يبدو أن الجهات المسؤولة عن تدبير مجال التأمينات في المغرب قد استشعرت التداعيات السلبية للأزمة القائمة منذ شهور بين وسطاء التأمين وبين الأبناك والشركات العاملة في هذا المجال، بسبب اتهام الطرف الأول للطرف الثاني باللجوء إلى ممارسة "المنافسة غير الشريفة" للاستحواذ على السوق. هيئة مراقبة التأمينات قررت الجلوس إلى طاولة الحوار مع الجمعية المهنية لوسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، يوم 27 فبراير الجاري، تحت إشراف مؤسسة وسيط المملكة التي استدعت الطرفين المعنيّين للجلوس إلى طاولة الحوار. وكان وسطاء ومستثمرو التأمين بالمغرب قد لجؤوا، شهر ماي المنصرم، إلى مؤسسة الوسيط، طالبين منها التدخل لتسوية الخلاف القائم بينهم وبين البنوك وشركات التأمينات، والذي دفعهم إلى خوض أشكال احتجاجية؛ كالإضراب عن العمل وإغلاق محلاتهم. وأفاد يونس بنان، مسؤول التواصل بجمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، بأن هيئة مراقبة التأمينات تعترف بأن أزيد من 520 من وسطاء ومستثمري التأمينات يعانون من الهشاشة الاقتصادية ويحتاجون إلى مواكبة لتجاوز الأزمة التي يشهدها القطاع. ويقول وسطاء ومستثمرو التأمين إن من بين الأسباب الرئيسية التي أججت الأزمة التي يشهدها القطاع إلغاء دورية هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، الصادرة سنة 2019، بعد صدور الدورية العامة السنة الفارطة، والتي منعت الوسطاء من تقديم تسهيلات في الأداء لفائدة زبنائهم، على الرغم من أن هذا الإجراء مسموح به في مدونة التجارة. ويعلق وسطاء التأمينات الأمل على الاجتماع المرتقب أن يجمعهم مع مسؤولي هيئة مراقبة التأمينات، لتجاوز الأزمة المخيّمة على علاقتهم بالمؤسسات البنكية وشركات التأمينات، والتي رُفعت إلى مجلس المنافسة للنظر فيها، منذ شهر يوليوز الماضي. وقال يونس بنان، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ احتكار البنوك وشركات التأمينات للسوق لا يُضر فقط بوسطاء التأمين؛ بل يمكن أن تترتب عنه نتائج وخيمة على المستوى الماكرو اقتصادي في البلد، كما حدث سنة 1995، عقب تصفية خمس شركات للتأمين. وأضاف المتحدث ذاته أن وسطاء التأمين يلعبون دورَ "صمّام الأمان" للحيلولة دون تكرار الأزمة التي شهدها القطاع سنة 1995، مضيفا "الأموال المستثمرة في قطاع التأمينات تأتي من عند الزبناء. وإذا لم يكن هناك تدبير جيد لهذا القطاع، يقوم على المنافسة الشريفة، وعدم احتكار السوق، فقد تأتي أزمة في أي لحظة وينهار كل شيء". ويتهم وسطاء ومستثمرو التأمين في المغرب المؤسسات البنكية وشركات التأمين ب"التواطؤ" فيما بينها، عبر توحيد تعريفة خدمات التأمين؛ وهو ما يعتبرون أنّه يكبدهم خسائر مالية، كما أنه يجعل المستهلك رهينة البنوك والشركات، في ظل عدم وجود هامش للمنافسة.