قدّم مركز "المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة" تفاصيل انتشار فيروس "كورونا" في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي في وسط الصين، معيدا رسم صورة تعامل الصين مع الفيروسات المثيلة خاصة فيروس "سارس"، معتبرا أنها استطاعت الاستفادة من الدرس في طريقة إعلان خبر انتشار المرض. وقال المركز إن مكتب منظمة الصحة العالمية في الصين أعلن، في 31 دجنبر 2019، بوجود 27 حالة مصابة بالالتهاب الرئوي نتيجة فيروس مجهول في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي في وسط الصين. وفي 1 يناير 2020، قامت السلطات الصينية بإغلاق سوق هوانان للمأكولات البحرية وبيع الحيوانات الحية في المدينة نفسها، والذي اكتشفت السلطات الصينية أنه بؤرة لتفشي هذا الفيروس الجديد الذي سُمِّي فيروس "كورونا" الصيني. وفي 9 يناير، جرى الإبلاغ عن أول حالة وفاة تحدث بسبب الفيروس الجديد. وحسب تحليل المركز، أشارت أصابع الاتهام حينها إلى أن "سوق هوانان لبيع الحيوانات الحية في مدينة ووهان كان السبب وراء انتقال المرض من الحيوانات المصابة إلى البشر، حيث ارتبطت كافة الحالات الأولى للمرض بهذا السوق. وأشار عددٌ من العلماء إلى أنه نتيجة تشابه هذا الفيروس الجديد مع فيروس "سارس"، الذي يُصيب الخفافيش والثعابين؛ فمن الممكن أن تكون شوربة الخفافيش أو أكل لحوم الثعابين أحد أهم أسباب انتقال المرض إلى البشر". في المقابل، "تشير بعض التحليلات إلى أن مختبر ووهان الوطني للسلامة البيولوجية، الذي يقع على بُعد 20 ميلًا من سوق هوانان، هو سبب انتقال وتفشي الفيروس الجديد" يضيف المقال، مشيرا إلى أنه جرى افتتاح هذا المختبر في مدينة ووهان عام 2017 لدراسة فيروسات "السارس" و"الإيبولا" على الحيوانات، وتم بناء المختبر ليلبي معايير المستوى (BSL-4) للسلامة البيولوجية، لمجابهة أعلى مستوى من المخاطر البيولوجية. ولكن "حذّر عدد من العلماء الأمريكيين من افتتاح هذا المختبر، وأكدوا أن هناك فرصة كبيرة لتسرب أي من الفيروسات التي تخضع للدراسة وتحورها، واستشهدوا بواقعة تسرب فيروس "سارس" من المختبرات الصينية عام 2004، أثناء إجراء دراسات عليه" يضيف التقرير. نقل التحليل أيضا آراء بعض العلماء الذين يقولون إن "الفيروس قد يكون تسرب من مختبر ووهان إلى بعض الحيوانات في سوق هوانان بشكلٍ ما، وأنه انتقل إلى البشر بسبب استهلاك لحوم الخفافيش أو الثعابين". "لا يُعد "كورونا" الفيروس الأول الذي يظهر أولًا في الصين ثم ينتشر إلى عدد من دول العالم. ففي عام 2002، كانت الصين أيضًا مركزًا لظهور وانتشار فيروس "سارس" في 26 بلدًا آخر. وكانت بداية "سارس" مشابهة لفيروس "كورونا" الجديد، حيث بدأ ظهور "السارس" أيضًا في أسواق الحيوانات الحية في الصين، ويعتقد أنه فيروس يُصيب الخفافيش التي بدورها أصابت قطط الزباد التي يتم بيعها في أسواق الحيوانات الحية في الصين ويأكلها الصينيون"، يقول التحليل. ويضيف المصدر نفسه قائلا إن "السارس" قد مثل "كابوسًا للقارة الآسيوية، حيث أصاب أكثر من 8000 شخص وراح ضحيته نحو 800 شخص، وكلف الاقتصاد العالمي ما بين 40 مليار دولار و60 مليار دولار، وخسر 2,8 ملايين صيني وظائفهم بسبب انخفاض الاستثمارات وإغلاق الشركات الأجنبية". وعرج التحليل على تطور تعامل الصين مع مثل حالات فيروس "كورونا"، قائلا إن "بكين بذلت قصارى جهدها للسيطرة على هذا الفيروس وعدم تحوله إلى وباء عالمي، ليس فقط للحفاظ على صورتها العالمية، وتجنّب اللوم الدولي حيال انتشار الوباء؛ ولكن من أجل تعزيز رصيد النظام الحالي"، متابعا بالقول إن "أي فشل في إدارة هذه الأزمة سيكون له مردود سلبي على نظام شي جين بينج، الذي عمد إلى تركيز السلطات بشكل كبير في يده منذ قدومه إلى سدة السلطة.. وبالتالي، فإن أي إخفاق سيُعتبر فشلًا شخصيًّا له، وستكون له عواقب وخيمة على المدى القصير من فقدان الثقة في النظام الحالي، وعلى المديين المتوسط والطويل سيُعزز ذلك فقدان الثقة في آليات عمل النظام الصيني ككل، مما قد يؤثر على استمرارية واستقراره". وتبرز الوثيقة أن "الخبرات المتراكمة لبكين في التعامل مع أوبئة مماثلة مثل "سارس" مكَّنها من إدارة الأزمة بشكل مختلف هذه المرة لمواجهة الانتقادات التي وُجِّهت إليها سابقًا والتي أثّرت على صورتها على المستوى الدولي، حيث قامت بكّين بالإعلان بشفافية عن عدد الحالات المصابة، وسعت إلى اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الفيروس بشكل سريع؛ إلا أن البعض وجّه إليها انتقادات"، مشيرين إلى أن "بكين قامت بإخفاء انتشار الفيروس لفترة طويلة، ولم تقم بإصدار بيانات تتسم بالشفافية عنه إلا بعد أن أصبح غير قابل للإخفاء. ويمكن القول إن مدى فعالية إدارة الأزمة الحالية قد يُمثّل فرصة لبكين لتحسين صورتها وسمعتها على المستوى الدولي". وفي سياق متصل قال باحثون صينيون إن آكل النمل الحرشفي، وهو حيوان من الثدييات يجري الاتجار به بطريقة غير مشروعة بسبب حراشيفه ولحمه، يعد عائلا وسيطا محتملا لفيروس كورونا الذي أودى بحياة أكثر من 700 شخص في الصين. وأفادت جامعة جنوبالصين الزراعية التي قادت البحث في بيان بموقعها على الإنترنت "هذا الاكتشاف الأخير سيكون ذا أهمية كبيرة للوقاية والسيطرة على منشأ (الفيروس)".