نقابة UMT تختم المؤتمر الوطني    وفد برلماني فرنسي يزور العيون    إتحاد تواركة يتخطى حسنية أكادير    حكيمي يهدي هدفين إلى الباريسيين    الأمن يوقف عصابة في الدار البيضاء    الفوج 34 يتخرج من "ليزاداك"    قطار يدهس رجل مجهول الهوية بفاس    نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي يدعو إلى قتل الفلسطينيين البالغين بغزة    المؤتمر الاستثنائي "للهيئة المغربية للمقاولات الصغرى" يجدد الثقة في رشيد الورديغي    انتخاب محمد انهناه كاتبا لحزب التقدم والاشتراكية بالحسيمة    بدء أشغال المؤتمر السابع للبرلمان العربي ورؤساء المجالس والبرلمانات العربية بالقاهرة بمشاركة المغرب    صدمة كبرى.. زيدان يعود إلى التدريب ولكن بعيدًا عن ريال مدريد … !    اختيار المغرب ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بباريس يعكس جودة التعاون الثنائي (وزيرة الفلاحة الفرنسية)    حديقة المغرب الملكية في اليابان: رمز للثقافة والروابط العميقة بين البلدين    تجار سوق بني مكادة يحتجون بعد حصر خسائرهم إثر الحريق الذي أتى على عشرات المحلات    الملك محمد السادس يهنئ سلطان بروناي دار السلام بمناسبة العيد الوطني لبلاده    ألمانيا.. فوز المحافظين بالانتخابات التشريعية واليمين المتطرف يحقق اختراقا "تاريخيا"    نجوم الفن والإعلام يحتفون بالفيلم المغربي 'البطل' في دبي    المغربي أحمد زينون.. "صانع الأمل العربي" في نسختها الخامسة بفضل رسالته الإنسانية المُلهمة    الإمارات تكرم العمل الجمعوي بالمغرب .. وحاكم دبي يشجع "صناعة الأمل"    الكاتب بوعلام صنصال يبدأ إضرابًا مفتوحا عن الطعام احتجاجًا على سجنه في الجزائر.. ودعوات للإفراج الفوري عنه    مصرع فتاتين وإصابة آخرين أحدهما من الحسيمة في حادثة سير بطنجة    إسرائيل تنشر فيديو اغتيال نصر الله    لقاء تواصلي بمدينة تاونات يناقش إكراهات قانون المالية 2025    مودريتش وفينيسيوس يقودان ريال مدريد لإسقاط جيرونا    هذه هي تشكيلة الجيش الملكي لمواجهة الرجاء في "الكلاسيكو"    تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس : الجمعية المغربية للصحافة الرياضية تنظم المؤتمر 87 للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية    أمن تمارة يوقف 3 أشخاص متورطين في نشر محتويات عنيفة على الإنترنت    نقابة تدعو للتحقيق في اختلالات معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية المسلجة خلال يوم واحد.. وهذه توقعات الإثنين    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال 24 ساعة الماضية    رسالة مفتوحة إلى عبد السلام أحيزون    المغرب في الصدارة مغاربيا و ضمن 50 دولة الأكثر تأثيرا في العالم    الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يُهدد القدرات المعرفية للمستخدمين    المغرب ضمن الدول الأكثر تصديرا إلى أوكرانيا عبر "جمارك أوديسا"    تقرير.. أزيد من ثلث المغاربة لايستطيعون تناول السمك بشكل يومي    جمال بنصديق يحرز لقب "غلوري 98"    حماس تتهم إسرائيل بالتذرع بمراسم تسليم الأسرى "المهينة" لتعطيل الاتفاق    عودة السمك المغربي تُنهي أزمة سبتة وتُنعش الأسواق    هل الحداثة ملك لأحد؟    مسؤول أمني بلجيكي: المغرب طور خبرة فريدة ومتميزة في مكافحة الإرهاب    سامية ورضان: حيث يلتقي الجمال بالفكر في عالم الألوان    نزار يعود بأغنية حب جديدة: «نتيا»    نجاح كبير لمهرجان ألوان الشرق في نسخته الاولى بتاوريرت    فقدان الشهية.. اضطراب خطير وتأثيره على الإدراك العاطفي    القوات المسلحة الملكية تساهم في تقييم قدرات الدفاع والأمن بجمهورية إفريقيا الوسطى    الصين تطلق قمرا صناعيا جديدا    القصة الكاملة لخيانة كيليان مبابي لإبراهيم دياز … !    الشاذر سعد سرحان يكتب "دفتر الأسماء" لمشاهير الشعراء بمداد الإباء    المغرب يعود إلى الساعة القانونية    فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري في زمن الوباء
نشر في هسبريس يوم 27 - 03 - 2020

كثيرة هي مناحي النقص التي كشفها ظهور جائحة "كوفيد 19" الذي عم العالم وأخرس البنادق، وأحرج الساسة والسياسيين، بل وهز اقتصاديات الدول العظمى ناهيك عن دول العالم الثالث.
