قال عدد من خبراء الصحة إن الدول الإفريقية معرضة لخطر شديد إذا لم يتم الكشف عن تفشي مرض كورونا المستجد مبكراً والعمل على احتوائه، وهو ما من شأنه أن يمثل تهديداً للصحة العامة. وأفادت منظمة الصحة العالمية بإن عدداً قليلاً من الدول في القارة السمراء على استعداد للتعامل مع تفشي المرض، كما أن قلة منها لديها أنظمة صحة كافية للتعامل مع الحالات الشديدة على نطاق واسع. وعلى الرغم من استمرار رحلات مباشرة إلى الصين التي ظهر فيها فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، سجلت فقط 11 حالة مؤكدة في القارة الإفريقية، إلى حدود الثلاثاء، وذلك في كل في المغرب والجزائر وتونس ومصر والسنغال ونيجيريا. وقال الدكتور جون نكنجاسونغ، مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC)، في تصريحات ل"CNN"، إن هناك خطرين يواجهان إفريقيا؛ الأول يتمثل في قدرة الاكتشاف بسرعة، والثاني يتعلق بالقدرة على الاحتواء. وأكد المسؤول السابق في مركز السيطرة على الأمراض في الولاياتالمتحدة الأميركية أن "السرعة تعتبر مهمة جداً في التشخيص لأنها تتيح عزل الأشخاص الذين تأكدت إصابتهم ومراقبتهم لمدة أسبوعين على الأقل"، مشيراً إلى أنه "في حالة لم يتم حصر هؤلاء الأشخاص مبكراً، فسوف يستمرون في الاختلاط بالسكان، وبالتالي يساهمون في انتشار الفيروس". وأورد نكنجاسونغ أن هناك اليوم أكثر من 40 دولة في القارة الإفريقية لديها القدرة على اكتشاف الفيروس، مشيراً إلى أن بعض الدول كانت لديها رحلات مباشرة مع الصين، من بينها مصر والمغرب والجزائر وإثيوبيا وكينيا وموريشيوس وجنوب إفريقيا، وقد أوقفت كلها هذه الرحلات باستثناء إثيوبيا. وبحسب تصريحات الدكتور ذاته، فإن "الخطر يتهدد عدداً من الدول الإفريقية، والقارة بصفة عامة؛ فدولة كبرى مثل نيجيريا رغم أنها غير مرتبطة برحلات مباشرة مع الصين، إلا أن كثيرا من مواطنيها يذهبون إلى هناك، إضافة الكونغو الديمقراطية التي تعرف تفشي فيروس إيبولا وتعاني ويلات الصراع، ولها نظام صحي هش لا يمكنها من الكشف والاحتواء السريعين". وأكد نكنجاسونغ أن ما حدث في الصين يكشف حقيقة أن الفيروس حتى ولو كان خفيفاً إلا أن انتشاره سريع، ويمكن أن يصل معدل الوفيات بسببه إلى 2 في المائة، وهذا يمثل عدداً كبيراً من الناس. وذهب المتحدث إلى القول إن "هذا النوع من الأمراض يمثل خطراً كبيراً على إفريقيا لأن الأنظمة الصحية فيها ليست قوية بما يكفي لتوفير نظم الدعم التنفسي المطلوب لرعاية المرضى المصابين كما حدث في الصين". ووفق تصريحات مدير المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، فإن عدداً قليلاً جداً من البلدان في إفريقيا لديها أنظمة في مستشفياتها لرعاية عدد كبير من المرضى، وهذا الأمر يستوجب زيادة قدرات الدول وتدريب الكثير من الناس على الوقاية من العدوى والسيطرة عليها من أجل تعزيز الفحص في نقاط الدخول الخاص في أسرع وقت ممكن. وأورد نكنجاسونغ أن إغلاق الحدود في حالة انتشار كبير للفيروس أمر لا يريد أحد الوصول إليه، لكن في هذه الحالة لا يمكن الحديث عن استراتيجية الاحتواء بقدر ما يجب الانتقال إلى استراتيجية التخفيف من خلال البدء في إغلاق أماكن التجمع من مدارس ومرافق عمومية، وهو ما سيكون له تأثير اقتصادي واجتماعي شديد على القارة. وأعرب المتحدث عن أمله ألا تصل القارة إلى الوضعية سالفة الذكر، وذلك من خلال الاستمرار في استراتيجية الكشف والاحتواء السريعين لمنع الانتشار، ولم يستبعد أن تكون القارة الإفريقية محتضنة لحالات عدة لكن لم يتم الكشف عنها. وأشار نكنجاسونغ إلى أن هذا الوباء رافقته معلومات خاطئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في بث الخوف في صفوف المواطنين، وهو ما يتطلب العمل مع جميع وسائل الإعلام لمكافحته، وبدون ذلك سيكون من الصعب للغاية كسب ثقة المجتمع.