أعلن الرئيس البوليفي إيفو موراليس، الأحد استقالته من منصبه، بعد موجة احتجاجات شديدة على إعادة انتخابه لولاية رابعة مستمرّة منذ ثلاثة أسابيع. وقال موراليس (ستّون عامًا) عبر التلفزيون "أستقيل من منصبي كرئيس". بدوره، اعتبر نائب الرئيس الفارو غارسيا لينيرا الذي استقال أيضًا من منصبه أنّ "الانقلاب وقع". أمّا المعارض كارلوس ميسا الذي خسر الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة السابقة، فعلّق على الاستقالة بالقول "لقد أعطينا درساً للعالم. غدًا ستكون بوليفيا بلدًا جديدًا". ويحكم موراليس بوليفيا منذ العام 2006، وكان الجيش والشرطة طالباه في وقتٍ سابق بالتنحّي. وطالب قائد الجيش البوليفي الجنرال وليامز كاليمان الأحد موراليس بالاستقالة "من أجل صالح بوليفيا". وصرّح قائد الجيش للصحافيّين "بعد تحليل الوضع الداخلي المتوتّر، نطلب من الرئيس التخلّي عن ولايته الرئاسيّة بهدف إتاحة الحفاظ على السلام والاستقرار، من أجل صالح بوليفيا". وكان العديد من قادة المعارضة البوليفيّة دعوا أيضًا موراليس الأحد إلى الاستقالة، رغم إعلانه أنّه سيُجري انتخابات جديدة لم يُحدِّد لها موعدًا. وقال ميسا في تصريحات سابقة "نرى أنّ على الرئيس موراليس اتّخاذ هذا القرار. إذا كان يتمتّع بحدّ أدنى من الوطنيّة عليه الانسحاب". وأضاف أنّ رئيس الدولة "ليس في وضع" يؤهّله إجراء انتخابات جديدة أو الترشّح مجدّداً. بدوره، اعتبر المعارض الأبرز لويس فرناندو كاماشو أنّ "موراليس انتهك النظام الدستوري وعليه أن يستقيل"، داعياً إلى تشكيل "لجنة حكوميّة انتقاليّة" تُكَلّف "الدعوة إلى انتخابات جديدة خلال مهلة أقصاها ستّون يومًا". وأتت هذه المواقف بعدما أعلن موراليس في وقتٍ سابق أنّه سيُجري انتخابات جديدة في ضوء التوتّر الشديد الذي يسود البلاد. وهو كان رفض هذا الخيار في ما مضى. وقبل وقت من إعلان استقالته، كان موراليس قال في مداخلة متلفزة سابقة "قرّرتُ اختيار أعضاء جدد للمحكمة الانتخابيّة العليا"، معلناً أنّه سيدعو "إلى انتخابات جديدة تُتيح لشعب بوليفيا انتخاب سلطات جديدة ديموقراطيّاً". وأضاف الرئيس الذي يحكم بوليفيا منذ 2006 "بعدما اتّخذتُ هذا القرار، أدعو إلى خفض التوتّر. على الجميع أن يُعيدوا السّلام إلى بوليفيا". لكنّ موراليس لم يُحدّد موعد هذه الانتخابات أو يوضح ما إذا كان سيترشّح لها. الاتحاد الأوروبي قبيل ذلك، طلبت منظّمة الدول الأميركيّة إلغاء نتيجة الانتخابات الرئاسيّة التي جرت في 20 أكتوبر الماضي، في ضوء التجاوزات التي شابتها، داعيةً إلى إجراء انتخابات جديدة يتمّ توفير الضمانات لحسن إتمامها "وبينها في الدرجة الأولى تشكيل هيئة انتخابيّة جديدة"، في إشارة الى المحكمة الانتخابية العليا. ورحّبت وزيرة خارجيّة الاتّحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني في بيان بنيّة إجراء انتخابات جديدة، داعيةً "جميع الأطراف، خصوصاً السلطات، الى تحمّل مسؤولياتهم الديموقراطية واتّخاذ القرارات الملائمة التي تتيح حصول مصالحة سريعة وتجنّب أعمال عنف جديدة". وأدّت انتخابات أكتوبر الى إعادة انتخاب موراليس لولاية رابعة حتّى 2025، رغم أنّ البوليفيين رفضوا هذا الخيار في استفتاء جرى في فبراير 2016. وأوضح موراليس في وقتٍ سابق الأحد أنّ البرلمان، حيث يتمتّع بالغالبيّة، سيجتمع "في الساعات المقبلة" لتتمكّن الأحزاب البوليفيّة من تحديد سبل إعادة تشكيل المحكمة العليا وجعلها في منأى من الانتقادات، سواء داخليّة أو خارجيّة. وسبق أن طالبت لجان المجتمع المدني بعدم ترشّح موراليس، ولا ميسا، لانتخابات جديدة. وتصاعد التوتّر في الأيّام الأخيرة مع تسجيل حركات تمرّد في صفوف الشرطة واحتلال متظاهرين مقارّ وسائل إعلام رسميّة. دعم كوبي وكان موراليس وجّه السبت دعوة الى الحوار، لكنّ المعارضة رفضتها، فيما أعربت كوبا عن دعمها له "في مواجهة المغامرة الانقلابيّة للإمبرياليّة". وبعد استقالة موراليس، ندّدت كوبا الأحد "بشدّة" ب"الانقلاب في بوليفيا". ودعا البابا فرنسيس البوليفيّين إلى أن ينتظروا "بهدوء" العمليّة "القائمة" لإعادة إجراء الانتخابات. وأسفرت موجة الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ ثلاثة أسابيع عن ثلاثة قتلى ومئتي جريح. واحتلّ متظاهرون مناهضون لموراليس السّبت في لاباز مقرّي وسيلتَي إعلام رسميّتين وأجبروا موظّفيهما على المغادرة. وسرعان ما ندّد موراليس بذلك عبر تويتر، قائلاً "يقولون إنّهم يدافعون عن الديموقراطيّة، لكنّ سلوكهم ديكتاتوري". والجمعة، تمرّدت ثلاث وحدات من الشرطة في مدينة كوشابامبا (وسط) ثمّ في مدينتي سوكري (جنوب) وسانتا كروز. واتّسع التمرّد ليل الجمعة السبت نحو مناطق أخرى، بحسب الإعلام المحلّي. وعلّق موراليس مساء الجمعة أنّ "ديموقراطيّتنا في خطر بسبب الانقلاب الذي تقوم به مجموعات عنيفة على النظام الدستوري". من جهته، استبعد وزير الدفاع خافيير زافاليتا في وقت سابق أيّ تدخّل عسكري ضدّ المتمرّدين. *أ.ف.ب