11 يناير، مناسبة وطنية تأتي في مرحلة تاريخية يعيشها مغربنا المعاصر، مرحلة يسودها ضباب ودخان الربيع العربي، ولن أقول' نسيم الربيع العربي' لأنه ومع الأسف سقط ومازال يسقط الآلاف من الأبرياء والضحايا . و' الربيع الدموي' قد تحول إلى شتاء طويل في سوريا واليمن ومصر والسودان الله يحفظ في لبنان والأردن والسعودية والبحرين والجزائر.. إلا قليلا في تونس،و قد يتحول إلى مغامرة غير محسوبة العواقب في مغربنا، لهذا دعونا، ومازلنا ندعو إلى اللاعنف، وإلى حل أمور المواطنين ومشاكلهم بسلمية، يستفيد منها الملك والشعب، وترضي الله تعالى، حفاظا على الوطن وإكراما لوحدة الأمة التي لا نرغب أن يقرأ أحفادها تاريخا أحمر للاشيء .. كان من الممكن أن تقرأه أخضر بالديمقراطية والعدل. المطالبة بإسقاط الوطن لهذا، فإني لا أفهم لماذا هناك من يطالب بإسقاط الفساد والاستبداد في الوقت الذي عزمت فيه الحكومة الجديدة على ذلك ! أم أن المطالب تتجاوز الاستبداد والفساد إلى إسقاط الوطن، وتقطيعه إلى شمال جمهوري وجنوب آخر جمهوري والوسط إلى قبائل متناحرة فيما بينها ! إن لم يكن لا هذا ولا ذاك، فإنه، وكأقرب تقدير ومطلب للعديد من أصحاب المعارضة المرحومة اليسار هو إسقاط للحكومة التي يصفونها بالملتحية .. وهي ملتحية حقا، لكن إلا قليلا !! وهنا طبعا تغيب النزاهة والديمقراطية . وللحق والإنصاف أقول أن الاستهانة بعمل وزراء الحكومة الجديدة هو حكم على النوايا وليس على الأعمال؛ وبين الانتقادات الموجهة للحكومة وتبخيس عملها قبل بدايته ضاع حق الشعب المغربي، وحق المواطن البسيط في العيش الكريم والتفاؤل بغد لن نقول عنه مثاليا ولكن على الأقل أفضل من الماضي .. يشعر فيه بأن شيئا ما قد حدث إيجابيا يستحق الحياة لأجله. الفساد لم تقضي عليه حتى كبريات الدول الديمقراطية، لكنها استطاعت أن تعاقب المفسدين، وإليكم مثال الرئيس السابق لفرنسا جاك شيراك مع فضيحته الأخيرة خير دليل على ما نقول. وكلنا يطمح إلى أن يصل قضاؤنا إلى هذا المستوى من المحاسبة والعقاب، حينها ستهدأ النفوس وترتاح العقول من وساس خوفها !. إن كانت هناك فرصة للتغيير والإصلاح والقضاء على الفساد أو على الأقل معاقبة المفسدين دون دماء أو رصاص فهي الآن؛ ولو كان الرصاص هو الحل، والدم هو الطريق المعبدة والوحيدة إلى بناء المدينة الفاضلة التي ظل الفلاسفة يحلمون بها ولم تتحقق .. لما بقي عليها مخلوق ! لهذا أقول: ألا نستطيع أن ننجز ثورة هادئة على الفساد والاستبداد ؟ ألا يمكن أن يكون للأحزاب المغربية ومجتمعنا المدني والشعب المغربي قاطبة دعم سياسي للحكومة الجديدة ؟ ماذا سيخسر خصوم الحكومة الجديدة من شرفهم النضالي إن هم دعموها، ولتسقط الإيديولوجيات والديماغوجيات أمام مصلحة الوطن . والمعارضة .. للمعارضة نحن نعلم أن اليسار اليوم يعارض وسيعارض حكومة بن كيران فقط من إجل بعث وإحياء أنفاس نضاله وتلميع صورته أمام الشعب المغربي بعدما أصابها الصدأ .. واهتزت أمام نفسها ! فماذا بقي من اليسار غير التباكي على الماضي الذهبي ومعارضة حكومة «الإسلامي» بن كيران، الذي لو حصل ونجح في تحقيق الربيع المغربي حسب الإجراءات التي وعد بها حزبه طبقا لبرنامجه الإنتخابي فأكيد أننا سنقرأ الفاتحة الثانية على روح اليسار بعدما قرأنا الأولى إبان سقوطهم المدوي في الإنتخابات الأخيرة . فلماذا نبخس قيمة رجالنا، ونحن نعرف أن يساريي اليوم لا علاقة لهم بقيم اليسار إلا في الإشهار والدعاية الخطابية التي يقومون بها هنا وهناك ،وإن كنت ألمس بعض حماسهم في شبيبتهم المقموعة داخل إطاراتها النضالية من طرف كل من له شرعية تاريخية أو فرعنة نضالية في « الكشكشة الشعبية». فهل سيعيد اليسار قراءة مساره مرة أخرى وتدبر ما قام به الأجداد في 11 يناير عندما عقدوا العزم على الحرية والتحرر من كل روابط قبلية في سبيل مصلحة الوطن والشعب، ويفتحون قلوبهم وعقولهم لكل مختلف إيديولوجيا معهم، ويكفيهم من الخونجة ، وعساهم يرددون مع أحمد مطر : كل قلوب الناس جنسيتي ..! 'الحكومة باغيا تخدم' اليسار اليوم ومعه حفنة من 20 فبراير أصبحت لهم حساسية سياسية ضد كل من يقول : ' الحكومة باغيا تخدم ' . ومع ذلك، سننتقدهم .. ليس لأنهم حكومة ملتحية، أو لأن وزراءها يمنحون أرقام هواتفهم الخلوية للمعطلين، أو لأن وزراءها يأكلون ويجلسون في أماكن شعبية، بل لأنه ومن علامات الربيع المغربي الذي وعدونا به دعم حرية التعبير. سننتقدهم .. لأننا نحب هذا البلد، ولا نحبه ممزقا، فيكفي الفساد أن مزقه، إلا قليلا ! سننتقدهم .. حتى لا نحرق الورقة الأخيرة التي يلعب بها دعاة الفزاعة الإسلامية ! 11 يناير، ليس يوم عطلة؛ إنه يوم لنعيد فيه ترتيب بيتنا الداخلي. وحتى لا تفوتني فرصة هذا اليوم : الحرية لرشيد نيني وباقي معتقلي الرأي .. والخزي والعار لحفنة اللصوص والمرتزقة في البلاد . صفحة الكاتب على الفايسبوك