تبذل الدول الإفريقية مساعي حثيثة لمنع تفشي فيروس كورونا المستجد السريع الانتشار، في وقت حذر مسؤولو الصحة من أن الدول الأكثر فقرا غير مستعدة لمحاربة الوباء القاتل. في مختلف أنحاء القارة أوفدت حكومات ممرضين إلى المطارات لفحص حرارة الركاب وعلقت منح تأشيرات الدخول إلى الصين فيما يتصاعد التوتر لدى الناس. ولم تسجل إصابات مؤكدة في إفريقيا، لكن الروابط التجارية العميقة مع الصين وأنظمة الرعايا الصحية التي غالبا ما تعمل فوق طاقتها، تثير مخاوف إزاء القدرة على التصدي لتفشي محتمل للفيروس. وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ ذات بعد دولي مع انتشار فيروس كورونا المستجد، بعد أن كانت قللت من مخاطره. وقال المدير العام للمنظمة تيدروس ادهانوم غيبرييسوس: "قلقنا الاكبر يكمن في امكان انتشار الفيروس في بلدان حيث الانظمة الصحية اكثر ضعفا". وأورد مدير المركز العالمي للسياسات الصحية لدى مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، جي ستيفن موريسون، أن المرض مرجح لأن يستوطن في حال وصل الى بعض الدول الإفريقية. مؤخرا، شهدت دول افريقية عدة تفشي فيروسات كارثية، وهي تعي جيدا الخطر. فإيبولا فتك بليبيريا وسيراليون وغينيا، بين 2014 و2016، موديا بنحو 11300 شخص. وقال رئيس معهد الصحة العامة في ليبيريا، موسوكا فلاه، للنواب هذا الأسبوع إن الانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد "كارثي". وأضاف أيضا: "يتعين اتخاذ تدابير في أسرع وقت لمنعه من الانتشار" مضيفا أن الحكومة عززت إجراءات المعاينة في المطار. من جهته قال الطالب الأنغولي انسياو فابياو باولو، لوكالة "فرانس برس"، ان "الأمر ينتهي: إذا وصل كورونا إلى بلاده. وأضاف :"أنظمتنا الصحية ضعيفة وليس هناك أختصاصيون أكفاء. مع مرض من مستوى الملاريا، فقط، يسقط الناس مثل الذباب". أدى الفيروس الى وفاة 259 شخصا في الصين. والسبت أعلنت هيئة الصحة الوطنية الصينية أن نحو 12 ألف شخص أصيبوا بالفيروس الجديد. فحوص حرارية في مطار بليز دياغني الدولي، في السنغال، يدقق مسؤولو الصحة النظر في كاميرا حرارية صغيرة قبل نقطة الجوازات. وقال المسؤول عن مراقبة النظافة في مطارات الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، بارنابي غنينغ، إن "المؤشر الأول الى هذه الأمراض المعدية هو الحرارة المرتفعة". والطبيب الذي ساعد سابقا في منع وصول ايبولا إلى السنغال قال إن سلطات المطار قامت بتركيب نظام السلامة الأسبوع الماضي، وتمكنت من القيام بذلك بسرعة لانها، وبمحض الصدفة، أجرت تدريبات على مواجهة انتشار وباء في نونبر. غير أن غنينغ حذر من أن الكاميرات الحرارية ليست بمنأى من الخطأ. وتقوم عواصم إفريقية أخرى بتركيب كاميرات حرارية مماثلة لرصد ركاب يعانون من ارتفاع الحرارة. وتظهر شاشات هذه الكاميرات حرارة جسم هؤلاء الأشخاص، ما يسمح بعزلهم بانتظار اجراء فحوص مخبرية تؤكد الإصابة بالفيروس. وقال مدير المراكز الإفريقية لمنع انتشار الأمراض جون نكينغاسونغ، في تصريح للصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع، إن بعض الدول تخضع لمراقبة أكثر من غيرها. تجنب المتاجر الصينية في أماكن أخرى حظرت حكومات السفر أو حضت الناس على ملازمة منازلهم لتزيد بذلك من مشاعر الحذر. وانتشرت مخاوف من تفشي الفيروس في نيجيريا هذا الأسبوع، مثلا، عندما أغلقت السلطات متجرا صينيا في العاصمة أبوجا. غير أنها قامت بتلك الخطوة لإزالة منتجات انتهت صلاحيتها. وأعلنت دولة بوتسوانا، الواقعة في جنوب القارة، عن حالة مشتبه فيها، ما أثار مخاوف أيضا. وفي ارخبيل الرأس الأخضر، بغرب إفريقيا، يتهافت الأهالي على شراء الشمرة لمزاعم زائفة عن أنها تشفي من فيروس كورونا. وفي مؤشر إلى حذر مفرط، طلبت بعض الحكومات من المواطنين الصينيين أن يلزموا منازلهم. وحضت نيجيريا أي شخص يصل من الصين على أن "يعزل نفسه لأسبوعين على الأقل"، حتى وإن لم يكن مريضا. بدورها طلبت السفارة الصينية في موريتانيا من الواصلين الجدد إلى الدولة البقاء في منازلهم لأسبوعين. في موزمبيق علقت الحكومة منح التأشيرات للمواطنين الصينيين، ومنعت مواطنيها من التوجه إلى هذا البلد الآسيوي. وتقوم سلطات جنوب إفريقيا بفحص حرارة الركاب في المطارات، وخصصت 11 مستشفى للتعامل مع حالات طارئة إن حصلت. ورغم أن إفريقيا إحدى القارات القليلة التي لم تسجل إصابات مؤكدة بفيروس كورونا، إلا أن عدد الحالات المشتبه فيها يتزايد. وأفادت العديد من البلدان في القارة السمراء، بينها إثيوبيا وكينيا وأنغولا وبوتسوانا والكوت ديفوار، عن إصابات محتملة. لكن تأكيد الاصابة بفيروس كورونا المستجد قد يستغرق وقتا، فيما يتعين على سلطات الصحة التي تفتقر للخبرة إرسال عينات إلى مختبرات في دول مثل جنوب إفريقيا.