وتمثل سنة 2020 السنة الخامسة على التوالي منذ اعتماد المغرب التقسيم الجهوي الجديد؛ ذي الإثنتي عشر جهة التي تشكل مجموع التراب الوطني. فبعد دسترة مؤسسة الجهة بموجب دستور الفاتح من يوليوز 2011، وتنظيم أول انتخابات جماعية وجهوية من نوعها في تاريخ المغرب الحديث في 4 من سبتمبر عام 2015 يكون المغرب قد دخل فعليا في النظام الجهوي الجديد، الذي خول بموجبه المشرع صلاحيات جديدة وواسعة، بل وغير مسبوقة لمجالس الجهات، للدفع بعجلة التنمية وكسب رهان التطور والنمو.
ولضمان التنزيل الفعلي للمقتضيات الجديدة فيما يتعلق بالجهوية بنوعيها الموسعة والمتقدمة، أصدر المشرع ترسانة من النصوص القانونية الضرورية كحاضن تشريعي وموجه مؤسساتي في ظل النظام الجهوي الوليد، وهو ما تمثل في صدور القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والقانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم، والقانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، التي شكلت المرجع المؤسس لعمل المجالس المنتخبة بأنواعها.
ثم أعقبه صدور عدد من المراسيم المتعلقة باللاتمركز الإداري تمثلت في المرسوم رقم 2.17.618 الصادر في 18 من ربيع الآخر 1440 (26 دسمبر 2018) بمثابة ميثاق وطني للاتمركز الإداري، والمرسوم رقم 2.19.40 بتحديد نموذج التصميم المديري المرجعي للاتمركز الإداري.
هذه القوانين والمراسيم التي خرجت لحيز الوجود ما تزال تنتظر التنزيل الفعلي والتطبيق الميداني، فبالرغم من الخطب الملكية العديدة التي دعا من خلالها عاهل البلاد إلى التعجيل بتنزيل الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، إلا أنها ما تزال رهن الانتظار، وهي مسؤولية سياسية تقع على عاتق الحكومة، الشيء الذي يعني أننا لازلنا نعيش في ظل نظام التركيز الإداري بكل ما يحمله المفهوم من معنى.
مناسبة هذا الكلام ما يعيشه المغرب في أيامنا جراء الوباء المتمثل في جائحة "كوفيد 19" إذ أن كل القرارات والتدابير الاحترازية ما تزال مركزية، فقرار توقيف الدراسة تم اتخاذه على مستوى الوزارة رغم وجود الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين بصلاحياتها الإدارية والمالية الموسعة، كما أنه اتخذ على عجل حتى قبل اتخاذ الإجراءات الاستثنائية أو البديلة فيما يخص التكوين والتعليم عن بعد. وبقي الشعب في انتظار تناسل البلاغات، التي اتسمت بالحدة حيال المواقع الإلكترونية والمنصات المعتمدة والمخول لها فعليا تقديم خدمة التعليم عن بعد للطلبة والتلاميذ.
صحيح أننا في وضع استثنائي يتعلق بوباء عام، الأمر الذي يستدعي جملة من القرارات السياسية والسيادية، التي من الطبيعي أن تصدر عن الإدارات المركزية بعاصمة الدولة. لكن هناك مجموعة من الإجراءات الأخرى التي تتطلب تفويض مجموعة من الصلاحيات بموجب القوانين والمراسيم الصادرة في هذا الشأن، إلى الولاة والعمال فيما يتعلق بالصلاحيات المخولة لهم بنص الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، وهوالشأن نفسه بالنسبة للمدراء الجهويين والإقليميين بالإدارات العمومية الممثلة لمصالح الدولة بالجهات والأقاليم، أضف إلى ذلك الصلاحيات الكبيرة المخولة لرؤساء الجهات من جهة، ورؤساء المجالس الإقليمية والجماعات من جهة ثانية، لكنها تظل معطلة، عدا بعض الاستثناءات التي اتخذت طابع مبادرات اجتماعية محضة.
