ذكرى ميلاد الأميرة للاحسناء: مناسبة لإبراز انخراط سموها الموصول في قضايا المحافظة على البيئة    هذا هو موعد مباراة المنتخب المغربي ضد الليسوتو والقنوات الناقلة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    السياحة في العصر الرقمي محور ملتقى المقاولة بالحسيمة    الكرملين يتهم بايدن ب"تأجيج النزاع" في أوكرانيا بعد سماح واشنطن باستخدام كييف أسلحتها لضرب موسكو    أغلبهم نساء وأطفال.. مجازر إسرائيلية في غزة وبيروت تسقط عشرات الضحايا    المغرب يرسل أسطولا إضافيا يضم 12 شاحنة لدعم جهود تنظيف قنوات الصرف الصحي في فالنسيا        فوزير يخضع لعملية جراحية ناجحة    تزامن بدلالات وخلفيات ورسائل    مهاجرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء يتسببون في فوضى بالقليعة    احتفالات في جهة سوس بالذكرى 69 لعيد الإستقلال (صور)    بعد غياب طويل.. الجمهور المغربي على موعد مع المطرب العراقي محمد السالم من    فاتي جمالي تغوص أول تجربة في الدراما المصرية    المغرب يفتح آفاقاً جديدة لاستغلال موارده المعدنية في الصحراء    بني بوعياش وبني عمارت على موعد مع أسواق حديثة بتمويل جهوي كبير    ملعب آيت قمرة.. صرح رياضي بمواصفات عالمية يعزز البنية التحتية بإقليم الحسيمة    فرنسا تقسو على إيطاليا في قمة دوري الأمم الأوروبية    ثقافات العالم تلتقي في مهرجان آسا الدولي للألعاب الشعبية        الشعب المغربي يخلد اليوم الذكرى ال69 لعيد الاستقلال    "تعزيز الضمانات التشريعية الوطنية بشأن مناهضة ومنع التعذيب وسوء المعاملة" محور ورشة عمل بالبيضاء    الجيش الإسرائيلي يعلن أن نحو 30 مقذوفا أطلقت من لبنان نحو إسرائيل    حجز أزيد من 188 ألف قرص مهلوس بميناء طنجة المتوسط وإيقاف المتورطين    اصطدام بين سيارة ودراجة نارية يودي بحياة شاب في خريبكة    بلجيكا وهولندا والمغرب في قلب صراع إجرامي بعد سرقة كوكايين    تاركيست: سيدة تضع حدًا لحياتها شنقًا    "قمة العشرين" تناقش مكافحة الفقر    "غوغل" يحتفل بالذكرى ال69 لعيد الاستقلال المغربي    تنظيم النسخة 13 من مهرجان العرائش الدولي لتلاقح الثقافات    بعد صراع مع المرض...ملك جمال الأردن أيمن العلي يودّع العالم    تراجع النمو السكاني في المغرب بسبب انخفاض معدل الخصوبة.. ما هي الأسباب؟    ارتفاع أسعار النفط بعد تصاعد حدة التوتر بين روسيا وأوكرانيا    مجلس الأمن يصوت على مشروع قرار يدعو إلى وقف النار في السودان    وقفة احتجاجية بمكناس للتنديد بالإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة    المغرب يخنق سبتة ومليلية المحتلتين ويحرمهما من 80% من نشاطهما الجمركي    مزاد يبيع ساعة من حطام سفينة "تيتانيك" بمليوني دولار    ترامب يسمي رئيس "هيئة الاتصالات"    "الجمعية" تحذر من تدهور الوضع الصحي ل"حملة الشهادات المعطلين" المضربين عن الطعام منذ 41 يوما    أطباء القطاع العام يصعدون بثلاثة أسابيع من الاحتجاجات والإضراب    خبراء يحذرون من "مسدس التدليك"    وفاة "ملك جمال الأردن" بعد صراع مع سرطان المعدة    شبيبة الأندية السينمائية تعقد دورتها التكوينية في طنجة    مجلس الشيوخ في البراغواي يدعم سيادة المغرب على صحرائه    الركراكي يختتم استعدادات المنتخب    الدرهم يرتفع مقابل الأورو على خلفية ارتفاع ملحوظ للتداول البنكي وفقا لبنك المغرب    فى الذكرى 21 لرحيل محمّد شكري.. مُحاوراتٌ استرجاعيّة ومُحادثاتٌ استكناهيّة مع صَاحِبِ "الخُبزالحَافي"    دراسة علمية: فيتامين "د" يقلل ضغط الدم لدى مرضى السمنة    صراعات عائلة السيوفي في الدراما الجديدة المُثيرة "نقطة سودة" يومياً عبر شاشة "5MBC"    عمور و السعدي يقصان شريط النسخة السابعة لمهرجان الزربية الواوزكيتية    جمعية فنون تقدم أحدث إعمالها الفنية و التراثية أغنية " لالة منانة" من أداء المجموعة الموسيقية لأكاديمية ميزينوكس    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    حشرات في غيبوبة .. "فطر شرير" يسيطر على الذباب    دراسة تكشف العلاقة بين الحر وأمراض القلب    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ثقافة الأرشيف".. الحلقة المفقودة
نشر في هسبريس يوم 18 - 02 - 2020

ظل "الأرشيف العمومي"، منذ الاستقلال، خارج دائرة الاهتمام الرسمي والمجتمعي؛ فتكرس، نتيجة لذلك، في مخيلتنا ووعينا الجماعي مفهوم للأرشيف يقترن بمفردات "القبو" و"الرزم" و"الدهاليز" و"المكاتب المنسية" و"الرفوف المهجورة"، وبتمثلات سياسية وإدارية واجتماعية تنظر إلى الوثائق الأرشيفية نظرة الوثائق منتهية الصلاحية والفاقدة للحياة، والتي لا تصلح إلا للعبث أو الإقبار في الرزم أو الإتلاف، في ظل واقع سياسي وإداري تحولت فيه مهنة "الأرشيف" إلى مهنة مرادفة للزجر والعقاب في عقليات العديد من المسؤولين الإداريين، وباتت "مكاتبها" بالنسبة إلى بعض المستخدمين أو الموظفين "المتهاونين" أمكنة ميسرة للفرار من المسؤولية والاختفاء بين الوثائق المهجورة، إلى حين الإحالة على التقاعد.
