مرسوم جديد ينظم وضعية الملحقين العلميين بوزارة الصحة    مصرع طفل مغربي في هجوم نفذه أفغاني بألمانيا    وثائق مشبوهة ومبالغ مالية تقود إلى توقيف "محام مزور" في فاس    لحجمري: عطاء الراحل عباس الجراري واضح في العلم والتأصيل الثقافي    الدوحة..انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان (كتارا) لآلة العود بمشاركة مغربية    تفشي فيروس الحصبة يطلق مطالبة بإعلان "الطوارئ الصحية" في المغرب    أغلبها بالشمال.. السلطات تنشر حصيلة إحباط عمليات الهجرة نحو أوروبا    المغرب يستلم 36 شخصا من الجزائر عبر المعبر الحدودي زوج بغال    حموشي يؤشر على تعيين مسؤولين جدد بشفشاون    هل فبركت المخابرات الجزائرية عملية اختطاف السائح الإسباني؟    مانشستر سيتي يتعاقد مع المصري عمر مرموش حتى 2029    مدارس طنجة تتعافى من بوحمرون وسط دعوات بالإقبال على التلقيح    المغرب يلغي الساعة الإضافية في هذا التاريخ    خلاف حول التعدد ينتهي بجريمة قتل امرأة بالجديدة    كأس أمم إفريقيا- المغرب 2025.. إجراء عملية سحب القرعة بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    حادث سير يخلف 3 قتلى في تنغير    المغرب الفاسي يعين أكرم الروماني مدرباً للفريق خلفا للإيطالي أرينا    المغرب وموريتانيا يعززان التعاون الطاقي في ظل التوتر الإقليمي مع الجزائر: مشروع الربط الكهربائي ينفتح على آفاق جديدة    تعرف على فيروس داء الحصبة "بوحمرون" الذي ينتشر في المغرب    مؤشر "مازي" يسجل تقدما في تداولات بورصة الدار البيضاء    المغرب يقترب من إتمام طريق استراتيجي يربط السمارة بموريتانيا: ممر جديد يعزز التعاون الأمني والاقتصادي    أبطال أوروبا.. فوز مثير ل"PSG" واستعراض الريال وانهيار البايرن وعبور الإنتر    دوري لبنان لكرة القدم يحاول التخلص من مخلفات الحرب    ريال مدريد يجني 1,5 ملايير يورو    مساعد مدير صحيفة لافان غوارديا الاسبانية يكتب: ترامب سيفتح قنصلية أمريكية بالداخلة وفرنسا كذلك    ترامب يعيد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية    تجديد ‬التأكيد ‬على ‬ثوابت ‬حزب ‬الاستقلال ‬وتشبثه ‬بالقيم ‬الدينية    أخطار صحية بالجملة تتربص بالمشتغلين في الفترة الليلية    إوجين يُونيسكُو ومسرح اللاّمَعقُول هل كان كاتباً عبثيّاً حقّاً ؟    مشروع الميناء الجاف "Agadir Atlantic Hub" بجماعة الدراركة يعزز التنمية الاقتصادية في جهة سوس ماسة    بوروسيا دورتموند يتخلى عن خدمات مدربه نوري شاهين    الدار البيضاء ضمن أكثر المدن أمانا في إفريقيا لعام 2025    إحالة قضية الرئيس يول إلى النيابة العامة بكوريا الجنوبية    هذا ما تتميز به غرينلاند التي يرغب ترامب في شرائها    مؤسسة بلجيكية تطالب السلطات الإسبانية باعتقال ضابط إسرائيلي متهم بارتكاب جرائم حرب    إسرائيل تقتل فلسطينيين غرب جنين    نقابات الصحة ترفع شعار التصعيد في وجه "التهراوي"    احتجاجات تحجب التواصل الاجتماعي في جنوب السودان    باريس سان جيرمان ينعش آماله في أبطال أوروبا بعد ريمونتدا مثيرة في شباك مانشستر سيتي    دعوة وزيرة السياحة البنمية لزيارة الداخلة: خطوة نحو شراكة سياحية قوية    الأشعري يدعو إلى "المصالحة اللغوية" عند التنصيب عضواً بالأكاديمية    منظمة التجارة العالمية تسلط الضوء على تطور صناعة الطيران في المغرب    عامل نظافة يتعرض لاعتداء عنيف في طنجة    فوضى حراس