خلُص اللقاء الوطني، الذي نظمه المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير، بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ونادي حسنية أكادير لكرة القدم حول موضوع "شغب الملاعب الرياضية.. مقاربات متعددة" إلى ضرورة مواكبة النيابة العامة للتظاهرات الرياضية عبر المشاركة الفعلية في أشغال خلية العنف، وحضور المباريات على نحو يضمن معاينة حالات التلبس، إلى جانب إضفاء الصبغة الملزمة على محاضر اجتماع اللجنة المحلية لمكافحة الشغب داخل الملاعب وفي محيطها لتحديد المسؤوليات، مع إشراك جمعيات محبي ومشجعي الفرق المنظمة قانونا. اللقاء الذي انعقد بمركز الاصطياف لقضاة وموظفي وزارة العدل، أطره قضاة ومهنيون وإعلاميون وأطر رياضية وأساتذة باحثون. وقد تم تدارس الموضوع من زوايا مختلفة قاربت الجوانب القانونية والرياضية لفهم أعمق للظاهرة. كما أوصى اللقاء بضرورة تفعيل الرقابة المتعلقة بالإعداد اللوجيستيكي للمباريات، وتحديد نقاط البيع، وتلافي المضاربة في التذاكر من خلال التفكير في نظام رقمنة بيعها، بالإضافة إلى السعي إلى اعتماد مقاربة تروم ضمان ولوج الأحداث إلى الملاعب الرياضية بالشكل الذي يوازن بين حماية هذه الفئة والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. ومن التوصيات الأخرى، التي أعقبت مناقشة الموضوع، "التفكير في تقنين عمل مجموعات محبي ومشجعي الفرق في إطار تنظيمات مهيكلة ينظمها قانون الجمعيات، مع الحاجة إلى أجرأة فكرة الحكامة الرياضية داخل الأندية عبر استحضار المقاربة الشمولية والتشاركية مع المنتسبين إليها، وإبراز دور الإعلام الهادف والمسؤول للمساهمة في إشاعة ثقافة الحق في التشجيع الراقي والابتعاد عن التعصب والانتماء الفئوي، إلى جانب إشراك الجماعات الترابية في تأمين محيط الملاعب الرياضية بما يضمن الارتقاء بظروف إجراء المباريات والحفاظ على سلامة مرتفقيها". ودعا المشاركون في هذا اللقاء إلى "تبني آليات قانونية وقضائية موحدة في سعي حثيث لتطويق ظاهرة شغب الملاعب الرياضية باعتماد ضوابط تعالج الانحراف الرياضي، وإشراك الأسرة والمؤسسات التعليمية وفعاليات المجتمع المدني وعلماء النفس والاجتماع لاعتماد مقاربة شمولية لفهم عميق للظاهرة وتأثيرها"، فضلا عن "تكريس المقاربة المندمجة والشمولية عبر توحيد جهود جميع المتدخلين والفاعلين بما يضمن التنسيق المشترك قبل وخلال وبعد التظاهرات الرياضية، مع إيجاد أرضية قانونية ورياضية تنهل من التجارب المقارنة والمعايير الدولية ذات الصلة في أدوات التشجيع خلال المباريات الرياضية". وفي كلمة بالمناسبة، أشار عبد الكريم الشافعي، رئيس المكتب الجهوي للودادية الحسنية للقضاة بأكادير، إلى "وعي الودادية بمساهمتها الفاعلة في فتح نقاش وطني هادف وقانوني يُحيط بظاهرة شغب الملاعب، والتي ما فتئت تُثير نقاشا مجتمعيا، وإشكاليات قانونية وعملية في فهم أبجديات ذلك من زوايا مختلفة، وما واكب ذلك من يقظة المشرع في سن منظومة تشريعية مؤطرة بمقتضيات القانون رقم 09.09 المتعلق بشغب الملاعب، تهدف أساسا إلى تطويق الظاهرة لما لها من انعكاسات سلبية على الرياضة الأكثر شعبية ببلادنا". وأوضح المسؤول القضائي ذاته أن "دعوة كافة المتدخّلين لتدارس شغب الملاعب جاءت لراهنيته ومن أجل تقريب وجهات نظر الفاعلين، والتعبير عن التطلعات لتعدّد المتدخّلين، والمقاربات التي ينبغي سلوكها لتطويق الظاهرة، والاستراتيجية المعتمدة للتعاطي مع مظاهر الشغب داخل الملاعب ومحيطها، التي استفحلت في السنوات الأخيرة، على اعتبار أن المقاربة الأمنية وحدها غير كافية للحد من انتشارها، لتظل مدرجات ملاعب كرة القدم منصات للفرجة والإبداع الكروي والتسامح، وبعيدة عن التعصب وروح الانتماء الفئوية، فمباراة كرة القدم يجب أن تسودها الروح الرياضية ممزوجة بأخلاق المشجع المنضبط داخل فضاء الملعب ومحيطه". وبخصوص دور النيابة العامة في التنزيل السليم للسياسة الجنائية من أجل التصدي لظاهرة شغب الملاعب، فأوضح إبراهيم أوجيك، نائب الوكيل العام للملك باستئنافية أكادير، أن "السياسة الجنائية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من السياسة العمومية، هي مجموع القواعد الموضوعية والإجرائية، التي تروم وضع ظاهرة إجرامية ما في حدود السيطرة". وأضاف "نحا المشرع منحى توسيع دائرة التجريم من خلال حظر جملة من الأفعال والامتناعات الواردة في القانون رقم 09.09، وعدم حصرها في نطاق الفضاءات الرياضية فحسب، بل تعداها إلى نطاقات جغرافية أخرى، إلى جانب اتساع هذا الوعاء، باعتبار الضرر المرتبط بالجريمة. كما تم إقرار عقوبات متعلقة بجرائم شغب الملاعب، مع الاحتفاظ بالعقوبات ذات الصلة بالمنصوص عليها في القانون الجنائي". وأوضح أوجيك أن النيابة العامة تلعب "دورا استباقيا واحترازيا من خلال الإشراف على سير الأبحاث التمهيدية الجارية في القانون 09.09، والحضور في أشغال اللجنة المحلية لمكافحة الشغب في الملاعب الرياضية، وللنيابة العامة سلطة الملاءمة في تكييف الأفعال الجرمية، وفي تحديد الوضعية الجنائية لمرتكبي الأفعال الجرمية، إلى جانب دورها في تتبع الدعوى العمومية في تقديم الملتمسات وممارسة الطعون".