محتفظا بمواقف واضحة ورسمية، عبر الملك محمد السادس عن مشروعية الطرح المغربي في قضية الصحراء، مؤكدا على حصرية منظمة الأممالمتحدة، وقرارات مجلس الأمن، في التوصل إلى حل سياسي، واقعي، عملي وتوافقي لهذه القضية. وأضاف الجالس على عرش المملكة، في خطاب إحياء المسيرة الخضراء، مساء الأربعاء، أن "مبادرة الحكم الذاتي هي الحل، نظرا لجديتها ومصداقيتها، وصواب توجهاتها؛ لأنها السبيل الوحيد للتسوية، في إطار الاحترام التام للوحدة الوطنية والترابية للمملكة". وأشار ملك البلاد إلى أن "هذا التوجه تعزز بزيادة عدد الدول التي لا تعترف بالكيان الوهمي، والذي يفوق حاليا 163 دولة، كما تؤكده أيضا الشراكات والاتفاقيات التي تجمع المغرب بالقوى الكبرى وعدد من الدول الشقيقة والصديقة، والتي تشمل كل جهات المملكة، بما فيها الأقاليم الصحراوية". وفي هذا السياق، أوضح نوفل بوعمري، الخبير في قضية الصحراء، أن "الخطاب الملكي أعاد التذكير بالدور الوطني الملحمي للمسيرة الخضراء، وقدرتها على تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني بشكل سلمي، حيث تعد هذه المناسبة، حسب الخطاب الملكي، رمزا من رموز التلاحم الوطني بين العرش والشعب، وشكلت لحظة من لحظات الإجماع الوطني وإعادة تشكيل الثوابت الوطنية الجامعة". وأضاف بوعمري، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "خطاب المسيرة يعتبر، إذا ما ربطناه بمضامين الخطب السابقة منذ خطاب 6 نونبر 2015 إلى الآن، تأسيسيا لمرحلة يمكن اعتبارها مرحلة ثالثة، بعد مرحلة اتفاق وقف إطلاق النار ومرحلة اقتراح الحكم الذاتي". وأوضح بوعمري أن "المغرب وصل المرحلة التأسيسية للحل السياسي الواقعي، المنسجم والمتناغم مع مبادرة المغرب، باعتباره المقترح والمخرج الوحيد لهذا النزاع المفتعل حول الصحراء". وأضاف "إننا أمام مرحلة جديدة أكد فيها الملك على المعايير الأممية التي تضمنتها القرارات السابقة، وعلى رأسها قرار أكتوبر الماضي الذي خلف حالة صدمة وهلع في صفوف البوليساريو". وتابع الخبير المغربي قائلا إن "خطاب المسيرة الخضراء أعاد التذكير بالبعد المغاربي، وهي مناسبة لاستحضار مبادرة المغرب تجاه الجارة الجزائرية، أي مبادرة اليد الممدودة، التي سبق أن أكد عليها، خاصة عندما اعتبر الخطاب الملكي السابق أن الانتصار الكروي الجزائري في كأس إفريقيا هو انتصار للمغرب". وزاد قائلا: "بمعنى أن العدو المشترك لشعوب شمال أفريقيا، حسب مضمون الخطاب، هو الجمود وضعف التنمية وانخفاض مستوياتها، وهو ما يقلق شعوب المنطقة ويشكل تحديا أساسيا في البناء المغاربي". ولفت بوعمري الانتباه إلى أن "خطاب المسيرة أعاد طرح مسألة العدالة المجالية، وأعاد رسم وقراءة الخريطة المغربية على مستوى تموقع الصحراء جغرافيا وباقي المدن المغربية، مؤكدا أهمية تقوية وتعزيز مستوى البنية التحتية من خلال ربط الجنوب الصحراوي بوسطه من خلال السكة الحديدية والطريق السيار في تكرار للنموذج نفسه الذي عرفه شمال المغرب في علاقته بوسطه". وختم بوعمري مؤكدا أن "خطاب المسيرة لهذه السنة لا يمكن قراءته بمعزل عن مختلف التطورات التي عرفها الملف أمميا، وتراجع أغلبية دول العالم عن الاعتراف بالكيان الوهمي، وعودة المغرب إلى إفريقيا".