أسكَّاسْ أمَاينُو أمْبَارْكِي أسْعْدِي[1]... تأتي فكرة "روافد" تحقيقا لحلم، ينتابني منذ زمن، حول هذه الثقافة العريقة التي ننتمي إليها وتنتمي إلينا، نسكنها وتسكننا، حتى ولو حاولنا الرحيل عن أنساقها وأبنيتها الراقية، الضاربة بجذورها في التاريخ، والتي رسمت في أليافها وشرايينها شأوا بعيدا، عرف كيف ينقش قيم التسامح والحرية والكرامة... في شخصية ظلت تنتمي إلى ذاتها وهويتها رغم رياح العولمة والتغريب... ومن الأصل اخترت فرعا، ينتابني الشعور بالنشوة وأنا أغوص في أحضانه، وأحتسي من فناجين ثراته وثقافته... يبدو الحلم كبيرا، يرتاد أذهان الحكمة في بلاد التسعة والعشرين قرنا ونيف، في أن تجتمع روافدنا الهوياتية واللغوية في خدمة بعضها، وإغناء رصيدها، بما أن يَا وافُوسْ أورايْكَّاتْ الرّش[2] وتُتِمَّ طريقا بدأته رؤوس الحكمة ذاتها، في بناء رصين للثقافة والهوية، بما لا يجتزئ الكل، ولا يضمر الجزء ويبخسه حقه، وبما يختار ألوان الطيف في زاوية النظر والمعالجة، ويبعد عن الأذهان فرضية الاختيار اللونية الطاحنة، فبين الأبيض والأسود ما بين الغلو والاعتدال... واينِّي تنَّا إزْرِينْ فْبَابْ نْ العَاقْلْ يرَاتْنْتْ، أيِّيسَّانْ مَانْ آزْمزْ إيتشَاطارْ إيتياضْ[3]، فقد مرت على معظم روافدنا عقود، حولتها سهام يطلقها الكثيرون من القوْس الخطأ وصوب الهدف الخطأ إلى "قضية" بين حكم المدافع ووهم العدو، غَانْ آفْ أينَّا دْيِيوِي أُومَادِيرْ أوِينْتْ وامَانْ[4]، وليس هذا مقام الحكم بين الأقطاب، وتقدير هذه التطاحنات حول روافد كان الأصل التسليم بحقوقها ووجودها، بكونها تنبع من المجتمع وتشكل ملامح لهذا الوطن. وبما أن "الطابوهات" في وطننا كثرت، واتسع مجالها فيما لا يجب أن تكون فيه، واستبداد الأقليات والأكثريات أخذ طابعا خاصا، بين من يرى في الديمقراطية والحرية ملابس على مقاسات محددة في خلفيته الفكرية، إلا أنني أرى أن وانَّا إِيرَانْ تَامَّنْتْ إَيكَنْ اَفُوسْ إيتِيزْوَا[5]، وبمعنى آخر، أن الخوض فيها يبقى رهين ذاك الحلم وحده، مغرب يبني شخصيته المتراصة بهوية إسمنتية، بما لا يقبل تسرب الكيد وركوب المكائد. وبادئ القول، إن دوافع كلمات البداية هاته، تلك الليلة التي ظللنا لها أوفياء، نتواصى بها من ثدي الأم لشاريين الابن، وحملناها بين رحالنا وفي رواحلنا ونحن نخطو بين القرى والمدائن...عنوانها "تاوَرْدَة" رقعة زيت فوق "تاكَلَّة" أو "العصيدة" في ليلة يناير "إيض إيناير" على رأس السنة الأمازيغية، لم تكن "تاوَرْدَة" تعتقد أن تلك التجاعيد المكسوة على ظهر تلة "العصيدة" متناسقة في مقاساتها، ستبدأ في تغيير دلالاتها، (وإن تغيرت هذه التقاليد حسب المناطق) من التعبير على التلاحم، ترمي بما حملت في مصب واحد ووحيد هو"تاوَرْدَة" حتى ولو كانت في أعلى التلة (العصيد)، لتغير وجهتها ويصبح المصب منبع، وتتسع رقعة الزيت بلا وجهة. لقد شكلت "تاوَرْدَة" رمزا لالتقاء العائلة، وتماسك المجتمع، وبث روح التعاون والبدل، بداية سنَةٍ ملؤُها قيم التسامح والعطاء... اليوم نعتذر ل "تاوردة" ونحن نغمس في آلامها، بعدما حجَّرْنا واسعا، وضيقنا دوائر ظلت تحمل الكثير من المعاني في اتساعها، وصنعنا بدائل عن تلك القيم، وعن تلك السطور التي تلتقي عند "المصب" فتنبع منه معاني سامية يدركها فقط الذين شكلوا لحمة في الدفاع عن الوطن أيام المحن... وأيما فرق بين حرقة محمد شفيق وهو يدعو في مقدمة كتابه "أربعة وأربعون درسا في اللغة الأمازيغية" إلى التعرف على اللغة بما يزودنا بالطاقة الوجدانية لتخطي العقبات، ومن تم معرفة أجود للوطن وللذات، وبين تلك العقبات ذاتها التي تصطنع وهما، وتحول إلى طاقات تعوق طريق ذلك الحلم...تحولت مسألة أساسية كانت الغاية فيها أرفع من أن تبرر بأية وسيلة، (تحولت) إلى وصل تجاري كاد يطيح بعمقها، ويطفح على سطحها معاول الهدم لا البناء... إِرْوَاسْ أُوكَانْ إِسْ إِبِدْ أُومَادِيرْ فَأَدِّيترَّا أَمَانْ، اللٍّيغْ إِجْلَا أُوغَرَاسْ فْإِرْكَازْنْ، أَمْزَنْ غْ الأضْراف إيمغاتن فتمازيغت، تًّونْ إزُورَانْ نْ تُوسْنَا...تَمَازِيغْتْ اللًّي غْنْلُول تْلُولْ كِيتْنْغ... تَمَازِيغْتْ اللِّياغْ يِيوِينْ فْأُوغَرَاسْ أُوزْرفْ إِصْحَانْ...[6] [email protected] شرح للأمازيغية، (غايته التعرف على الأمازيغية لغير الناطقين بها). [1]- سنة سعيدة ومباركة [2] - يد واحدة لا تصفق [3] - على العاقل أن يدون كل ما يمر به من تجارب، حتى يعلم كيف يواجه التجارب القادمة [4] - كل ما يأتي به المعول، تجرفه المياه [5] - من اراد العسل عليه أن يصبر للسعات النحل [6] - تيبدو أن المعول توقف على توجيه المياه، عندما تاه السبيل عن الرجال، فتشبتوا بأطراف الصراع حول الأمازيغية، متناسين جذور الثقافة... الأمازيغية التي ترعرعنا فيها وولدت فينا... الأمازيغية التي علمتنا قوة التشبث بالحق...