فيما لم تكن إقالة إيرنستو فالفيردي من منصب المدير الفني لفريق برشلونة مفاجأة لمعظم متابعي النادي الكتالوني، كان اختيار المدرب كيكي سيتين لخلافة فالفيردي بمثابة المفاجأة الكبيرة التي أثارت الجدل حول مصير الفريق من ناحية وحول طريقة إدارة الأمور في النادي الكتالوني حاليا من ناحية ثانية. وعلى الرغم من إقامة الانتخابات على رئاسة النادي الكتالوني بعد نحو عام، يسود الشعور حاليا بأن الأغراض الانتخابية بدأت تتحكم في مجريات الأمور داخل النادي وأن اختيار سيتين (61 عاما) ومدة عقده ليست بعيدة عن هذا الإطار. وكان برشلونة أعلن، في وقت متأخر من مساء أمس الاثنين، إقالة فالفيردي من تدريب الفريق في منتصف الموسم الثالث له مع النادي، ليكون أول مدرب للفريق يقال في وسط الموسم منذ إقالة الهولندي الشهير لويس فان غال في 2003. ولكن إدارة النادي، التي ستقدم المدرب الجديد سيتين إلى وسائل الإعلام والجماهير في وقت لاحق اليوم، سارعت إلى الإعلان عن مدة العقد مع سيتين وأنه سيكون حتى يونيو 2022 على عكس ما كان عليه الحال عند إقالة فان غال في ظروف صعبة بمنتصف موسم 2002 / 2003 وتعيين الصربي رادومير أنتيتش خلفا له في أواخر يناير 2003. وكان برشلونة قرر تعيين آنتيتش وقتها بعقد مشروط، حيث كان عقده يمتد حتى نهاية الموسم مع السماح بتمديده للموسم التالي فقط حال نجاحه في قيادة للفريق إلى التأهل لدوري أبطال أوروبا في الموسم التالي، على الرغم من أنه تولى المسؤولية وبرشلونة في المركز الخامس عشر بجدول الدوري الإسباني. وفي ظل الظروف الصعبة التي تولى فيها آنتيتش المهمة وقتها، حقق المدرب الصربي نجاحا فائقا، حيث أنهى الموسم مع برشلونة في المركز السادس بالدوري الإسباني؛ لكنه فشل في حجز مقعد بدوري الأبطال، ليتمسك برشلونة بالعقد مع بداية تولي خوان لابورتا مقاليد الحكم في النادي الكتالوني خلفا لخوان جاسبارت. وأحضر لابورتا معه المدرب الهولندي فرانك ريكارد، ليبدأ حقبة جديدة مع الفريق بعيدا عن مدربي جاسبارت وآخرهم أنتيتش. وعلى الرغم من إعلان برشلونة مساء أمس أن سيتين سيتولى المسؤولية حتى 2022، كان الإعلان عن اختيار هذا المدرب ومدة العقد كفيلا بإثارة الجدل حول خليفة فالفيردي الذي قاد برشلونة إلى الفوز بلقب الدوري الإسباني في الموسمين الماضيين؛ فيما لم يحقق سيتين، الذي ترك تدريب ريال بيتيس في نهاية الموسم الماضي، أي لقب كبير حيث يقتصر نجاحه على الفترة التي قضاها مدربا في دوري الدرجة الثالثة. وربما كان من الممكن على إدارة برشلونة اختياره كمدرب مؤقت أو بعقد مشروط حتى نهاية الموسم الحالي مثلما حدث مع آنتيتش في 2003. ولكن اختيار سيتين ومدة العقد ألقى الضوء ربما على رغبة جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي الحالي في قطع الطريق أمام تولي تشافي نجم خط وسط الفريق سابقا والمدير الفني الحالي للسد القطري في تولي المهمة ببرشلونة. ولا يرتبط بارتوميو وتشافي بعلاقة طيبة، خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربط تشافي بفيكتور فونت المرشح للإطاحة ببارتوميو من رئاسة النادي في الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2021. وكانت إدارة برشلونة، على عكس رغبة بارتوميو، حاولت التعاقد مع تشافي بعد الهزيمة أمام أتلتيكو مدريد 2 / 3 يوم الخميس الماضي في الدور قبل النهائي لكأس السوبر الإسباني والذي أقيم بمدينة جدة السعودية. وسافر إيريك أبيدال وأوسكار جراو، بتكليف من إدارة النادي التي ينتميان إليها، إلى العاصمة القطرية الدوحة للتفاوض مع تشافي؛ لكن الأخير رفض، وطلب تأجيل هذا إلى وقت لاحق. ومع إقالة فالفيردي، تجدد الجدل بشأن إمكانية تعيين مدرب مؤقت للفريق تمهيدا لتولي تشافي في وقت لاحق المسؤولية؛ لكن بارتوميو أعلن تعيين سيتين حتى 2022، ما يعني خروج تشافي من