قال فابيان سافيولي، مقرر الأممالمتحدة الخاص بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمان عدم التكرار، إن "مسؤولية الفاعلين الحقوقيين كبيرة بخصوص الحفاظ على ذاكرة ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان"، مطالبا بضرورة المصالحة مع الماضي، والاعتراف بكل التجاوزات التي تستوجب معاقبة الجناة. سافيولي، الذي كان يتحدث مساء الإثنين برواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن معرض الكتاب بالبيضاء، أورد أن "السبب الرئيسي في وضع التدهور الكبير الذي شهدته عديد البلدان في ما يتعلق بحقوق الإنسان يرتبط أساسا بعدم إدراج حمايتها ضمن خانة حماية السلم والاستقرار الدولي". وأوضح المتحدث أن "بلدانا عديدة مازالت تبدي ممانعة ضد إرساء العدالة الانتقالية"، مشددا على أن "دولا كثيرة تتباين على المستوى الثقافي والسياسي الحالي، لكن المشترك بينها هو معاناة ضحايا حقوق الإنسان، الذين تضرروا من سياسات قديمة، سواء في المغرب أو كوريا أو كندا أو جنوب إفريقيا". وزاد سافيلوي أن "مآسي انتهاكات حقوق الإنسان لا يمكن حصرها زمنيا، لكن اللازم الآن هو العمل على تجاوزها، من خلال نهج العدالة الانتقالية، التي تقتضي متابعة الضحايا ونجاعة الإجراءات المواكبة لهم، وضمان تسييد حقوق الإنسان ومحاكمة الجناة والجلادين". وشدد المقرر الأممي على "ضرورة سلك تدابير تشريعية مؤسساتية تمكن من الوصول إلى دولة الحق والقانون"، مثمنا "أهمية الحفاظ على الذاكرة الجماعية للأجيال القادمة، وتجنب إمكانية عودة كوابيس التعذيب والعنصرية والتمييز، وهي قيم مع الأسف تسير إلى الانتشار". وأكد سافيولي أن "كثيرا من الضحايا يتعرضون للابتزاز، بين القبول بالتعويض أو محاكمة المتسببين في التعذيب"، مطالبا بتفعيل جميع الخيارات، وزاد: "وقوع هذه الأحداث في الماضي لا يسمح أبدا بتجاوزها، بل يجب إصلاحها". إلى ذلك، قالت لطيفة اجبابدي، الفاعلة الحقوقية، إن "من الصعب طي صفحة الماضي، التي اتسمت بالانتهاكات دون جبر للضرر واستخلاص العبر"، مشددة على أن "هذه المعاناة تلزم شعبا كاملا أعيق في تقدمه ومضيه إلى الأمام". وأضافت اجبابدي، ضمن الندوة ذاتها، أن "المغرب كان أول تجربة للعدالة الانتقالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومعروف حجم الاستبداد الذي ساد هذه المناطق ثقافيا وتاريخيا"، مثمنة "الحماية الدستورية لحقوق الإنسان التي أقرها الدستور الجديد". وأوضحت الفاعلة الحقوقية المعروفة أن "دستور سنة 2011 متقدم كثيرا على المستوى الحقوقي"، مشيرة إلى أن "الرهان الآن هو ضمان استقلالية القضاء كسلطة وليس كأفراد، والمضي أكثر نحو تفعيل كل التوصيات الحقوقية".