السيارات في طنجة: الأمن مطالب بتدخل عاجل بعد تعليمات والي الجهة    طنجة المتوسط يعزز ريادته في البحر الأبيض المتوسط ويتخطى حاجز 10 ملايين حاوية خلال سنة 2024    حادثة مروعة بمسنانة: مصرع شاب وإيقاف سائق سيارة حاول الفرار    في الحاجة إلى ثورة ثقافية تقوم على حب الوطن وخدمته    نحن وترامب: (2) تبادل التاريخ ووثائق اعتماد …المستقبل    الإفراط في تناول اللحوم الحمراء يزيد من مخاطر تدهور الوظائف العقلية ب16 في المائة    سناء عكرود تشوّق جمهورها بطرح فيديو ترويجي لفيلمها السينمائي الجديد "الوَصايا"    Candlelight تُقدم حفلاتها الموسيقية الفريدة في طنجة لأول مرة    الشاي.. كيف تجاوز كونه مشروبًا ليصبح رمزًا ثقافيًا عميقًا يعكس قيم الضيافة، والتواصل، والوحدة في المغرب    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزواج ليس مستحيلا ولكنه صعب للغاية
نشر في هسبريس يوم 30 - 01 - 2008

لا أعرف لماذا عندما نتحدث عن الزواج نحصره دائما في مراسيم الخطوبة وحفل الزفاف ، وكأن الزواج ليس سوى لحظة يتبادل فيها الخاطب مع خطيبته خاتمي الخطوبة وحفلا يجتمع فيه المدعوون من أجل الأكل والغناء وينتهي الأمر .
والحال أن الزواج الفعلي لا يبدأ إلا بعد انتهاء حفل الزفاف ، أي عندما ينصرف جميع الضيوف وينصرف أفراد عائلة العروسة وتبقى هذه الأخيرة لوحدها بجانب زوجها وأفراد عائلته . وهنا ... أراك للمشاكل !
الذين يقولون بأن غلاء المهور هو السبب الرئيسي الذي يجعل الشباب المغربي عازفا عن الزواج واهمون ، ففي كثير من البوادي المغربية ما زال الصداق الذي يتم دفعه للفتاة لا يتعدى ألف درهم أو ألفين ، ومع ذلك ما كاينش اللي يفكر فالزواج ! وأعرف صديقا تزوج في الصيف الماضي بفتاة من القرية التي ينحدر منها لم يتجاوز مبلغ المهر الذي دفعه لها – أو لوالدها على الأرجح - ألف درهم وبالتقسيط ! بمعنى أنه دفع خمسمائة درهم في الأول ودفع الباقي بعد شهور من الزواج .
إذن مشكل الصداق ليس مطروحا في المغرب ، وليس سببا في عزوف الشباب عن الزواج ، قد يكون الأغنياء فقط من يطلبون مهورا بقيمة غالية من أجل التباهي ، لكن يجب علينا أن لا ننسى أن بنات الأغنياء لا يتزوجهن إلا أبناء الأثرياء ، وفي هذه الحالة أيضا لا يعتبر الصداق مانعا من الزواج .
فأين هو المشكل إذن ؟ ولماذا لم نعد نرى حفلات الزفاف في الصيف بتلك الكثرة التي كنا نراها بها إلى حدود أواخر القرن الماضي ؟
السبب الرئيسي في نظري هو أن الوقت تغيرت ، نحو الأسوأ بطبيعة الحال ، ويكفي أن تذهب إلى السوق في نهاية الأسبوع لتكتشف بأن القدرة الشرائية الضعيفة للمواطن المغربي هي التي تجعل شباب اليوم ينظرون إلى الزواج بنظرة مليئة بالخوف والتوجس ، ويكفي أيضا أن تلقي بنظرة خاطفة من حولك لترى كيف أن أصدقاءك ومعارفك وأبناء الحي الذين قضوا سنوات طويلة في الدراسة ما زالوا عاطلين عن العمل رغم أن أعمار كثير منهم تقف على مشارف الأربعين . هم لا زالوا عالة على أسرهم فكيف لهم أن يفكروا في الزواج.
وحتى الذين استطاعوا الدخول إلى سوق الشغل أغلبهم لا تكفيه أجرته الشهرية الضئيلة حتى لقضاء حاجياته الضرورية ، فكيف له أن يفتح بيتا للزوجية . وحتى الذين يشتغلون بوثائق رسمية ومنخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور الذي يمنحهم قانون الشغل 1700 درهم . فهل بمثل هذا الراتب الهزيل تستطيع أن تكون أسرة بمتطلبات كثيرة ؟ مستحيل .
