صدحتْ حناجر العشرات من أئمة مساجد المملكة، خلال وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس العلمي في الرّباط، للمطالبة بحقُوق اجتماعية يعتبرونها "مشروعة"، حيث ندّدوا بالإهمال الذي يطال ملفاتهم ووضعيتهم الاجتماعية والإدارية المزرية، داعين الحكومة إلى "الانتباه إلى قضيّتهم". واعتبر الأئمة المحتجّون، في وقفتهم، أنّ "أيّ محاولة لصم الآذان عن مطالب الأئمة المجازين وعدم تفهم قضيتهم ستكون بمثابة انتكاسة أخلاقية وتراجع عن المكتسبات الديمقراطية، وإجهاض للنموذج المغربي المتميز في تدبير الشأن الديني الذي ترعاه السلطة الحكومية الممثلة في الأوقاف، قرابة عقدين. وكلف الدولة مئات الملايير". وحاولَ الأئمة الغاضبون ولوج ساحة مسجد حسّان بالرّباط، إلا أنّ الأمن منعهم في نهاية المطاف. كما حاول القيمون الدّينيون أن يتوجهوا إلى مقرّ البرلمان، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشلِ. وقال حاملو الشّهادات من الأئمة إنّه "لا يتخوف من هذه المبادرة الراشدة إلا من يسيء الظن بدولة المؤسسات، ومن يشك في رمزية الملك ضامن الحقوق وكافل الحريات العامة". وناشد الأئمة وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ومؤسسة المجلس العلمي الأعلى من أجل التحرك قصد احتواء وضع فئة تمثل خط الدفاع الأخير لثوابت الأمة وأمنها الروحي، مطالبين بتسوية وضعيتهم، لأن موقعهم وثغورهم التي يجب ألا يتخلفوا عنها هي المساجد، وليس الشوارع؛ فرسالتهم، وفق البيان، هي "الدعوة إلى الله لا التعبئة للمظاهرات". سعيد أبو علي، وهو قيم ديني قدمَ من كلميم وهو أحد الأئمة المزاولين في المساجد، قال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنّ "الإمام المجاز هو على رأس مؤسسة عمومية معروفة عند المغاربة لها روادها هي "المسجد" الذي تتّصف خدماته بالدّيمومة؛ واختزال عملنا في "إمامة الصّلاة" إجحافٌ في حقنا". وأضاف أبو علي: "نحنُ نساهم في الأمن الروحي للمغاربة، ونمثّل إحدى دعائم الثوابت الوطنية ونساهم بقسط وفير في الوعظ والإرشاد ومحاربة الأمية والتماسك الأسري من خلال الخدمات التي نقدمها للشّباب والعجزة، كما نساهم في حل قضايا قبل أن تعرض على القضاء". وأبرز الإمام المحتج: "لا يمكن أن نقول إنّ الأمام يؤدي شريعة تعبدية، وبالتّالي لا يمكن أن يخصص له راتب وأجرة محترمة؛ نحن في مجتمع مسلم يفرض فرضاً أن يكون موقع الإمام في المقدمة وليس الخلف"، معتبراً أنّ "الأئمة المجازين جاؤوا إلى الرباط ليقولوا للحكومة ألا تتسع ميزانية العامة للمغرب أن ننتشل الأئمة المغاربة المجازين". من جانبها، خرجت وزارة الأوقاف والشّؤون الإسلامية بتوضيح تردُّ فيه على خطوة الأئمة المجازين مؤكّدة أنّ "بعض المحرضين على احتجاجات الأئمة المجازين هم ممن لم يتم التعاقد معهم بسبب حصولهم على نقطة موجبة للسقوط". وأوضحت أنّها "علمت أن بعض من لم ينجحوا في الاختبار قد حاولوا القيام باحتجاج في الشارع، في مخالفة للمادة 7 من الظهير الشريف والتي تنص على السلوك العام للأئمة". وأشار بلاغ الوزارة إلى أنه تأكد أن "بعض المحرضين على هذه الاحتجاجات هم ممن لم يتم التعاقد معهم بسبب حصولهم على نقط موجبة للسقوط في حفظ القرآن الكريم، وهو الشرط الأول والأساسي من الشروط المطلوبة".