بتاريخ الاثنين 27 يناير 2020، تم التوقيع أمام أنظار جلالة الملك نصره الله، على الاتفاقية الخاصة بتنفيذ البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات بتكلفة أجمالية قدرت ب 6 مليارات درهم مناصفة بين الدولة والقطاع البنكي (3 مليارات درهم لكل طرف) مع تعبئة مساهمة إضافية لصندوق الحسن الثاني للتنمية بمبلغ ملياري درهم، ليصل الحجم الإجمالي إلى 8 مليارات درهم. ويهدف هذا البرنامج إلى: خلق 27000 منصب شغل؛ ومواكبة 13500 مقاولة. واستمد هذا البرنامج الطموح مرجعيته من: الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يعرفها الاقتصاد المغربي في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، خاصة وأن المغرب مرتبط باقتصاد العالم بعد توقيعه على مجموعة من الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي وأمريكا وتركيا. صعوبة أو ضعف الاستثمار الخصوصي الذي لم يواكب بما يكفي، الاستثمارات العمومية رغم ارتفاع مؤشر مناخ الأعمال وتحسنه بالمغرب؛ الصعوبات التي تواجهها المقاولات المغربية خاصة في علاقتها مع الأبناك والولوج للتمويلات؛ صعوبة إدماج الشباب في سوق الشغل وهو ما خلص إليه البنك الدولي في مذكرته الاقتصادية القطرية: المغرب في أفق 2040؛ الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي. وجاء بالحرف في المذكرة ما يلي: "حقق المغرب تقدما اقتصاديا لا يمكن إنكاره على مدى السنوات الخمسة عشرة الماضية انعكس على أداء نمو المملكة، وتحسن في متوسط مستوى معيشة الساكنة، وزيادة فرص ولوج الجميع إلى الخدمات العمومية الأساسية، وتطوير ملموس في البنية التحتية العمومية. ولئن كانت العديد من المؤشرات الاقتصادية على النهج الصحيح، فثمة مؤشر واحد لم يصبح إيجابيا بعد: يتعلق الأمر بمؤشر إدماج الشباب في التيار الاقتصادي والاجتماعي. تشكل عمالة الشباب تحديا هاما، خاصة وأن شابا من أصل اثنين تقريبا ممن تتراوح أعمارهم بين 25-35 سنة يتوفرون على منصب عمل غالبا ما يكون في القطاع غير النظامي والهش. صعوبة النسيج الاقتصادي المغربي الذي يتشكل أساسا من المقاولات الصغيرة والمتوسطة في توفير فرص الشغل للشباب، وهو ما أدى إلى تراكم عدد الشباب العاطل وخاصة من حملة الشواهد، وجهة الشرق نموذج بتربعها على عرض معدلات البطالة بالمغرب بضعف المعدل الوطني؛ تقرير والي بنك المغرب لسنة 2018 والمقدم يوم 29 يوليوز 2019 لجلالة الملك حفظه الله، والذي جاء مقتطف منه بما يلي: "وهكذا، يتضح أن المغرب لا يستغل بالقدر الكافي الفرص المؤقتة، التي يتيحها له الانتقال الديمغرافي، في تعزيز رأسماله البشري. من ثورته اللامادية وعاملا حاسما في تنميته، كما بينت رأسماله البشري. هذا الأخير الذي يعتبر مكونا مهما من ثورته اللامادية وعاملا حاسما في تنميته، كما بينت الدراسة التي أجراها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنك المغرب، بتعليمات ملكية سامية، حول تطور الثروة في المغرب. من جهة أخرى، فإن الإقصاء من سوق الشغل واستمرار مستوى عال ضعف التماسك تزيد مواقع التواصل الاجتماعي من حدتها في منظور الساكنة، يفاقم الإحساس بالتهميش وبضعف التماسك الاجتماعي. ويأتي ضعف النمو والتشغيل أيضا كنتيجة مباشرة لتراجع الاستثمار الخاص، بالرغم من التحفيزات الكثيرة ومن تطور النظام المالي بصورة كبيرة مقارنة بالبلدان المثيلة. ذلك أن الجهود المبذولة لصالح نظامنا الإنتاجي لم تنجح في تجاوز وضعه المثير للقلق، الذي لا زال مستمرا إلى غاية اليوم". فالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات استجابة لواقع الشباب بالمغرب وصعوبة ولوجه لسوق الشغل من جهة، ولواقع المقاولة المغربية في خلق الثروة واستدامة نشاطها، وخلق فرص مستدامة للشغل دعما لمجهودات التنمية المستدامة المبذولة بالمغرب. يقدم البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات للفئات المستهدفة والمتمثلة في: المقاولات الصغيرة جدًا والتي لم تتجاوز 5 سنوات؛ الشباب