يواصل العشرات من التلاميذ وآباء وأولياء تلامذة دوار تنكارف بجماعة بوتفردة الواقعة على بعد حوالي 90 كيلومترا من عاصمة جهة بني ملالخنيفرة احتجاجاتهم، منذ الأحد الماضي، من أجل إحداث نواة إعدادية بالدوار. ويطالب المحتجون الذين أقاموا خيمة للاعتصام أمام مدرسة تنكارف الجماعاتية قبل أن يتم نزعها من السلطات الإقليمية والوزارة الوصية عن القطاع، بالتدخل لرفع الحيف و"الحكرة" الناتجتين عن غياب مؤسسة تعليمية كفيلة بالحد من الهدرالمدرسي، ووقْف كل أشكال المعاناة التي تطال التلاميذ الراغبين في متابعة دراستهم بالمستوى الإعدادي. وأوضح يوسف الزيتوني، الطالب بجامعة السلطان مولاي سليمان ببني ملال، ابن البلدة، أن المحتجين عادوا للاحتجاج منذ يوم الأحد من أجل إحداث نواة إعدادية، دون أن تتفاعل الجهات المعنية بالقطاع مع مطلبهم، وذكر أن التواصل الوحيد الذي جرى خلال هذه الفترة هو نزع خيمة كان المحتجون يحتمون بها من البرد أثناء تواجدهم بالمعتصم في الليل. وأضاف المتحدث ذاته أن المتظاهرين يناشدون السلطات المحلية التدخل لضمان "تعلّم يسير" للمتعلمين بالمستوى الإعدادي، الذين ضاقوا وضاقت أسرهم من مصاريف التنقل إلى بوتفردة، ومن "سير واجي" إلى مؤسسة تعليمية تبعد عنهم بحوالي 60 كيلومترا، وتحتاج إلى مصاريف باهظة من أجل أن يواصل كل واحد منهم مشواره الدراسي.. وأبرز الزيتوني أن دوار تنكارف، بحكم وضعه المتشظي الناتج عن الإقصاء والتهميش، وبالنظر إلى ضعف مدخول فئاته الهشة، لم يسبق لتلميذ منحدر منه أن تخرج في وظيفة عمومية منذ حوالي 1983، باستثناء تلامذة لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، كان قد حالفهم الحظ للولوج إلى القوات المسلحة وإلى مهنة عون سلطة. وكشف أوشريف مصطفى، عضو جمعية آباء وأولياء التلاميذ، عن خطورة الوضع، خاصة خلال فترة الشتاء ومواسم "الجريحة"، إذ يكون التلاميذ عرضة للبرد القارس، في غياب وسائل النقل العمومي، وزاد: "والأسوأ من ذلك حينما تنقطع الصلة مع المحيط نتيجة تساقط كميات كبيرة من الثلوج لمدة قد تصل إلى أربعة شهور". وتساءل الصافي إخلف، القاطن بالدوار، عن مآل العشرات من التلاميذ الذين انقطعوا عن الدراسة، وهو واحد منهم، في ظل هذا الواقع الموسوم بالإقصاء والتهميش، وفي ظل الوضع الهش لحوالي 300 أسرة "تحارب الزمن" بالبحث في أعماق الجبل عن بضعة كيلوغرامات من الملح، الذي يتهاوى ثمنه عاما بعد الآخر، إذ لا توفر 50 كيلوغراما منه- يقول- سوى 20 درهما. وقال إخلف إن الساكنة مصرة على أن تواصل احتجاجاتها إلى حين إيجاد حل لعشرات التلاميذ الذين توقفوا عن الدراسة للأسباب المذكورة، مذكرا بأن تلاميذ المستوى الابتدائي دخلوا بدورهم في هذا الشكل الاحتجاجي، تعبيرا منهم عن أنه لا غاية من تعلم أو دراسة بدون أفق واضح. يشار إلى أن المديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية ببني ملال كانت قد أوضحت أن إحداث مؤسسة تعليمية بدوار تنكارف بجماعة بوتفردة غير ممكن التحقق في الوقت الراهن، لإكراهات مرتبطة أساسا بمعطيات الخريطة المدرسية في علاقتها بالمعطيات الديمغرافية وتطور أعداد المتمدرسين. وأوردت المديرية سالفة الذكر أن عدد التلاميذ المنتقلين من السنة السادسة ابتدائي إلى السنة الأولى ثانوي إعدادي لا يتجاوز 54 تلميذا خلال الموسم الدراسي 2018-2019، وهو المعدل السنوي على امتداد السنوات السابقة؛ في حين يتطلب إحداث مؤسسة ثانوية إعدادية كحد أدنى 120 تلميذا، وهو ما كان موضوع توضيح للآباء والأولياء خلال لقاءين سابقين، الأول بتاريخ 24/06/2019 والثاني بتاريخ 16/09/2019. وأضافت المديرية أن الاستعمال الأمثل للموارد البشرية المتوفرة يتعذر معه تخصيص على الأقل 8 مدرسين لتدريس المواد الأساسية المقررة في التعليم الثانوي الإعدادي في الحالات التي تعرف عددا قليلا من التلاميذ (أقل من 60 تلميذا)، وأن بُعد إعدادية بوتفردة بحوالي 40 كلم عن المدرسة الجماعاتية تنكارف يستبعد إمكانية اشتغال الأساتذة بالمؤسستين معا، وأن المديرية الإقليمية توفر لجميع التلاميذ الناجحين بالمنطقة إمكانية الاستفادة من خدمات القسم الداخلي لثانوية بوتفردة الإعدادية الموجودة بتراب الجماعة التي تنتمي إليها دواوير تنكارف وتغازوت وتزكاغ.