رمى المواطن مراد جراعي بجسده على المقعد الجانبي في مركبته محاولا تفادي رصاصة أطلقها جنود الاحتلال الإسرائيلي، خلال تصدي أهالي بلدة عصيرة الشمالية لعملية هدم منزل في المنطقة. جراعي، الذي يبلغ من العمر 30 عاما، نجا من الموت بأعجوبة بعد استهداف مركبته برصاص الاحتلال بشكل مباشر، فأصابت زجاج المركبة الأمامي مخلفة أضرارا مادية بالمركبة. قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت بلدة عصيرة الشمالية شمال نابلس، وهدمت منزل المواطن معمر رشيد حمادنه؛ وهو ما أدى إلى اندلاع مواجهات أصيب خلالها عدد من المواطنين بحالات اختناق. وخلال التصدي لعملية الاقتحام، أصيب جراعي برصاص معدني مغلف بالمطاط. "لم أتوقع وقتها أن يتم استهدافي بالمركبة وهي متوقفة بشكل كامل، وكنت أجلس بداخلها محاولا الابتعاد عن المنطقة التي أصبحت ساحة معركة من كثرة إطلاق الرصاص الحي والمطاطي وتفوح برائحة الغاز المسيل للدموع"، يقول جراعي. "حين بدأ جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص الحي، وقتها رميت بجسدي على المقعد الجانبي، وإذ برصاصة تخترق الزجاج الأمامي، واستقرت داخل المركبة، عدا عن الرصاصات الأخريات اللواتي أصابن مؤخرة المركبة"، يضيف جراعي. "نحو 20 سم يبعد الثقب الذي أحدثته الرصاصة عن مقود المركبة (...)"، يتابع جراعي. بينما كانت المواجهات مع جنود الاحتلال تشتد شيئا فشئيا، كانت جرافات الاحتلال تواصل هدم المنزل الذي يقع على إحدى التلال، ويحاول صاحب المنزل برفقة نسوة من العائلة التصدي لهم. أخذ جنود الاحتلال يستنفرون كلما شاهدوا تزايدا بأعداد المواطنين الذين جاؤوا للتصدي لهم، فأطلقوا الرصاص الحي والمطاطي واستدعوا تعزيزات أخرى. ما أن وصلت المواجهات قاع الوادي التي ما زال فيها مزارعون يقطفون ثمار الزيتون، وأصبحت المنطقة تشهد إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مكثف، حتى ترك المزارعون معداتهم وفطورهم تجنبا لوقوع إصابات بينهم؛ فيما اشتعلت الحرائق في الحقول، بفعل قنابل الغاز التي أطلقها جنود الاحتلال. خلال انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، كان معمر رشيد حمادنة، صاحب المنزل الذي هدم، يقف فوق الركام، مؤكدا أن المنزل مرخص من قبل بلدية عصيرة الشمالية، ولم يتسلم إخطارا من قبل بهدمه. يقول: "استغرق بناء المنزل أكثر من عامين، وهو في المراحل النهائية كي تسكنه العائلة". ووصف حمادنه ما يحدث من عمليات الهدم ب"الإرهاب الدولي"، واعتبره تجاوزا خطيرا؛ فالاحتلال يدعي أنها منطقة مصنفة "ج". وحسب إحصائيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم"، هدمت إسرائيل، منذ العام 2006 وحتى نهاية شهر أكتوبر للعام 2019، ما لا يقل عن ألف و489 وحدة سكنية تابعة لفلسطينيين في الضفة الغربية (لا يشمل القدس الشرقية)، وفقد ما لا يقل عن ستة آلاف و508 فلسطينيين؛ من ضمنهم ثلاثة آلاف و264 قاصرا بيوتهم، جراء الهدم. ومنذ بداية عام 2016 حتى نهاية شهر أكتوبر للعام 2019، هدمت الإدارة المدنية في الضفة (دون القدس) 756 مبنىً (بما في ذلك جدرانًا وآبار مياه وشوارع ومخازن وأبنية زراعية ومصالح تجارية ومبانٍ عامّة وغيرها). *وفا