افتتحت "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد" موسمها الاحتجاجي الجديد بالإعلان عن عزمها خوض إضراب إنذاريّ، يومَي 23 و24 أكتوبر الجاري، قصدَ "إسقاط التّوظيف بالتّعاقد والإقامة الجبرية في الجهات"، ومن أجل الإدماج في سلك الوظيفة العمومية لضمان الاستقرار الوظيفي للأساتذة. ربيع الكرعي، عضو لجنة الإعلام الوطنية بتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، قال إنّ التنسيقية عقدت ندوة صحافية ل"استنهاض الفعل النضالي من جديد، وإسقاط التعاقد"، وأضاف في مداخلته بالندوة التي احتضنها مقرّ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالرباط، اليوم الأحد، أنّ "الوزارة الوصية على القطاع تحاول الترويج لترسيم الأساتذة من أجل تغليط الرأي العام، وعملت عبر أكاديميّاتها، خاصة أكاديمية الرباط، على الترويج في الإعلام الرسمي بمناسبة اليوم العالمي للمدرس لتكريم أساتذة تجاوزوا التأهيل المهني، وأضفت على الأمر بهرجة". ورأى الكرعي أنَّ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي ماضية بلا هوادة في تنزيل "هذا المخطط المشؤوم"، موردا: "تقول الوزارة كلاما فضفاضا تفضحه الممارسة، في غياب أُطر مرجعية قانونية يستمد منها النظام الأساسي لأطر الأكاديميات مشروعيته القانونية". وبعد استحضار ظروف "توقيف تمديد الإضراب حفاظا على مصلحة المتعلم"، قال المتحدّث إن أساتذة التعاقد مستمرّون في الاحتجاج لتحقيق مطلب الإدماج منذ تدشين معركتهم النّضالية، وبعد كل التضحيات الجسيمة التي خاضوها، وضمنها تقديمهم شهيدا للمدرسة العمومية مازالوا يطالبون بالتّحقيق في ملابسات استشهاده، من أجل الاستقرار النفسي الذي "لا يتحقّق إلا بالاستقرار الوظيفي، الذي لن يتمَّ دون إسقاط المخطط المشؤوم". ووضّح الكرعي أن سبب الاحتجاجات الجديدة هو ما وجده الأساتذة بعد عودتهم إلى الأقسام، وإنقاذهم الموسم الدراسي السّابق بتكثيف الدروس، من "عدم التِزام بمخرجات الحوارَين مع الوزارة الوصية"، واقتطاعات من أجورهم، اعتبرها "سرقة موصوفة"، وصلت إلى 1200 درهم. وانتقد عضو لجنة الإعلام الوطنية بتنسيقية الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد محاولة الحكومة تنزيل مشروع قانون الإضراب لمنع حق الشغيلة، وإقبار الفعل النّضالي والعمل النّقابي، داعيا إلى "خلق جبهة موحدة لإنقاذ المدرسة العمومية، وإعادة الكرامة للشغيلة العمومية، وللعمال بصفة عامة". وتمسّك المتحدث بالتفاوض "دون تسقيف أو فرض أي حل جزئي"، لأن مطلب التنسيقية هو "الإدماج في سلك الوظيفة العمومية، دون القبول بالحلول الجزئية الترقيعية التي من شأنها تعميق الأزمة وترسيخ التّعاقُد"، على حد تعبيره. وتحدّثت خديجة البكاي، منسقة الأساتذة المتعاقدين بسلا عضو لجنة الإعلام الوطنية، عن "العودة إلى النضال كمقاومة ضد الهجمة الشرسة التي تعرفها المدرسة العمومية"، منتقدة "العاصفة الليبرالية التي ستعصف بكل الخدمات العمومية، وعلى رأسها المدرسة التي يراد تحويلها إلى سلعة لها ثمن، في تنفيذ لتوجيهات المؤسسات الدولية، وخدمات لوبيات الرأسمال الريعي، مع التخبط في عشوائية إدارية ضمن مشروع فاشل يراد به باطل، وخلق عدم استقرار وظيفي في غياب تخطيط ودراسات استباقية". وشدّدت المتدخّلة على أن نظام التعاقد "يكرس الهشاشة لدى فئة واسعة من الأساتذة الذين فرض عليهم، لتخييرهم بين بطالة دائمة مهينة للكرامة الإنسانية وشبيهة بالموت، وبين أن يكونوا موظفين مع وقف التنفيذ". وركّزت المتحدّثة على حرمان الأساتذة المتعاقدين من "الحركة الوطنية"، معتبرة ذلك "تقييدا لحق المواطن في الانتقال داخل ربوع الوطن، وتمييزا سلبيا مخالفا للدستور وللمعايير الدّولية، وتوجها للدولة بتحويل الموظف إلى متعاقدٍ يمكن التخلي عنه في أي لحظة، وهو ما يشكّل تخلّيا من الدولة عن دورها إزاء مواطنيها في قطاعي الصحة والتعليم بالدرجة الأولى". ورأت خديجة البكاي في حرمان الأساتذة المتعاقدين من "الحركة الوطنية" للسّنة الرابعة، فرضا ل"إقامة جبرية عليهم بالجهات"، قائلة: "تُفرضُ علينا الإقامة الجبرية بقانون لا إنساني تحكمه الجهوية، يحرم من الأسرة ودفء العائلة، ويحتاج معه الأستاذ والأستاذة إلى قطع آلاف الكيلومترات لرؤية أبنائهما"، قبل أن تستدرك بالقول: "نحن مع الجهوية الموسعة واللاتمركز الإداري شريطة توفير مناصب مالية قارة".