وسط تصاعد التوتر بين لندنوبروكسل حول "بريكست"، يتهم رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بصب الزيت على النار من خلال انتهاج خطاب مزدوج مع تسريبات منظمة جدا لأغراض انتخابية. ووفقا للنهج الرسمي، يبذل الزعيم المحافظ كافة الجهود لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر مع اتفاق، لكنه مستعد ل"بريكست دون اتفاق" في حال عدم التوصل إلى تسوية استنادا إلى الخطة التي أرسلها الأسبوع الماضي. لكن وفقا للتسريبات التي كشفها مكتبه للإعلام، لا تفضي المفاوضات الحالية مع بروكسل إلى نتيجة بسبب تعنت الأوروبيين، وفي مقدمتهم ألمانيا وإيرلندا. والأجواء المشحونة أصلا مع اقتراب استحقاق "بريكست" ازدادت توترا بعد كشف هذه التسريبات على مرحلتين. مساء الإثنين، اتهم مصدر في رسالة نصية طويلة نشرت على موقع مجلة "ذا سبيكتايتور" المحافظ والمشكك بأوروبا، رئيس الوزراء الإيرلندي، ليو فارادكار، بالتخلي عن وعود سابقة حول القسم الأصعب في المفاوضات، هي الحدود الإيرلندية. والمشهد مختلف تماما واللهجة أقل حدة بعد ساعات في التقرير الرسمي للمحادثة الهاتفية بين جونسون وفارادكار، الذي أكد أن المسؤوليْن "شددا بقوة على الرغبة في التوصل إلى اتفاق". والنص الذي نشرته المجلة ذهب إلى حد التهديد بالثأر من الدول التي تسعى إلى منعه من الخروج من الاتحاد الأوروبي في ال 31 من الشهر الجاري كما وعد، ما أثار انتقادات حتى داخل الحكومة. ورأى كثيرون في ذلك بصمة مستشار جونسون الخاص المثير للجدل، دومينيك كامينغز، الذي كان وراء فوز "نعم" في الاستفتاء حول "بريكست" في 2016. أما الثلاثاء، بعد الاتصال الهاتفي الصعب بين جونسون وأنغيلا ميركل، يبدو أن التقرير الذي نشرته مصادر مجهولة ووسائل إعلام بريطانية خرق البروتوكول الدبلوماسي من خلال كشف تصريحات المستشارة الألمانية المتهمة بتشديد موقفها، ما جعل التوصل إلى اتفاق "شبه مستحيل". وشدد مكتب ميركل على أن موقفها لم يتغير، في حين أكد دبلوماسيون أوروبيون على الفارق بين مقاربة الاتحاد الأوروبي الشفافة وتلك الغامضة التي تنتهجها لندن. واتهم رئيس مجلس أوروبا، دونالد توسك، المعروف بصراحته، جونسون بلعب "لعبة اللوم السخيفة" التي تهدد "مستقبل أوروبا". انتخابات في الأفق بعيدا عن تصريحات مستشارين، اعتبرت هذه التسريبات أنها تندرج ضمن خطة منظمة حيال إمكانية فشل المفاوضات الجارية في بروكسل التي باتت أكثر ترجيحا. وهناك أيضا الانتخابات المبكرة في بريطانيا التي تلوح في الأفق. وفي حال العجز عن التوصل إلى اتفاق في 19 من الشهر الجاري، سيرغم جونسون على أن يطلب من القادة الأوروبيين ال27 تأجيلا بموجب قانون تبناه النواب البريطانيون الشهر الماضي. واستبعد مرارا طلب تأجيل جديد دون أن يفسر أبدا كيف ينوي الالتفاف على القانون. ومع انتخابات مبكرة تعتبرها الطبقة السياسية حتمية في الأشهر المقبلة، سيضطر إلى تبريرها لدى ناخبين غير راضين، وهي مهمة ستكون أسهل بالنسبة إليه لو كانت المسؤوليات في موقع آخر. وقال وزير الخارجية الإيرلندي، سايمون كوفني: "يبدو أن البعض في بريطانيا يولون أهمية أكبر للتحضير للانتخابات التشريعية قبل البحث عن اتفاق". وأكد مصدر في داونينغ ستريت لفرانس برس أن التشديد الناجم عن هذه التسريبات يندرج في "استراتيجية متعمدة" لتحذير القادة الأوروبيين من أن الأمل في أن يلين جونسون موقفه "سيكون خطأ فادحا في قراءة السياسة البريطانية". لكن بحسب تشارلز غرانت، مدير مركز الإصلاح الأوروبي، هذه اللهجة العدائية خطأ. وقال: "هذا النوع من التهديدات العبثية لن يسمح بالحصول على ما تريدون" مع الاتحاد الأوروبي، منتقدا خصوصا تحذير الدول التي ستوافق على تأجيل "بريكست" بأن تعاونها مع بريطانيا، لاسيما الأمني، سيتأثر. *أ.ف.ب