مع عودة نقاش "الحريات الفردية" إلى ساحة النقاش العمومي بالمملكة، تعدّدت ردود أفعال الفاعلين المجتمعيّين المغاربة، على الدعوة لإلغاء النصوص المقيّدة للحقّ في الاختيار داخل الفضاءات الخاصّة للرّاشدين، في القانون الجنائي. وفرّقت عريضة، مُعنونَة ب"مغاربة ضد الحرّيّات الإباحية"، بين "الحريات الفردية بصفتها حقا دستوريا، يجب ترسيخه في القانون، والمجتمع، وبين الحريات الإباحية، التي تعني التطبيع مع أنواع من السلوك، تشتمل على كثير من الأضرار؛ مثل: إباحة الزنا، والخيانة الزوجية، وإباحة الشذوذ الجنسي، والإجهاض بما يعنيه من قتل لروح إنسانية بريئة". العريضة، التي تمسّكَت ب"الحريات الفردية، بصفتها حقا أساسيا من حقوق الإنسان، تأسَّس على الشرع الإلهي، وعلى مخرجات الفكر الإنساني في الفلسفة، والقانون، والتربية"، قالت إنّ "الزّنا، والخيانة الزوجية، والشّذوذ"... ممارسات إباحية، غير أخلاقية، تتضمن من الأضرار والأخطار على الفرد، والأسرة، والمجتمع، أضعاف ما قد يكون فيها من منفعة النزوة، والشهوة". وأضافت العريضة: "في مبادئ ديننا الحنيف، وأحكامه السامية، وفي نضالات علمائنا من مفكري الإصلاح والنهضة، ونضالات الشخصيات والمؤسسات والهيئات الوطنية المتحررة من المخرجات العلمية والفكرية ما هو كفيل بترسيخ دولة الحق والقانون، بما تعنيه من تثبيت لحقوق الحرية الفردية، وتطوير لمفهومِها الفلسفي، وتطبيقاتها القانونية والتربوية؛ لصالح الوطن والمواطن، دون الحاجة إلى استيراد أجندات خارجية لها خلفياتها، وسياقاتها المعروفة". وذكر نصّ العريضة أنّ "وطننا بلد إسلامي، كان، ولا يزال، وسيبقى بإذن الله منارة شامخة في طريق الدّلالة على الإسلام المعتدل المنفتح، الذي يرفض التطرف بكل أشكاله: تطرف الغلو والمبالغة، وتطرف الإباحية والتحلل الأخلاقي، الذي تمثل هذه السلوكيات أحد أبرز تمظهراتِه". ورفضت المؤسسة، التي أعطت انطلاقة العريضة، ما أسمته ب"الدعوات الخارجة عن القانون، والشاذة عن الأخلاق العامة للمغاربة"، واعتبرتها "خطرا يزيد من معاناة الأسرة، وتفكك المجتمع"، مشدّدة على أنّها "لا تعبّر عن احتياجات المجتمع، بقدر ما تخدم أجندات تفرض على الشعوب، في سياق عولمة متوحشة إمبريالية، لا تحترم الشرائع الإلهية، والخصوصيات الوطنية، والقومية". وقالت "مؤسسة مودة للتّنمية الأسرية"، في عريضتها الموجَّهَة إلى "الشّعب المغربي"، إن "التوقيع على العريضة اليوم إعلان عن الرفض التام لما تحاول الفئة القليلة جدا تسويقه، من إباحية وفساد وزنا، تحت مسميات الحريات الفردية والحرية وغيرها". مضيفة: "مستقبل الأجيال المقبلة، في هذا الوطن، رهين بجهودنا اليوم، من أجل هويتنا وقيمنا وأعرافِنا". تجدر الإشارة إلى أنّ النائب البرلماني عمر بلافريج سبق أن وضّح، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أنه يقترح نسخ النّصوص الجنائية التي تعاقب بسجن الأشخاص الراشدين الذين لهم علاقات بالتّراضي مع أشخاص راشدين، في منزلهم مثلا؛ لأن "دور الدّولة ليس هو أن تدخل إلى منازل هؤلاء الناس، وترى ما يفعلون، وتعاقبهم، وترسلهم للسّجن"، مضيفا أن "العلاقات الجنسية في الشارع إخلال بالأخلاق وبالحياء، ويجب المعاقبة عليها"، ويجب "حماية الأطفال والقاصرين" ب"تشديد العقوبات على مغتصبيهم، بما يمكن أن يصل إلى السّجن المؤبَّد"، وهو ما قدّم مقترحات حوله. وقد رافقت، محاكمة الصحافية هاجر الريسوني، التي حصلت على عفو ملكي بعد حكم ابتدائية الرباط بحبسها سنة نافذة، حملة مُعنونَة ب"خارجة على القانون"، تقول: "نحن مواطنات ومواطنون مغاربة، نعترف بأنّنا خارجون على القانون… ونخرق القوانين القديمة كل يوم..."، منتقدة "القوانين الناسفة للحرية، التي تحوَّلَت لأدوات للانتقام السياسي، والشّخصي".