هذا على مستوى القرارات والتدابير التي يتعين أن يتم تنزيلها فعليا، و الفصل ضمنها بين ما هو مركزي ولامركزي. أما على مستوى البنيات التحتية، وهنا أقدم مثالا بارزا بقطاع الصحة مثلا؛ إذ من غير المقبول في ظل النظام الجهوي الموسع أن ينتظر الأشخاص المحتمل إصابتهم بالوباء نقل التحاليل المخبرية إلى المركز المختص بالرباط أو الدار البيضاء، حتى يتم التوصل بالنتائج، وهنا أتساءل ماذا لو تجاوزت الحالات المشتبه في إصابتها الإمكانيات التي يتوفر عليها المركز الممركز؟
لذلك يتعين إحداث مراكز جهوية لمكافحة الأوبئة، كما أنه لم يعد مقبولا أن تبقى الإدارة المسؤولة عن الأوبئة على مستوى المملكة ممثلة في مجرد مديرية مركزية بوزارة الصحة، لذلك أرى أن يحدث مركز وطني لمكافحة الأوبئة وأن تستحدث تمثيليات جهوية له بكل جهة على حدة، معززة بمختبرات بيولوجية مختصة، بالموازاة مع مراكز جهوية لتحاقن الدم.
صحيح أن إحداث هذه المنشآت مكلف ماديا ولوجيستيا، لكن تكلفته السياسية والإدارية في ظل سياسة اللاتمركز الإداري أكبر.
لقد حان الوقت لتقرر بلادنا بكل جرأة ومسؤولية الخروج من حالة التردد بين سياسة التركيز واللاتركيز، الشيء الذي يحيلنا على العلاقة القديمة / الجديدة القائمة بين الدولة المركزية والأطراف، بين المركز والهامش، فجل المراكز الحيوية متمركزة في العاصمة أو محيطها، يحدث هذا في زمن الجهوية الموسعة وفي ظل الوباء الفتاك.
وفي الجانب الاجتماعي صادقت الحكومة في 31 يناير 2019 على مشروع القانون رقم 18- 72 المتعلق ب "السجل الاجتماعي الموحد"، الذي يعد من أبرز المشاريع الاجتماعية، وتمت إحالته على البرلمان قصد المناقشة والمصادقة، ولم يخرج إلى حيز الوجود إلى اليوم رغم أهميته وراهنيته البالغتين.
وفيما يتعلق بالوكالة الوطنية للسجلات وما يرتبط بها من إحداث السجل الوطني للسكان، والسجل الاجتماعي الموحد الذي دعا إليه ملك البلاد، والذي يستهدف (السجل) تسجيل الأسر الفقيرة، قصد الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية، فإن تأخر صدوره يجعل البلاد اليوم في مأزق أمام صعوبة تحديد وتمييز الفئات الهشة والفقيرة التي تستحق المساعدة والدعم، عن تلك الغير مستحقة، نظرا لغياب المعايير، وبدرجة أكبر حينما يتعلق الأمر في راهننا باستفادة العمال والحرفيين والعاملين بالقطاع غير المهيكل، الغير خاضعين للتصريح لدى مصالح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من الدعم المخصص لهم ضمن الإجراءات المتخذة للتخفيف من معاناتهم جراء الوباء.
إن التباطؤ سواء في المصادقة على مشاريع القوانين من قبل المؤسسة التشريعية، أو التنزيل الفعلي للقوانين والمراسيم الصادرة بالجريدة الرسمية، يفقد السياسة وتدبير الشأن العام من محتواهما، و يعزز حالة الانتظارية والتردد، ويغذي الاحتقان ويطرح علامات الاستفهام حول التوجهات الكبرى للدولة و الحكومة الحالية في مجال السياسات العمومية الاجتماعية، وكذا التنزيل الكامل لمقتضيات الجهوية الموسعة وهو أمر لا يخدم البتة المصالح العليا للوطن في المناحي السياسية والحقوقية والديمقراطية، ويهدد السلم الاجتماعي للوطن.
كما أن الإحصاء العام للسكان والسكنى الذي ينظم مرة كل عشر سنوات، ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار التفكير في استحضار الآفات والأوبئة التي يمكن أن تتعرض لها البلاد بناء على دراسات استراتيجية وتدابير توقعية للمخاطر من هذا النوع، حتى يجنب البلاد حالة الارتباك التي تعيشها جراء هذه الجائحة الفتاكة.
فهل يصلح العطار ما أفسد الدهر؟؟؟
*باحث، وفاعل مدني
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.