موفية بكل وعودها، غصت "قاعة شنقيط" بالمعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، لمعاينة إحدى المرات القليلة التي يجلس فيها عبد الرحمان اليوسفي، قائد حكومة التناوب والزعيم الاتحادي، على منصة ندوة قدمت كتابا لإدريس الكراوي، رئيس مجلس المنافسة حاليا، بعنوان: "عبد الرحمان اليوسفي دروس للتاريخ". الكراوي، وفي كلمة أمام قيادات اتحادية تاريخية، تقدمها فتح الله ولعلو وعبد الواحد الراضي، وعباس بودرقة وحسن نجمي، عبر عن "سعادته البالغة بصدور العمل الذي يتناول حياة رجل يشارف 97 عاما"، كاشفا عن "ستة أسباب دفعته إلى التفكير في الكتابة عن مرحلة التناوب". وأضاف الكراوي، مساء اليوم السبت، أن "حكومة التناوب تستحق الإشادة لكونها جاءت في مرحلة تاريخية دقيقة من تاريخ الشعب المغربي، وجسدت إرادة ملكين في تحقيق الانتقال الديمقراطي، ثم معهما شعب وحكومة سارا على نفس المنوال، في تجربة فريدة". وأوضح القيادي الاتحادي السابق أن "تجربة التناوب صالحت الشعب مع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، كما كانت حلقة مهمة في الدفاع عن الوحدة الترابية"، مشيرا إلى أن "ما خطه من أفكار رسالة وفاء لرجل نادر، كما أنه اعتراف وامتنان لليوسفي الذي فضَّل الحوار والاستقرار". وأشار الكراوي إلى أن "اليوسفي رجل من العيار الثقيل، اختار تقوية خيار الاستقرار"، مسجلا أن "المتأمل في الوضع الراهن يبرز بالملموس الحاجة إلى تناوب جديد، يستخلص العبر من التجربة السابقة"، وزاد: "البلاد في مفترق الطرق، ومن المهم التعاطي مع هذا الأمر". بدوره، سجل الكاتب والأستاذ الجامعي المغربي نورالدين أفاية أن "الكتاب له قدرة كبيرة على توليد الأسئلة، إذ يطرح مسألة صدق التذكر، ونزاع المصداقية، ويعرض فترة مثيرة من التاريخ السياسي للمغرب"، مبرزا أنه "يتكون من تقديم ومقدمة، وعشرة فصول". وأورد أفاية، أمام عبد الرحمان اليوسفي، الذي كان مرفوقا بزوجته، أن "المؤلف يعرض عبد الرحمان اليوسفي كشخصية لها مواقف وتتميز بأسلوب في مواجهة ما أسماها "جيوب المقاومة"، وهو ما خصص له الكاتب فصولا رصد فيها مختلف الوقائع التي أجهضت بعض المشاريع". وأبرز الكاتب المغربي أن "الكراوي يقر بكون الكتاب ليس أكاديميا، بل يعكس شهادة رصدت كل المشاكل التي اعترت عمل حكومة التناوب، بداية بالمساومات والمفاوضات؛ فيما يعترف اليوسفي بدوره بأن هذه المشاريع حتى وإن نفذت فلن يكون لها وقع مباشر على المواطن، لكنها ستساهم في تكوين مجتمع تضامني". وأكمل أفاية قائلا: "الكتاب يضم وثائق وصور جرى اختيارها بعناية"، مسجلا أن "العمل لا يدعي أنه تحليلي أو تاريخي، بل يستعرض وقائع اجتماعية، ومحاولات حقيقية من أجل الرقي بالمؤسسات، وتوسيع هامش حرية الرأي، وهو ما شهدته مرحلة اليوسفي فعلا، حيث عبرت مختلف الألوان والأطياف كما تريد". واستدرك أفاية بأن "الأمر الذي نقص حكومة التناوب يبقى الحسم في قضية التعليم، إذ وكما استعرض الكتاب اكتفت بمفاوضات مع نقابات، وإدماج حاملي الشهادات، في حين أن الحكومة التي ضمت وجوها تقدمية كان بإمكانها أن تسطر برامج تعليمية عصرية".