بعد سنتين من التقاط صور ساكنة الرباط، والاستماع إلى قصصها التي تحكي تاريخ المدينة، أعلن مشروع "Shoot Your Face"، أي "التقط صورة لوجهك"، بدء جزئه الأوّل، بعدما اختتم سنتَين من اللقاءات مع "الرّباطيين". وبعد 10 آلاف لقاء في العاصمة، و70 ألف صورة، و150 ساعة من التسجيلات المصوَّرَة، و50 ألف سؤال، من المنتظر دخول هذا المشروع مرحلة التّجميع، والتّنقيح، حَسَبَ ما أُعلِنَ في ندوة صحافية، الإثنين، ب"فيلا الفنون" في العاصمة، قصدَ إقامة معرض في شوارع الرباط يكون "تاريخا شفهيا تمثيليّا- أي يمثل تاريخ الرباط". كارول غيو، منتجة المشروع، وصفته ب"المشروع الإنساني قبل كل شيء؛ لأنّه يسافر عبر النّاس والساكنة التي يكرّمها"، وأضافت: "هذا جعل الناس يحكون قصصا، لمعرفة تاريخ كلّ شخص من ساكنة المدينة". وبيّن سباستيان دي سيلفيسترو، صاحب مشروع "Shoot your face"، أنّ هذا العمل يقدّم قصّة تاريخ الرباط، عبر الوجوه، عن طريق التقاط صور الناس على مرّ سنتَين، وتجاذب أطراف الحديث معهم داخل خيمتَين مخصّصتَين للتّصوير، وطرح أسئلة عليهم حول من هم؟ ومن أين أتوا؟ وماذا يفعلون؟ وماذا يهمّهم؟ ليستقُوا منهم قصّتهم الشّخصية التي تروي جزءا من تاريخ العاصمة. وذكر المتحدّث أن الرباط عاصمة تغيّرت تماما، واعتبرها عاصمة ثقافية لإفريقيا، وزاد: "أدركنا غنى المغرب؛ نحن في بلد يعرف غنى كبيرا وتعددا"، واعتبر هذه الصّور والأشرطة "مكتبة إنسانية" ستُعرَض لاحقا في شوارع الرباط، وستغيّر أفكارا عندما ستتجوّل عالميا، بإظهارها "مغرب اليوم الحديث". وأكّد صاحب المشروع أن "هذه هي المرة الأولى التي سيتمّ فيها عرض صور أشخاص أحياء في فضاء عمومي بالرباط"، مضيفا أنّ هذه صور تُفرز "المغربية"، وتقدّم تاريخ المدينة، وتُعبِّرُ عن إنسانية مشتركة، ثم استعاد ذكرياته مع هذا المشروع "الذي تمّ مع الناس"، والذي طبعته قوّة فريق مغربي - فرنسي، لأن كلّ شيء فيه لم يكن يتمّ إلا بعد نقاش طويل. هيلين لوغال، السفيرة الفرنسية بالمغرب، قالت إنّ هذا المشروع الذي قدِمَ إلى الرباط كمحطة أولى ليتطوّر صورةٌ عن العلاقات القوية التي تجمَع البلدَين، ومعرض له دور حالم، يبشّر بالتّبادل بين الذاكرات التي تُحكى وتُنقَل، مضيفة أنّها ليس لها شكّ في أن هذا النشاط سيكون قادرا على الانتشار في مدن أخرى، بروح فرنسية - مغربية. وذكرت لوغال أنّ هذا "المعرض الجميل الذي يقدّم ما يشبه مكتبة إنسانية" أصوله من لورين الفرنسية، وتمكّن من أن يعاد بناؤه بالرباط، وأن يتبنّى فرادة رأسمال المملكة المغربية، ثم زادت موضّحة: "يتعلّق هذا المعرض بالفن، والتصوير الفوتوغرافي، وبالفيديو، والسوسيولوجيا، والأنثربولوجيا، والفضاء العام، والإنسان". وتحدّثت السفيرة الفرنسية عن رفع هذا المشروع حماس السفارة الفرنسية، التي تحرّكَت، من أجله، عبر مختلف فاعليها، في السفارة، والمعهد الفرنسي بالرباط، ومركز الأبحاث جاك بيرك...شاكرة كلّ الفاعلين الذين عملوا في هذا المشروع الذي ينظّم تحت الرعاية الملكية، وكلّ قاطني عاصمة المملكة الذين هم "الفاعلون الحقيقيون في قصصهم وذاكرتهم". ورأى محمد الصديقي، عمدة الرباط، في هذا المشروع نموذجا للتعاون المغربي الفرنسي الخصب، مضيفا أنّه يكشف ستار العاصمة عبر أفرادها، من أجل خلق مكتبة إنسانية كبيرة تمثِّلُ التاريخ؛ كما ذكر أن مشروع "Shoot Your Face"، الحاصل على الرعاية الملكية، يقدّم مثالا على وجهة نظرة مستنيرة للملك، جعلت الثقافة رافعة للتّنمية في الرباط. تجدر الإشارة إلى أنّ شوارع العاصمة استقبلت خلال السنتين الماضيتين خيمات سوداء، أو "صناديق سوداء"، تدعو الرّباطيين إلى تجاذب أطراف الحديث حول تجاربهم، وشخصياتهم، مع التقاط صورهم، وتصوير تسجيلات لتفاعلهم مع الأسئلة، قصدَ إعداد تاريخ شفَهي للرّباط انطلاقا من أحاديث ساكنتها.