وأين سيكون موقع التلميذ المغربي وهمومه وإشكالاته ومستقبله ومعالجة وضعه النفسي والإجتماعي من «مهرجان الإصلاح» للإعلام العمومي ؟ فرغم كل ما يقال عن التلميذ المغربي قلا يمكن أن ننكر حقيقة أساسية : ان التلميذ ضحية سياسة تعليمية فاشلة، حاولت أن تعيد الحياة إلى شرايينه عن طريق ما يعرف ب'البرنامج الإستعجالي'، ومن جهة أخرى نسينا ربما أنه أمام إغراءات وتأثيرات «الإعلام المغربي» الذي أصبح لا يخجل من تقديم برامج الإجرام والشطيح والرديح في عز أيام الإمتحان والربيع المغربي كما نتوهم ربما، والذي نحاج فيه إلى إعلام مواطن، و واع بحيثياته وظروفه وسياقاته.. طبعا، دون أن نتحدث عن تلك المسلسلات التركية والمكسيكية أو غيرها الذي يضرب في جذور الهوية المغربية، ولا يترك لك مجالا للإحساس بمغربيتك سوى في البرامج الإجرامية وبرامج المشاكل الإجتماعية، ويا للعجب ..! رغم أن مغربنا فيه طاقات شابة لو أتيح لها إطلاق قناة لأبهرت الجميع وكانت بمثابة الدراع الإعلامي للدفاع عن تواثب المغاربة .. وليس الدفاع عن توابث المتغربين . برامج أم جيوش إجرامية ؟! أخطر المجرمين، تحقيق، الخيط الأبيض، مداولة، الوجه الآخر، ساعة في الجحيم .. فضلا عن برامج أخرى ومسلسلات تركية ومكسيكية ؛.. فإلى أين تمضي كل هذه الجيوش من البرامج الإجرامية والمسلسلات ؟ هل إلى تكوين تلميذ مواطن، أم إلى تخريج مجرم، و مواطن ممسوخ من قيمه المغربية والإسلامية ؟ ليست هكذا تفهم «الحداثة» والانفتاح الإعلامي على قيم الكونية، إنما هي عولمة بشعة تحارب قيمنا المغربية من الداخل؛ وهذا شيء طبيعي واعتدنا عليه مرغمين منذ سنوات مع الأسف، فكما يوجد من المصلحين الذين يتبنون الإصلاح من الداخل هناك أيضا من المفسدين الذين يتبنون الفساد من الداخل؛ من داخل كل البيوت المغربية، وأسهل طريقة هي الإعلام السمعي البصري .. وبالتالي فحق علينا أن نصفه بكونه أخطر المجرمين حقا ! وعليه، فإن أول مسؤولية ملقات على وزير الإعلام والإتصال الجديد السيد مصطفى الخلفي هي كنس كل تلك البرامج والمسلسلات من أعلى هرم الدوزيم والأولى، ولا أعتقد أن السيد الوزير ستنلي عليه خدعة اضهار بعض الصحافيات المحجبات أيام فوز حزبه برئاسة الحكومة أو قبلها في الإنتخابات، الصباغة واضحة وهي بالتأكيد من أخطر المجرمين! الإعلام هو المسؤول رقم 1 في الفشل الدراسي .. نعود ونقول : ما الذي أعددناه لهذا التلميذ المواطن الذي تتقاذفه رياح الإعلام والإنحراف وشبح البطالة فضلا عن مشاكله الأسرية ؟ كنت دائما ومازلت أقول أن أصعب شيء تواجهه بلادنا ليس البطالة أو الجوع أو غيرها من المشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية، وإنما : التربية . فهل المدرس وحده المسؤول عن التربية في البلاد ؟ أين هي مسؤولية الدولة ؟ والأسرة ؟ والإعلام ؟ وفي سياق التطور المعلوماتي والإعلامي في العالم، والمغرب ليس بعيد عنه طبعا، يصبح التلميذ معرض بشكل يومي لخطورة الفكرة والصورة التي يعرضها الإعلام له ، أو أمام شيء يسميه علماء السيميولوجيا بالعلامة والمعنى التي تؤثر بشكل مباشر في اللاشعور الفردي لكل شخصية ! فما يمكن أن تقدمه المدرسة والأسرة في ساعات طوال .. تدمره التلفزة في ربع ساعة أو ربما أقل؛ والدليل على ذلك أن فئة مهمة من التلاميذ تريد أن تصبح من نجوم البرامج والمسابقات التي تعرضها سواء القناة الأولى أو الثانية .. هكذا سيصبح تلامذتنا مستقبلا : شي مغني، شي شطاح، شي كوميدي فاشل دراسيا يضحك فيما يبكي، شي مجرم، شي مغرب في وطنه عاطفيا وفكريا ..والقائمة طويلة. حاجتنا إلى إعلام وطني على إعلامهم أن يكون مغربيا مائة في المائة، لأن ما يعرض الآن لا يمت بأي صلة مع هويتنا .. إلا قليلا قليلا ! من حقنا نحن المغاربة أن نطالب بإعلام يليق بكرامتنا وديننا وثقافتنا وتطلعاتنا وأحلامنا، والغباء كل الغباء أن نعتبر أن الإعلام، وأتحدث هنا عن السمعي البصري، هو فقط مجرد للتسلية والترفيه في زمن أصبحت فيه الفكرة التي تعرض مع الصورة أقوى وأشد دلالة من أي خطاب آخر كيفما كان نوعه . من حقنا أن نطالب بإعلام وطني .. لا نريد إعلاما فارغا من كل محتوى؛في مجتمعنا هناك الكثير يمكن طرحه وعرضه وإنفاق أموال ضرائبنا عليه غير برامج : تحقيق، وأخطر المجرمين، ومداولة، والوجه الآخر، وساعة في الجحيم .. وهلم شرا، التي أصبح المجرمون يتلقون في مدرستها «أدبيات الجريمة» والإفلات من القانون، وكيف تكون فارغا وضد هويتك في حلقة واحدة . وما دمنا نتحدث عن خطر هذا الإعلام الإجرامي، نريد أن نحمله كافة المسؤولية التربوية للفشل الدراسي والنتائج التي يتحصل عليها تلامذتنا نهاية كل إمتحان، فلا يعقل أن يتحمل المدرس ومعه المدرسة والأسرة كل تعبات هذا الفشل في زمن أصبحت فيه التلفزة منافسا قويا للسيطرة على التلميذ. حرقة أخرى حرقة أخرى أطرحها أمامكم أيها السادة : أين هو دور الدوزيم والقنوات المغربية في التربية على حب الوطن ؟ بدل كل تلك الجيوش المجيشة من البرامج التى تعرضها قنواتهم أليس من حقنا أن تكون لنا برامج موجهة تربوية تهدف إلى إنضاج شخصية المتعلم،بتنمية جوانبه الذاتية، ومساعدته على رسم معالم مستقبله الدراسي والمهني بشكل ينسجم مع حاجياته وميولاته ويتلاءم مع إمكانياته ومؤهلاته، حتى يصبح قادرا على التكيف والإنسجام مع متغيرات الذات ومتمكنا بوعي من مشروعه الشخصي . التلميذ، مواطن، وهو أيضا المستقبل الذي سيكون عليه المغرب غدا، والإعلام السمعي البصري حقيقة لا يقوم بدوره الكامل والمسؤول تجاه هذا المواطن. فكفى من البرامج الإجرامية نريدها أن تكون علمية ومغربية، تثقيفية لا تخريبة .. والله ياخد الحق ! صفحة الكاتب على الفايسبوك [email protected]