في خضمّ احتفال المرأة المغربية وكل نساء العالم باليوم العالمي لمناهضة العنف، اختار المخرج محمد البدوي أن ينقل لجمهور المهرجان الدولي للفيلم بمراكش صورة عن كفاح المرأة الأمازيغية الريفية، والمسؤولية الملقاة على عاتق المرأة القروية في المغرب من خلال فيلمه "لالة عشية". ويحكي الفيلم قصة سيدة تدعى "لالة عيشة"، متزوجة ولها خمسة أطفال، كانت تعيل أسرتها بالاعتماد على الصيد، لكن وصول الدلافين بأعداد كبيرة إلى السواحل وتمزيقها شباك الصيد سيغير مجرى حياتها، لتبدأ رحلة الصيادين في البحث عن مورد رزق جديد دون جدوى، فيفكر أبناء لالة عيشة في الحل الأسهل، وهو الهجرة نحو الضفة الأخرى. ويقدم الشريط، الذي يعد أول فيلم أمازيغي يتنافس على جوائز مهرجان مراكش السينمائي، أنماطا مختلفة من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المرأة القروية، والإكراهات التي تواجهها وسط مجتمع لا يعترف بدور المرأة، من خلال صراعها لكسب لقمة العيش، من جهة، ومحاولة ثني أبنائها عن مغادرة الوطن. واعتمد المخرج في فيلمه "لالة عيشة" على لغة حكائية بسيطة ومباشرة، إذ حاول تعويض الحوارات المعقّدة بالصمت والأحاسيس. ويورد البدوي في حديث لهسبريس: "أحاول تقديم سينما منفتحة على ثقافات متعددة، وأولي اهتماما أكبر للأحاسيس عوض الحوارات". ويركز ابن مدينة الحسيمة، المقيم بالعاصمة الإسبانية مدريد، في أعماله على معالجة الوضع الاجتماعي والاقتصادي، مع إعطاء المرأة مكانة كبيرة، في محاولة لرد الاعتبار لها في "مجتمع ذكوري لا يعترف بدورها"، ويورد في هذا الصدد: "أحرص على إيلاء أهمية كبرى للمرأة ضمن إنتاجاتي السينمائية. إن لم نتكلم عن المرأة عن طريق السينما فمن سيتكلم عنها؟"، مسترسلا: ""لالة عيشة" يناقش مشاكل المرأة المغربية بصفة عامة وليس المرأة الريفية فقط؛ بل كل نساء العالم اللواتي يعشن في القرى". وعن رأيه في السينما المغربية، يقول المخرج والسيناريست المغربي: "السينما المغربية تعيش تقدما ملموسا بفضل مخرجين شباب ساهموا في تقديم نظرة سينمائية مختلفة عن الجيل السابق"، مشيرا إلى أنّه "يسعى إلى تنمية منطقة الريف سينمائيا وثقافيا من خلال الشاشة الفضية". يذكر أنه سبق لمحمد البدوي أن شارك في مهرجان القاهرة الدولي بفيلم "سليمان" سنة 2012، كما شارك بفيلم "فلسطين" الذي يناقش القضية الفلسطينية ببعد إنساني بعيدا عن الإيديولوجيات، الشهر الماضي بالمهرجان الدولي لفيلم المؤلف بالعاصمة الرباط. ويستمد المخرج البدوي تألقه من معالجته وقائع اجتماعية لريف المغرب، وجل الانعكاسات الاقتصادية والثقافية، معتمدا على البساطة في الكتابة وإدماج بعض الثقافات التي لها ارتباط وثيق اجتماعيا وجغرافيا بالمنطقة، خصوصا في اختيار أماكن التصوير وأدوار الممثلين.