لأول مرة يتم تخصيص مناصب في الوظيفة العمومية للأشخاص في وضعية إعاقة، بلغ عددها مائتي منصب ضمن قانون المالية لسنة 2020، بعدما سبق لوزارة الوظيفة العمومية وإصلاح الإدارة أن نظمت، السنة الفارطة، مباراة موحدة لتوظيف خمسين شخصا من هذه الشريحة المجتمعية. وبالقدر الذي حظي قرار الحكومة سالف الذكر، بعد الاحتجاجات التي ما فتئ الأشخاص ذوو إعاقة، خاصة المكفوفون، يخوضونها في العاصمة الرباط، بترحيب من طرف الجمعيات المدافعة عن حقوق الأشخاص في وضعية أعاقة، فإنها ترى، في المقابل، أن ما تم تحقيقه، إلى حد الآن، ليس كافيا. "خطوة تخصيص مائتي منصب للأشخاص في وضعية إعاقة في قانون المالية مبادرة لا بأس بها، ولكنها غير كافية، ولا يمكن التعويل عليها لتحسين الوضعية السوسيو اقتصادية لهذه الشريحة من المجتمع"، يقول عبد الرحيم المودني، عضو التحالف المغربي للأشخاص في وضعية إعاقة، معللا رأيه بجملة من الأسباب. ويوضح المودني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن إدماج مائتي فرد من الأشخاص ذوي إعاقة في الوظيفة العمومية لن يساهم في امتصاص البطالة المستشرية في صفوف هذه الفئة المجتمعية على النحو المطلوب، لأن التوظيف لن يلامس سوى نسبة جدّ قليلة منهم، وهي التي تتوفر على دبلومات التعليم العالي. وحسب أرقام الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 فإن عدد الأشخاص ذوي إعاقة في المغرب يصل إلى مليون و703 آلاف و424 شخصا، لا تصل نسبة الذين يتوفرون منهم على التعليم العالي واحدا في المائة فقط، ما يعني أن هذه النسبة الضئيلة وحدها التي لها حق اجتياز مباريات مائتي منصب في الوظيفة العمومية التي ضمّنتها الحكومة في قانون المالية للسنة المقبلة. عبد الرحيم المودني يعتبر أن الأرقام التي تضمنها الإحصاء العام للسكان والسكنى، بخصوص المستوى التعليمي للأشخاص في وضعية إعاقة، "مُقلقة"، مبرزا أن هذه الوضعية تستفحل أكثر في صفوف الأشخاص الذي يعانون من إعاقة الصمم والإعاقة الذهنية، والذين يعسر عليهم نيل دبلومات للولوج إلى سوق الشغل. وإذا كانت الحكومة خصصت مائتي منصب في الوظيفة العمومية للأشخاص في وضعية إعاقة فإنّ القطاع الخاص لازال "متقاعسا" عن القيام بدوره في هذا المجال، رغم وجود برنامج تعاقدي بينه وبين الحكومة، منذ سنة 2013. وينتقد عبر الرحيم المودني الحكومة لعدم تفعيلها للبرنامج التعاقدي المبرم بينها وبين القطاع الخاص، ضمن القانون الإطار رقم 97.13 المتعلق بحماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، والذي يحدد نسبة مناصب الشغل التي سيوفرها القطاع الخاص للأشخاص في وضعية إعاقة، والذين تتضاعف البطالة في صفوفهم خمس مرات مقارنة مع نسبة البطالة في صفوف الأشخاص "العاديين"؛ كما انتقد القطاع الخاص بقوله: "أرباب المقاولات والشركات الخاصة ليسوا مهتمين بالجانب الاجتماعي، يفكرون فقط في جني الأرباح". ويرى المتحدث ذاته أن مواجهة البطالة في صفوف الأشخاص ذوي إعاقة ينبغي أن تقوم على مقاربة شمولية، تنطلق من ضمان الحق في التعليم لهذه الفئة، بما يمكّنها من نيل دبلومات وشهادات تؤهلها إلى الولوج إلى سوق الشغل، سواء في الوظيفة العمومية أو في القطاع الخاص، مؤكدا كلامه بالقول: "التعليم هو الأساس".