الحسابات لفترة مقبلة إلا في حالة تولي فونت المسؤولية في مطلع 2021 والإطاحة بالمدرب سيتين لإتاحة الفرصة أمام تشافي مثلما حدث مع آنتيتش لإتاحة الفرصة أمام ريكارد. وعقد مجلس إدارة برشلونة، مساء أمس الاثنين، اجتماعا أعلن في ختامه إقالة فالفيردي وتعيين سيتين، وذكر برشلونة في بيانه: "يود نادي برشلونة أن يبدي، بشكل علني، امتنانه لإيرنستو فالفيردي على احترافيته والتزامه". وكان سيتين، الذي لعب لفريق أتلتيكو مدريد في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي، قاد ريال بيتيس إلى التأهل إلى الدوري الأوروبي قبل موسمين؛ لكنه أقيل مع نهاية الموسم الماضي بعدما فشل في البناء على ذلك النجاح مع الفريق. وكان فالفيردي تولى، في ماي 2017، تدريب برشلونة قادما من أتلتيك بلباو، وقاده إلى التتويج بلقب الدوري الإسباني مرتين إلى جانب لقب واحد في كل من كأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني؛ لكنه واجه انتقادات متزايدة في الفترة الأخير، وتعالت الأصوات المطالبة بإقالته بعد تراجع عروض ونتائج الفريق. ويتصدر برشلونة الدوري الإسباني، حاليا، برصيد 40 نقطة وبفارق الأهداف فقط أمام ريال مدريد بعد 19 مرحلة من المسابقة، كما صعد إلى دور الستة عشر بدوري أبطال أوروبا. ويستهل الفريق بذلك مشواره تحت قيادة مديره الفني الجديد في المباراة المقررة أمام ضيفه غرناطة يوم الأحد المقبل في المرحلة العشرين من الدوري. وبدأ مسلسل الانتقادات ضد فالفيردي عندما أهدر برشلونة تقدمه على روما الإيطالي 4 / 1 في ذهاب دور الثمانية من دوري أبطال أوروبا بموسم 2017 / 2018، حيث فاز الفريق الإيطالي 3 / صفر إيابا، لينتزع روما بطاقة التأهل بالهدف الاعتباري، ويودع برشلونة البطولة. وشهدت البطولة الأوروبية سيناريو مشابها، في الموسم التالي؛ لكن في الدور قبل النهائي، حيث تغلب برشلونة على ليفربول الإنجليزي 3 / صفر في مباراة الذهاب، لكن ليفربول فاز إيابا 4 / صفر لينتزع بطاقة التأهل إلى النهائي، قبل أن يتوج باللقب. وفي الفترة الماضية، ازدادت حدة الانتقادات الموجهة إلى فالفيردي بشكل كبير، مع تراجع مستوى عروض ونتائج برشلونة. وغاب الفريق الكتالوني عن مستواه المعهود بشكل كبير في مباراة الكلاسيكو أمام غريمه ريال مدريد، والتي انتهت بالتعادل السلبي في 18 دجنبر الماضي ضمن منافسات الدوري. وبعد أن استعاد برشلونة مذاق الانتصارات، بالفوز على ديبورتيفو ألافيس 4 / 1 في المباراة التالية، تعرض لكبوة جديدة بالتعادل مع إسبانيول 2 / 2. ولكن هزيمة برشلونة أمام أتلتيكو مدريد 2 / 3 يوم الخميس الماضي في الدور قبل النهائي من منافسات كأس السوبر الإسباني، التي استضافتها السعودية على ملعب "الجوهرة المشعة" في جدة، كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لفالفيردي. وسبق لسيتين أن قال: "يمكنني الاستغناء عن إصبعي الصغير من أجل اللعب في برشلونة تحت قيادة يوهان كرويف". وكان سيتين أحد ثلاثة مرشحين خلال اجتماع إدارة برشلونة مساء أمس لاختيار خليفة فالفيردي، حيث كان المرشحان الآخران هما الأرجنتيني ماوريتسيو بوتشيتينو، المدير الفني السابق لتوتنهام الإنجليزي، وفرانسيسكو خافيير جارسيا بيميينتا، المدير الفني للفريق الثاني لبرشلونة. وكان بوتشيتينو هو الخيار الأول لبارتوميو نفسه؛ ولكن المدرب الأرجنتيني استبعد حتى فكرة تدريب برشلونة، لارتباطه بعلاقة قوية مع إسبانيول المنافس لبرشلونة في إقليم كتالونيا. كما اعتبر بيميينتا مدربا مؤقتا فقط؛ فيما اعتبر برشلونة المدرب سيتين هو الخيار الأفضل في الفترة الحالية. وفيما يستعد برشلونة لتقديم مدربه الجديد، ينتظر أن يسدد النادي الكتالوني القيمة المالية لما تبقى من عقد فالفيردي (عام ونصف العام)، لا سيما أن فالفيردي نفسه لم تكن لديه النية لتقديم استقالته في الوقت الحالي.