مسؤول في الحركة قد صرح لوسائل إعلام أن الطوارق يستعدون ل "إعلان دولة في شمال مالي وبدء عمليات عسكرية ما لم يحصلوا على حكم ذاتي".. أمّا تطور المعارك في شمال مالي حتى الآن يسير في اتجاه سيطرة حركة الطوارق على معظم مدن إقليم ازواد، في ظل معطيات ملموسة عن تغيّر في السياسة الجزائرية تجاه الصراع الطوارقي المالي. إعلان الحكومة الجزائرية عن سحب مستشاريها العسكريين من شمال مالي، وكذا تجميّد دعمها العسكري لحكومتها، صدر على اثر سحب مالي لقواتها من عدة مناطق في كل من كيدال وتومبكتو وتوجيهها إلى مناطق الاشتباكات مع الحركة الطوارقية.. وذلك بعدما فشلت حكومة بماكو في اقناع وزراء خارجية بلدان الساحل، المجتمعين في نواكشواط، بربط تمرد الطوارق في شمالها بأنشطة القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، في ظل تأكيد وزير الخارجية الموريتاني، حمادي ولد حمادي، على عدم وجود أي روابط أو تنسيق من أي نوع بين الطرفين.. واصفا مطالب الطوارق ب "الواضحة بشأن الهوية" وداعيا إلي "تفادي الخلط بينهم والعناصر الإرهابية الموجودة في شمال مالي" وكذا مشددا على أن الطوارق "مجموعة عرقية تقاتل داخل أرضيها". تفهم حكومتي الجزائر ونواكشوط للمطالب الطوارقية أملته عدة متغيرات، أولاها تعنت مالي في تطبيق اتفاقيات السلام، وأيضا تخوف البلدين من تحول الطوارق إلى حلفاء للقاعدة وما قد يجره ذلك من مبررات لتدخل أجنبي في المنطقة، وإدراكهما استحالة استقرار المنطقة دون التوصل لحل حقيقي لمشكل الطوارق في شمال مالي خيبة أمل الحكومة المالية، والضغط الجزائري الموريتاني، ليّنت موقفها بأن أبدى وزير الخارجية سوميلوبوبى ميغا الاستعداد لتقديم تنازلات وبدء حوار جاد مع قيادات الطوارق، لكنه شدد على أن أي حوار أو تنازلات ستكون تحت سقف دولة مالي الموحدة غير القابلة للتجزئة، في إشارة لرفض مالي استقلال إقليم أزاواد وإمكانية قبولها منحه حكما ذاتيا على شاكلة المقترح المغربي لحل نزاع الصحراء.. ويبدو أن الحكومة الجزائرية قد رفعت القيود حول المطالب الطوارقية في هذا الإطار. تغيير السياسة الجزائرية اتجاه قضية الطوارق في شمال مالي، انعكس على استعداد سلطاتها لاستقبال النازحين الطوارق الفارين من مناطق القتال، حيث شكلت لجنة لتتبع واستقبال اللاجئين والاعتناء بأحوالهم.. ونقلت صحيفة "الخبر" عن مصدر أمنى جزائرى أن الدفعة الأولى من هؤلاء اللاجئين، قدر عدد أفرادها ب 100 أسرة، وصلت بالفعل إلى ولايتي تمنراست وأدرار الحدوديتين مع مالى.. حيث يبدو بأن الجزائر تخشى من تكرار موجة النزوح الجماعي التى تمّت خلال الثمانينيات من القرن الماضي بعد اندلاع الحرب بين الحكومة المالية والطوارق.