الحامل للمشاريع؛ الشباب ومقاولات الصغرى بالعالم القروي؛ المقاولات الصغيرة المصدرة لإفريقيا؛ والقطاع غير المنظم؛ جيل جديد من الضمانات والتي تم تنزيلها في ثلاثة منتوجات: المنتوج الأول "ضمان انطلاق"، وهو ضمان يستهدف المقاولين الذاتيين وحملة المشاريع والمقاولات الصغيرة جدًا؛ المنتوج الثاني "ضمان انطلاق المستثمر القروي"، وهو يستهدف الضيعات الفلاحية الصغيرة والمقاولات الصغيرة جدًا والمقاولين الذاتيين بالمجال القروي؛ المنتوج الثالث ستارت المقاولات الصغيرة جدا START TPE ، هو منتوج عبارة عن تسبيق يتم استرداده بعد خمس سنوات دون فائدة وموجه للمقاولين الذاتيين حاملي المشاريع والمقاولات الصغيرة جدًا. يبقى هذا البرنامج الطموح آلية لتحريك عجلة الاقتصاد المغربي، لأنه لا يتوجه فقط للشباب الحامل للمشاريع والمقاولات الصغيرة جدًا والصغيرة المصدرة لإفريقيا والعالم القروي، بقدر ما يمكن الأبناك كذلك، من تحريك معاملاتها البنكية وتوفير سيولة مالية لها تنعش أنشطتها من خلال التمويلات الموجهة للفئات المستهدفة. كما سيمكن من دعم الصادرات لأنه يتيح للشركات الصغيرة المصدرة لإفريقيا إمكانية الولوج للتمويلات. ولا تفوتني فرصة التذكير بكون المغرب عرف سابقا تنزيل مجموعة من البرامج الهادفة لدعم المقاولات الناشئة ولحاملي المشاريع، وهو ما يستوجب اليوم، تقييمها بغية الاستفادة من إيجابياتها وتفادي سلبياتها، مع أهمية إشراك حقيقي للجمعيات المتدخلة في مجال دعم المقاولين الشباب ومواكبتهم في لجان حكامة هذا البرنامج. إن أهمية هذا البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات لا يجب أن تحجب عنا كون التمويل رغم أهميته، فهو لوحده غير كاف لدعم المقاولات الصغيرة جدا والمقاولين الذاتيين، بل يستوجب الأمر مجموعة من التدابير المصاحبة ك: مراجعة قانون الصفقات العمومية لتمكين المقاولين الذاتيين من الاستفادة من الصفقات العمومية ولو بتخصيص نسبة معينة لهم، وتمكينهم من الولوج للصفقات العمومية، لأن البرنامج موجه للشركات الصغيرة جدًا التي لا يتعدى عمرها خمس سنوات، وهي بذلك لا تتوفر على مراجع attestations de références تمكنها من منافسة الشركات الكبرى والمتوسطة؛ تخصيص سندات الطلب bons de commande للمقاولين الذاتيين والشركات الصغيرة جدًا لتحفيزها ودعمها على إنجاح مقاولاتها؛ إلزامية إشراك هذه الشركات الصغيرة جدا المقاولين الذاتيين في الصفقات الكبرى العمومية، وذلك باستفادتهم بحصة منها في إطار التفويتla sous-traitance من طرف الشركات المتوسطة والكبرى النائلة لصفقات يفوق حجم استثمارها 2 مليون درهم كحد أدنى؛ ويبقى الرقم استدلالي على المسؤولين على البرنامج والحكومة تحديده؛ تخصيص حصيص 20% من صفقات الجماعات الترابية لهذه الشركات والمقاولات الذاتية المستفيدة من الدعم، وذلك بهدف خلق فرص شغل مستدام للشباب؛ تمكين التعاونيات من الاستفادة من هذا البرنامج لأهمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني؛ وتبقى هذه المقترحات مجرد أفكار يمكن دعمها بتشريعات جديدة بهدف أجرأة هذا النوع من التدابير لبلوغ الأهداف النبيلة والطموحة المسطرة لهذا البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات. بخصوص التوجيه، يحدد الدليل الخاص بالبرنامج الذي أعده بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، مجموعة من المتدخلين: وكالات بنكية وكالات بنك المغرب والمراكز الجهوية للاستثمار والوحدات الجهوية للصندوق المركزي للضمان، والمكونات الجهوية للاتحاد العام لمقاولات المغرب والشبابيك الجهوية للوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، وهي كثيرة ويمكن أن تربك المواطن بعدم تجانس في المعطيات. ويبقى المركز الجهوي للاستثمار المؤهل لمواكبة الشباب والمقاولات مع خلق ممثلين للبنوك المعنية بالمراكز الجهوية للاستثمار، وجعله شباكا وحيدا يوجه ويواكب ويمول (بوجود الأبناك بمقره). *دكتور في الاقتصاد الجهوي والتنمية الترابية