قد يقول البعض بأن الشباب كانوا قبل 15 سنة وحتى حدود نهاية التسعينات من القرن الماضي يتزوجون بكثرة رغم أن ظروفهم المادية لم تكن أفضل مما هو متوفر لشباب اليوم ، وهذا صحيح ، لكن الذي يجب أخذه بعين الاعتبار هو أن في ذلك الوقت الذي ليس بعيدا لم يكن الغلاء الذي استفحل اليوم بشكل مخيف موجودا . ففي ظرف سنوات قليلة جدا تضاعفت أثمان المواد الضرورية للحياة مرات كثيرة ، لكن أجور العمال والمستخدمين لم تتزحزح من مكانها ولو لمرة واحدة ، وهنا تكمن المشكلة .
لتر واحد من زيت الزيتون كان ثمنه قبل ثلاث سنوات فقط لا يتعدى خمسة وعشرين درهما ، اليوم وصل ثمنه إلى خمسين درهما ، وكيلوغرام من اللحم أصبح اليوم في حدود سبعين درهما بعدما كان قبل سنوات قليلة في حدود خمسة وأربعين درهما أو أقل ، وعندما تذهب إلى أي ضيعة فلاحية أو ورش للبناء ستجد أن العمال يشتغلون بأجور يومية لا تتعدى أربعين أو خمسين درهما ، وهي نفس الأجور التي كانت متداولة في تسعينيات القرن الماضي . حتى أن الناس اليوم أصبح كل من يستطع أن يعيش بالضروريات فقط محظوظا ، أما الكماليات فلم يعد المغاربة يحققونها إلا في الأحلام . نتحدث هنا فقط عن ضروريات العيش ، أما السكن والتطبيب والسفر فتلك قضية أخرى .
هنا إذن يكمن المشكل الأكبر ، فلو كانت رواتب العمال والمستخدمين والموظفين تتضاعف مثلما تتضاعف أثمنة ضروريات الحياة لكان باستطاعة الشباب أن يتزوجوا بكل يسر ، ودون خوف من المستقبل . وإذا بقيت الأمور معوجة هكذا فإن الوحيدين الذين سيكون بإمكانهم أن يتزوجوا هم المهاجرون المقيمون في الخارج ، أما أولاد البلاد فلهم الصبر . واللي ما بغاش يصبر يصوم !
وعندما نعود لتناول موضوع الزواج من الناحية الدينية سنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان واضحا عندما وجه نداءه للشباب قائلا : " يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " . بمعنى أن الزواج مسؤولية عظيمة جدا ، وتقتضي من الإنسان أن يكون مستعدا بما فيه الكفاية لتحملها بكل جد . ماشي غير جي وتزوج .
وقبل أيام كنت قد تابعت برنامجا إذاعيا يناقش تحديدا موضوع العزوف عن الزواج . الذي أثارني من خلال تدخل المستمعين هو أن الجميع تقريبا متفق على أن متطلبات الفتاة المغربية أصبحت اليوم لا تطاق ، وهذا بطبيعة الحال ليس صحيحا . أحدهم لم يخجل من نفسه وقال بأنه عندما تقدم لطلب يد إحدى الفتيات كان أول ما سألته عنه هو : "واش خدام ؟ " ، هذا الشاب لم يعجبه أن تطرح عليه تلك الفتاة هذا السؤال المحرج .
وقد أعجبني كثيرا ما قالته إحدى قارئات "هسبريس" عندما كتبت تعليقا حول الموضوع الذي كتبه الصديق يوسف كرمي عن الزواج قائلة : "واش بغيتونا نعيشوا بالما ؟" . عندها الحق .
وشخصيا أرى أن من حق الفتاة أن تسأل خطيبها إن كان يعمل أم لا ، بل هذا ضروري ، ومن حقها – وهذا ضروري أيضا – أن تسأله إن كان يستطيع تحمل مسؤولية تسيير بيت الزوجية . هادي أسيدي راه مسؤولية ماشي لعب الدراري .
وعموما يمكن القول بأن المشكل ليس في مبلغ المهر ومصاريف حفل الزفاف ، بل في متطلبات الحياة التي لا تنتهي ، والتي تجعل الشباب يفكرون ألف مرة ومرة قبل أن يقدموا على إكمال "النصف الثاني " لدينهم . المشكل هو أن الذين لم تسعفهم الظروف على إكمال نصف دينهم لا يصومون كما نصح الرسول الكريم أمته ، وإنما يفطرون بين فينة وأخرى بالحرام !
الحاصول أن الزواج ليس مستحيلا ، ولكنه صعب ...صعب للغاية !
almassae.maktoobblog.com

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.