تجمع كافة مكونات مجلس النواب، أغلبية ومعارضة، على أن مشروع النظام الداخلي للمجلس الذي تمت المصادقة عليه بالإجماع الخميس 12 يناير الجاري، يبقى مجرد تعديل تقني يتوخى توفير الإجراءات والضوابط القانونية لتأطير العمل البرلماني والحكومي إيذانا بدخول سياسي يواكب المستجدات التي جاء بها الدستور. وتروم هذه التعديلات التي سهرت على إعدادها، في إطار منهجية تشاركية، لجنة تشكلت من ممثلين عن كافة الفرق والمجموعات النيابية، تيسير عمل الحكومة التي تستعد لعرض برنامجها الحكومي ومشروع قانون المالية، لانطلاق فعلي للسنة التشريعية الحالية. فعلى الرغم من الأهمية التي تكتسيها هذه التعديلات، فإنها تظل برأي رئاسة المجلس وأعضائه، غير كافية لمواكبة التحولات السياسية التي تشهدها المملكة، وهو ما يستدعي إخضاع الصيغة الحالية في المستقبل القريب لتعديل أشمل يلامس بشكل معمق قضايا جوهرية ذات صلة بأداء مجلس النواب، وحضوره في المشهد السياسي الوطني، وعلاقته بالغرفة الثانية، وبمؤسسات دستورية أخرى. وقد همت هذه التعديلات على الخصوص رفع عدد اللجان الدائمة إلى ثماني لجان عوض ستة وإعادة توزيع اختصاصاتها، وذلك من أجل الرفع من وتيرة الإنتاج التشريعي للمجلس. وتتمثل هذه اللجان في لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج، ولجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، ولجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان، ولجنة المالية والتنمية الاقتصادية، ولجنة القطاعات الاجتماعية، ولجنة القطاعات الانتاجية، ولجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، ولجنة التعليم والثقافة والاتصال. وبخصوص الفرق والمجموعة النيابية، ينص النظام الداخلي على أنه لا يمكن أن يقل عدد كل فريق برلماني عن عشرين عضوا من غير النواب المنتسبين، في حين حصر عدد المجموعة النيابية في أربعة أعضاء. وخصص النظام الداخلي بابا لحقوق المعارضة كما تضمن ذلك الدستور والمتمثلة بالخصوص في المشاركة الفعلية في مسطرة التشريع، لا سيما عن طريق تسجيل مقترحات قوانين، وفي مراقبة العمل الحكومي عن طريق ملتمس الرقابة ومساءلة الحكومة والأسئلة الشفوية، فضلا عن المساهمة في اقتراح الأعضاء المترشحين لعضوية المحكمة الدستورية، ورئاسة لجنة دائمة أو لجنتين على الأقل من بينها لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان. وسيخصص يوم الخميس الأخير من كل شهر، بموجب النظام الداخلي الجديد، لدراسة مقترحات القوانين ومن بينها تلك المقدمة من فرق المعارضة وفي حال تعذر ذلك لمكتب المجلس تحديد يوم آخر داخل نفس الشهر. وفي ما يتعلق بمشروع قانون المالية، ينص النظام الداخلي الجديد على أن يحيط رئيس مجلس النواب رئيس مجلس المستشارين علما بإيداع الحكومة مشروع قانون المالية، وأن تعقد جلسة عامة مشتركة بين مجلسي البرلمان تعرض فيها الحكومة مشروع قانون المالية، وذلك حسب البرنامج المتفق عليه بين مجلسي البرلمان والحكومة. وتعزيزا وإغناء لنوعية أعمال المجلس تم إقرار مقتضيات جديدة تتعلق بتخصيص جلسة واحدة كل شهر للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة وتقدم الأجوبة عنها خلال 30 يوما الموالية لإحالة الأسئلة على رئيس الحكومة وفقا لأحكام الفصل المائة من الدستور، مع تخصيص نسبة معينة من الأسئلة الشفوية للمعارضة. ومن ضمن المقتضيات الجديدة مناقشة تقارير بعض المؤسسات والهيئات الوطنية سواء في اللجان الدائمة أو في الجلسات العامة، وتعزيز الدور الرقابي والتشريعي للجان. وفي ما يتصل بلجان تقصي الحقائق، ينص النظام الداخلي على أنه لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعات قضائية ما دامت هذه المتابعات جارية، كما تنتهي مهمة كل لجنة سبق تكوينها فور فتح تحقيق قضائي في الوقائع التي اقتضت تشكيلها، ويتم تخصيص جلسة عامة لمناقشة تقارير لجان تقصي الحقائق. كما ينص النظام على أنه تقدم أمام مجلس النواب وجوبا مرة واحدة على الأقل في السنة تقريرا عن أعمالها، المؤسسات والهيئات المتمثلة في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط، ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والهيأة المكلفة بالمناصفة، ومحاربة جميع أشكال التمييز، والهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، ومجلس المنافسة، والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. يذكر أن هذا النظام الداخلي لمجلس النواب سيحال بعد المصادقة عليه من قبل أعضاء المجلس، على المحكمة الدستورية التي ستبث في شأن مطابقته لأحكام الدستور طبقا للفصلين 69 و132 ليتم نشره في الجريدة الرسمية.