ثقافة تجذرت في الأعماق على امتداد سنوات، ساد فيها فراغ قانوني ومؤسساتي من شأنه تأطير "الشأن الأرشيفي" وإعادة الاعتبار إلى الأرصدة الأرشيفية، كرأسمال لا مادي عاكس لما يجمعنا من "مشترك" تاريخي وتراثي وهوياتي وثقافي.
وفي هذا الصدد، وفي سياق الدينامية الإصلاحية متعددة المستويات التي برزت معالمها الأولى مع بداية "العهد الجديد"، كان من الضروري أن يتم وضع حد لحالة "التيهان" أو "الارتباك" الأرشيفي، بشكل يعيد ترصيع قلادة ذاكرتنا الجماعية؛ فجاءت قطرة الغيث عبر هيئة الإنصاف والمصالحة التي اصطدمت، وهي تنبش في حفريات ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بغياب الأرصدة الأرشيفية أو بعدم انتظامها، وهو واقع مكن من التوصل إلى "حقيقة مبتورة"، حاولت تعبئة فراغاتها وثغراتها عبر الروايات الشفهية وجلسات الاستماع التي تم عقدها في أكثر من مستوى.
وفي ظل هذا الواقع، أوصت "الهيئة"، من ضمن ما أوصت به، بحفظ التاريخ والهوية والذاكرة الجماعية، عبر الدعوة إلى إصدار قانون للأرشيف وتأسيس مؤسسة لتنفيذ أحكامه ومقتضياته.
وفي هذا السياق، تم إصدار قانون الأرشيف سنة 2007، في لحظة شكلت نقلة نوعية في تاريخ التشريع المغربي، باعتباره أول قانون منظم للشأن الأرشيفي، شكلت ليس فقط مؤشرا من مؤشرات "الحداثة" وما تقتضيه من قيم كونية مرتبطة بالحقوق والحريات والحكامة الرشيدة والمكاشفة والشفافية والمسؤولية والمحاسبة؛ ولكن "قاعدة صلبة" لبناء صرح قانوني ومؤسساتي من شأنه حفظ وتثمين "الأرصدة الأرشيفية" باعتبارها قيمة علمية وتاريخية وهوياتية وتراثية وثقافية، بالقدر ما ترتبط بالماضي والإرث التراثي المشترك بالقدر ما تسمح بالتعامل مع الحاضر بمسؤولية وتقيد بالقوانين وتتيح المضي قدما نحو المستقبل، بثقة وثبات وبرؤى رصينة ومتبصرة.
وبعد مضي حوالي أربع سنوات على إصدار القانون الأرشيفي، تم تأسيس "مؤسسة أرشيف المغرب" التي أعطيت انطلاقتها الفعلية أواخر شهر ماي 2011، كذراع قانوني ومؤسساتي، يعول عليه للتأسيس لثقافة أرشيفية، بعد سنوات من الإهمال والقصور والتهميش.
ونرى أن اللحظة تقتضي تثمين ما تحقق من مكاسب تشريعية ومؤسساتية أعادت الاعتبار إلى الأرشيف العمومي، والتنويه بالمجهودات متعددة المستويات التي باشرتها وتباشرها هذه المؤسسة العمومية "الفتية"، في شخص مديرها الأستاذ جامع بيضا ومستخدميها وموظفيها على قلتهم، في سبيل إرساء قواعد المؤسسة الناشئة، كواحدة من المؤسسات العمومية ذات "الطابع الإستراتيجي".
وبالمقابل، نؤكد أن "الأرشيف" يتطلب "ثقافة" مجتمعية متعددة الأبعاد والمستويات، تقدر "الأرشيف العمومي" وتثمنه، كمرآة عاكسة لعمقنا التاريخي والحضاري، إذ من الصعب الحديث - في الوقت الراهن - عن "ثقافة أرشيفية"، من منطلق أن "التجربة الأرشيفية" ما زالت فتية وفي طور البناء والتشكل، وهذه "الثقافة" لا تفرض من الفوق، ولا يمكن تحقيقها بمجرد إصدار قانون أو تأسيس مؤسسة، وكسب رهانها يحتاج إلى "التراكم"، كما يحتاج إلى "إستراتيجية تواصلية وإشعاعية" متعددة الزوايا، من شأنها مد جسور مستدامة بين "مؤسسة الأرشيف" و"المواطن"، وهي مناسبة لتثمين ما تقوم به "المؤسسة" من مجهودات تواصلية وإشعاعية، سواء من خلال الحضور الإعلامي الوازن لمديرها الأستاذ جامع بيضا أو من خلال "الندوات" أو "المعارض" أو من خلال "اتفاقيات الشراكة والتعاون" مع عدد من الفاعلين في الداخل كما في الخارج، وهي مجهودات لا بد من الحرص على استمراريتها وديمومتها؛ لأن "الثقافة الأرشيفية" تبنى بالتشريع، وتبنى أيضا بالتواصل والإشعاع.. ويحتاج، قبل هذا وذاك، إلى عناية "رسمية" مستدامة بالشأن الأرشيفي، في غيابها، يصعب كسب رهان "ثقافة الأرشيف".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.