قدّم أساتذة جامعيون من جامعة محمد الخامس بالرباط مشروع بحث يرمي إلى تعزيز حضور واستثمار حقوق الإنسان في عمل الدبلوماسية المغربية، وتنبيه الفاعل المؤسساتي والحقوقي إلى أهمية موضوع حقوق الإنسان، باعتباره عنصرا يمكن أن يخدم مصالح المغرب، الداخلية والخارجية، إذا ما استُثمر على نحو أمثل. أحمد بوز، منسق مشروع البحث حول حقوق الإنسان في الدبلوماسية المغربية، قال, في لقاء تواصلي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، قُدمت فيه الخطوط العريضة للمشروع، إنّ مبعث الاشتغال على موضوع حقوق الإنسان هو الأهمية المتزايدة التي تكتسيها، وأهمية استثمار المنجزات المحققة على هذا الصعيد من أجل إغناء وتقوية أداء وفعالية الدبلوماسية، سواء في بُعدها الشامل أو الدبلوماسية البرلمانية والشعبية. وأشار بوز إلى أنّ الاشتغال على موضوع حقوق الإنسان في الجامعة المغربية لا يزال محدودا، حيث تنحصر البحوث المعدّة حول هذا الموضوع على سلْك الدكتوراه؛ بينما في البلدان الغربية يحضر موضوع حقوق الإنسان في مختلف الأبحاث الجامعية، مبرزا أنّ موضوع حقوق الإنسان يوجد في تقاطع معرفي بين اهتمامِ وحقولٍ معرفية متعددة؛ وهو ما يستدعي توسيع نطاق الاشتغال عليه. البحث، الذي يشرف عليه أحد عشر أستاذا من جامعة محمد الخامس بالرباط وخمسة طلبة من الجامعة ذاتها، سيستمر لسنتين، ستتخللها ندوات ولقاءات مع فاعلين في ميدان حقوق الإنسان، من منظمات حقوقية ومؤسسات رسمية؛ كالوزارة المكلفة بحقوق الإنسان، ووزارة العدل، والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، ووزارة الخارجية ووزارة الجالية، ومجلس الجالية المغربية المقيمة بالخارج، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. ويتوخى مشروع حقوق الإنسان في الدبلوماسية المغربية تقديم أرضية اشتغال للفاعلين المؤسساتيين والمنظمات غير الحكومية في المغرب، حيث سيصدر الفريق المشرف عليه ثمار البحث الذي هم بصدد إنجازه في كتيّب وأوراق بحثية، كما سيعقد ندوات تهم الدبلوماسية في علاقتها بحقوق الإنسان. ولفت أحمد بوز إلى أنّ من بواعث الاشتغال على موضوع حقوق الإنسان في الدبلوماسية المغربية اهتمام المملكة خلال السنوات الأخيرة بهذا الموضوع، ويتجلى ذلك في أن السفراء الذين تم تعيينهم خلال السنوات الثلاث الأخيرة لهم خلفية حقوقية، معتبرا أن هذا التوجه "يعني أن الفاعل السياسي انتبه إلى أهمية استثمار حقوق الإنسان لإطلاق دينامية دبلوماسية مغربية في الخارج والدفاع عن القضايا الأساسية للمغرب". من جهته قال عز الدين غفران، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، إنّ موضوع حقوق الإنسان ذو راهنية، باعتبار أنّ الحريات العامة وحقوق الإنسان لم تعد شأنا داخليا بل شأنا دوليا، ولا يمكن الدفاع عن القضايا الداخلية بمعزل عن الجانب المتعلق بحقوق الإنسان. وأضاف غفران أنّ مبادرة وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي بدعم العلوم الإنسانة والاجتماعية، في إطار مشروع ابن خلدون، سيساهم في نشوء تخصصات بحث جديدة ذات علاقة بحقوق الإنسان في الجامعة المغربية، داعيا إلى التخلص من الاعتقاد السائد بأن الغرب "فقط هو الذي يُنتج في مجال حقوق الإنسان، وعلينا نحن، دول الجنوب، أن نستهلك فقط". بدوره، قال عبد الحق أدمينو، رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، إنّ م البحث حول حقوق الإنسان في الدبلوماسية المغربية "مشروع مهم جدا، لكونه سينقل الاهتمام بحقوق الإنسان داخل الجامعة من المناهج والوحدات المقدمة للطلبة إلى مستوى كيفية توظيف حقوق الإنسان على المستوى الدبلوماسي". وتابع أدمينو أنّ المغرب تبنى، منذ دستور 1992، اختيار توطيد حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا، عبر التصديق على معاهدات ومواثيق دولية لحقوق الإنسان وإرساء آليات دولية للتعاون في هذا المجال. ولفت المتحدث ذاته إلى أنّ دبلوماسية الجامعة بإمكانها أن تقوي الدبلوماسية المغربية، حيث تمكّن الطلبة من الانفتاح على آفاق أوسع في كل الجوانب التي علاقة بحقوق الإنسان، والانتقال إلى مستوى آخر من البحث خارج المسارات التقليدية للبحث الجامعي كالإجازة والماستر والدكتوراه، وتقوي قدراتهم البحثية.