نبأ سار ذلك المتعلق بقرار السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم تعليق الدراسة إلى أجل غير مسمى، توقيا من انتشار فيروس كورونا الذي ابتلي به العالم كله، وذلك ابتداء من يوم الاثنين القادم… قرار صائب يستحق التنويه رغم انه كان متوقعا مادام قد قامت به فرنسا وسبقتنا إليه... الدور إذا على المساجد التي تنتظر قرارا جريئا لإغلاقها في أوقات الصلاة خصوصا يوم الجمعة، وهي التي تعج بعشرات ومئات الوافدين خمس مرات في اليوم، تضم فئات عمرية مختلفة، أغلبها من ذوي الأعذار والأمراض المزمنة التي صار المبتلون بها يستعملون كراسي غصت بها المساجد حتى أصبحت كالكنائس..! الإسلام دين الرحمة والتشريعات السمحة، دين "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"، ودين "الضرورات تبيح المحظورات"، ولا ضرورة أهم من حفظ النفس البشرية: "من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا. ومن أحياها فكأنما أحيى الناس جميعا." لقد رخص الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الصلاة في بيوتهم وفي رحالهم عند هطول الأمطار وطروء الأوحال، وهبوب الرياح القوية، وبشكل رسمي في بعض الأحيان حين يأمر بلالا أن ينادي في صلاة الفجر على المسلمين" أن صلوا في رحالكم." وما ذلك إلا احترازا من الوقوع في الإضرار بالنفس. ثم إن المذهب المالكي رائد في جمع صلاة المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين عند نزول المطر لإتاحة الفرصة أمام المصلين للرجوع إلى بيوتهم قبل استحالة العودة إليها بسبب السيول والأوحال التي قد تنتج عن تلك الأمطار.. لاشك أن الظرف الطارئ بسبب كورونا الخبيث القاتل أقوى من الظروف التي جعلها الشرع رخصا وأعذارا للتخلف عن الجماعة والجمعة.. إن المسجد يغص في غالب الأحوال بفئات عمرية فوق الخمسين والستين سنة، وهي الفئة حسب الأطباء الأكثر عرضة للتأثر بهذا الفيروس القاتل، ناهيك عن الاحتكاك ومحاذاة المناكب، وملاصقة الأرجل وما يتخلل ذلك من سعال وعطاس، ومصافحة بالأيدي عقب الصلاة والختم بالدعاء.. إنها ظروف مواتية لانتقال المرض الفتاك مثل ظروف انتقاله في المدارس والجامعات ورياض الأطفال بين الطلبة والتلاميذ، مما يكون معه القياس صائبا بالضرورة،. قياس المسجد على المدرسة مع عدم وجود الفارق، وليست صلاة الجماعة بأهم من طلب العلم.. فموقفا جريئا من السلطة الحكومية المكلفة بالشأن الديني لإغلاق المساجد حتى يرفع الله عنا هذا البلاء حفاظا على سلامة المواطنين في أبدانهم وأرواحهم… "فاتقوا الله ما استطعتم.." *دكتوراه في العقيدة والأديان نائب رئيس مركز الرسالات وحوار الأديان خطيب وواعظ بالرباط