بعد الضجة التي رافقت منع عرضه في الجزائر من قبل السلطات لأسباب ما زالت مجهولة، تعرض القاعات السينمائية المغربية الفيلم الروائي الطويل "بابيشا" للمخرجة الجزائرية مونيا مدور. ويحكي الفيلم المثير للجدل قصة مستوحاة من الحياة الجامعية للمخرجة خلال سنوات التسعينيات، ويسلط الضوء على تدهور الأوضاع السياسية في الجزائر في ظل تنامي الجماعات المتطرفة المسلحة، إلى جانب صمود المرأة الجزائرية التي تناضل من أجل تغيير القوانين والمساواة بين الجنسين والديمقراطية. ويروي "بابيشا"، وتعني باللهجة المحلية الجزائرية الفتاة الجميلة، قصة "نجمة"، الطالبة الجزائرية التي تقطن في حي جامعي، حيث تدور معظم أحداث العمل، تحلم بأن تصبح مصممة أزياء، إضافة إلى شابات أخريات يتابعن دراستهن في الجامعة بالعاصمة، ويعشن الحياة بكل ما يملكن من طاقة وحماس كلما أتيحت لهن الفرصة. مع تدهور الوضع السياسي والاجتماعي للبلاد، تتعرض "نجمة"، التي تجسد دورها الممثلة لينا خودري، وصديقاتها للضغط من قبل إسلاميين متشددين، وعصابات من نساء منقبات يلعبن دور "الشرطة الدينية"، يقتحمن غرفة الطالبة التي كانت بصحبة صديقاتها وتطالبنهن بارتداء الحجاب والصلاة. وأمام رفضها الخضوع لتهديدات المتشددين والخنوع للوصاية الذكورية، ومحاولتها كسر الحواجز والتضييقات المجتمعية المفروضة على المرأة نتيجة تحررها، بدأ خطر الإرهاب يقترب أكثر من نجمة وعائلتها، إلى أن تمت يوماً مهاجمة شقيقتها ليندا، وقتلها على يد امرأة منقبة بدم بارد أمام باب منزل الأسرة قبل أن تلوذ بالفرار. وعلى الرغم من اغتيال أختها "ليندا" واقتحام فضاء العرض داخل المبيت ومحاولة اغتيال المشاركات في عرض للأزياء وفي صدارتهن "نجمة" التي نجت من الموت بأعجوبة، تتمسك هذه الشابة القوية والعنيدة بموقفها الرافض للوصاية الذكورية، والخضوع لتهديدات المتشددين. وكان بلقاسم حجاج، منتج فيلم "بابيشا"، قد قال، في تصريحات لوسائل الإعلام، إن هذا الفيلم الروائي الطويل يتعرض لرقابة وحظر من قبل السلطات؛ في حين لم تصدر أي تصريحات رسمية أو قرار أو توضيح حول سبب منع الفيلم، سواء من جانب وزارة الثقافة أو من جانب المركز الجزائري لتطوير السينما. وكان "بابيشا"، الذي شارك في الأوسكار على الرغم من منعه في الجزائر، قد فاز بثلاث جوائز في اختتام مهرجان أنغوليم للفيلم الفرانكوفوني بفرنسا في دورته ال12؛ وهي على التوالي: جائزة الجمهور، وجائزة أحسن سيناريو، وأحسن ممثلة. وحاز العمل الروائي الأول لمونية مدور، الذي قدم في عرضه الشرفي شهر ماي الماضي بمهرجان كان السينمائي، جائزتي "فالوا" الجمهور و”فالوا” أحسن سيناريو؛ بينما تقاسمت لينا خودري من فريق العمل جائزة أحسن ممثلة مع ممثلة أخرى فرنسية.