لم يسبق في تاريخ الإدارة المغربية أن احتفل موظفوها بالزغاريد والأهازيج فرحا لإقالة مسؤول ما مثل ما وقع مع حالة عبد المولى عبد المومني، الذي ظل منذ أكثر من عشر سنوات يرأس التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، قبل أن يُطيح به وزير الشغل السابق محمد يتيم، ووزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون. وخلف قرار الإطاحة بعبد المومني من "تعاضدية الموظفين" ارتياحا عاما لدى جميع النقابيين والمدافعين عن المال العام وموظفي وزارة الشغل، الذين احتفلوا بخلع رئيس ظل محميا من قبل العديد من الوزراء الذين تعاقبوا على وزارتي التشغيل والمالية. وحتى النقابات التي جرت العادة أن تقف ضد قرار الإدارة المركزية، نظمت وقفات احتجاجية بالرباط للتعبير عن ارتياح عارم يسود الشغيلة بعد قرار خلع "الطاغية"، داعين إلى إحالة "جرائم الفساد وتبديد أموال الدولة وتهم التحرش الجنسي بالمستخدمات على القضاء". حجم الاختلالات والتجاوزات المسجلة في التسيير الإداري والمالي للتعاضدية دليل على حجم الفساد الذي ينخر جسم المؤسسات التابعة للدولة، بل منها من يسيء إلى صورة المغرب في الاتحاد الإفريقي للتعاضد والجمعية الدولية للتعاضد، وفق معطيات وزارة الشغل. مغرب اليوم لم يعد يقبل بعملية البيع والشراء في أموال منخرطي التعاضديات التابعة للمؤسسات الحكومية أو تبادل المصالح بين المسؤولين والنقابيين، في ظل الحديث عن وجود شبهات فساد بين أحد وزراء التشغيل السابقين ورئيس التعاضدية "المخلوع". الرسائل الملكية في افتتاح الدورة البرلمانية كانت واضحة مؤكدة أن المرحلة الجديدة لا تحتمل أي تهاون في العمل أو القيام بأي اختلالات و"لا مجال هنا للتهرب من المسؤولية، في ظل التطبيق الصارم لربط المسؤولية بالمحاسبة". المعطيات المثيرة الصادرة عن وزارة الشغل والفعاليات النقابية تبقى فقط جزءا من ملفات عبد المومني، الرجل الذي حطم أرقاما قياسية في "الحط من الكرامة والتعذيب النفسي والمادي لموظفي التعاضدية"، وهي كافية لتقود "الرئيس المخلوع" إلى أسفل سافلين في بورصة هسبريس.